المؤتمر نت - فإما أن يكون قانون الحصانة  واحداً من أركان تسوية سياسية ارتضاها الجميع ، وتمثلت بنقل سلطة ، وتشكيل حكومة ، وعقد مؤتمر حوار ، واعداد دستور، وصولا لاجراء انتخابات تنهي المرحلة.. أو أن يكون  باطلاً وما ترتب عليه بعد ذلك باطل في باطل
جميل الجعــدبي -
دستور (عائلي ) لحكم غير رشيد ..!
*سيكون لدينا إذا ما أدرجت مخرجات فريق الحكم الرشيد بمؤتمر الحوار ضمن الدستور المعتزم إعداده وتم الاستفتاء عليه شعبياً ، فانه سيكون لدينا أغرب دستور في العالم يصادر حقوق شريحتين اجتماعيتين لا تكاد تخلو أسرة يمنية إلا ويوجد واحد من أفرادها أما منتسب للمؤسسة العسكرية والأمنية، أوضمن مواليد الخارج والمغتربين (متزوجة / متزوج من اجنبية ) وليس بخاف على أحد تميز هذه الفئة (عائلة المبدعين المهاجرين) في الخارج في جميع المجالات العلمية .. وسيكون الدستور المرتقب أول دستور من نوعه في العالم يلتف على التعددية السياسية ويصادر جوهر العمل الديمقراطي السياسي المدني بوضعه اشتراطات على من يرشح أو يعين لمنصب رؤساء الأحزاب والتنظيمات السياسية .!

*الأصل أن الدساتير توضع لتنظيم العلاقة بين الحاكم والمحكوم وتكفل حق المحكوم في حرية اختيار من يراه هو مناسباً لتمثيله سواء في المجالس الرسمية المنتخبة أو في رئاسة الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني أو رئاسة الفصول الدراسية.. لا أن تقوم الدساتير بمصادرة هذا الحق والاختيار بدلاً عن الناخب بمجموعة من الشروط التي تتعارض مع أبسط مبادئ حقوق الإنسان والعهود والمواثيق الدولية ومبادئ الحكم الرشيد.

*إما أن يكون مؤتمر الحوار الوطني ومخرجاته بما في ذلك مضامين الدستور الجديد محطة لطي صفحات الماضي ، على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، والتأسيس لعقد اجتماعي جديد خالي من شوائب الماضي وقائم على العدالة والمساواة، أو أن تترك مهمة إعداد الدستور للأجيال اللاحقة ، وعلى فقهاء الحكم الرشيد ومؤتمر الحوار الوطني معالجة مشاكلهم وتصفية حساباتهم وقضاياهم الشخصية، بدلاً من توريثها للأجيال اللاحقة واستجرار أزماتهم إلى داخل وثيقة بحجم دستور..!

يقول الدكتور احمد عوض بن مبارك أمين عام مؤتمر الحوار إن"النص البديل يتجه نحو المستقبل أكثر مما يتجه نحو الماضي" ..ولو كان كذلك لأغلق النص ملفات الماضي يادكتور أحمد وليس استجرارها في عبارات مطاطية كتعميم شروط من يترشح للمناصب العليا في الدولة على "كل المناصب القيادية والسياسية في الدولة"، إذ أن هذه الجملة المفخخة كفيلة لوحدها بديمومة الصراعات واختلاق ألف مشكله ومشكلة ، ونسف الحاضر والمستقبل برمته، عوضاً عن كونها تتعارض جملة وتفصيلاً مع قوانين الخدمة المدنية والوظيفة العامة، وقوانين الأحزاب التنظيمات السياسية وقوانين الانتخابات.

*أخطر مافي الفقرة(11) أنها تتضمن استعداء مباشر لمن يقدمون دماءهم وأرواحهم فداء لأوطانهم في المؤسسة العسكرية والأمنية ،وهو استهداف غير بعيد عن المخططات الخارجية الرامية لتفتيت وإضعاف مؤسسات الجيش والقضاء في بلدان ما سمي بالربيع العربي واحلال المليشيات المسلحة محلها، عوضاً عن كونه إقصاء غير مبرر يتعارض حتى مع حق المواطنة والعدالة ومبادئ الحكم الرشيد، ويوحي بنوع من العقاب على منتسبي المؤسستين العسكرية والامنية الأمر، الذي يفتح ابواب الانقلابات العسكرية على مصراعيها كوسيلة فعالة للوصول إلى السلطة .
والأصل في من يترشح للمناصب العليا وهو منتسب للقوات المسلحة أن لا يستغل وظيفته العسكرية -قبل تقديم استقالته- لخدمة دعايته الانتخابية والتأثير على منافسيه وهي إجراءات وضوابط يحددها قانون الانتخابات ويمكن للدستور الجديد التشديد عليها .

* الفقرة (15) في مجموعة الشروط تقول "أن لا يمارس عملاً تجارياً أثناء تولية المنصب " وهى فقرة غريبة المضمون ومريبة تشمل قطاع هام وحيوي وفعال وربما انها خصصت لاقصاء ( عائلات تجارية).. فمن الطبيعي للمناصب القيادية العليا أن لا يجد من يرشح او يعين لهذه وقتاً لممارسة العمل التجاري.. وبالنظر لبقية الفئات المشمولة بالاشتراطات فالافضل أن يشجع الدستور رجال المال والأعمال على الانخراط في الحياة السياسية وعلى التنافس البرامجي والتنمية السياسية ، فاستقرار الحياة السياسية يعزز فرض تحقيق التنمية الاقتصادية ، وكلاهما مكملان لبعض.. وما يعني المواطن في هذه الفقرة هو الضوابط التي تمنع من يترشح أو يعين في هذا المناصب من استغلال منصبة للحصول مثلاً على اعفاءات ضريبية لشركته ، أو ابرام عقود وصفقات تجارية لصالح مجموعته التجارية .. والمتوقع في هذه الفقرة ان يدفع رجال المال والاعمال بشخصيات من خارج القطاع التجاري لهذه المناصب وهو مايعني بقاء هذه الشخصيات مسلوبة القرار ومدينة بالولاء والطاعة لمن جاء بها الى هذه المناصب ،على حساب تجويد ادائها الحكومي العام ، وما اداء حكومة الوفاق عنا ببعيد ..!

*تقول الفقرة (9) أن " لا يكون ممن لا يستطيع القضاء النفاذ إليهم على أية انتهاكات بسبب قيود قانونية تعرقل القضاء" وهذا يتضمن مساساً مباشراً بهيبة السلطة القضائية وتعريض وإضعاف للقضاء المنشود في دولة الحكم الرشيد المنشودة .. فإما أن يكون قانون الحصانة الممنوح واحداً من أركان تسوية سياسية ارتضاها الجميع ، وتمثلت بنقل سلطة ، وتشكيل حكومة ، وعقد مؤتمر حوار ، واعداد دستور، وصولا لاجراء انتخابات تنهي المرحلة.. أو أن يكون قانون الحصانة باطلاً وما ترتب عليه بعد ذلك باطل في باطل بما في ذلك مخرجات مؤتمر الحوار ، فلا الشعب اليمني منحكم حق منح أنفسكم حصانة ، ولا منحكم حق تقاسم السلطة فيما بينكم ، ولا الشعب كلفكم باعداد دستور جديد وخياطته وفق مقاسات عائلية بامتياز..!
[email protected]
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 03-مايو-2024 الساعة: 03:36 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/112968.htm