بقلم-أيوب البحر -
الحوثي.. بدأ بخطأ وانتهى إلى خطيئة..وعلينا الاعتبار
لا يزال حسين الحوثي واتباعه "الشباب المؤمن" يحارب في صعدة، ورغم أن نهاية التمرد باتت وشيكة إلا أن ذلك سيتحقق بأثمان باهظة. فحتى الآن بلغ عدد القتلى والجرحى أكثر من (300) شخص، بعضهم من أفراد الجيش والشرطة، الذين قتلوا وجرحوا في كمائن أو برصاص العناصر في جبال وعرة، خبرة المتمردين فيها أفضل من خبرة رجال الجيش والشرطة، هذه نتيجة سيئة للغاية في بلد ظل ينعم بالاستقرار ولعبت فيه خطة الانتشار الأمني على وضع حد للعمليات الإرهابية تقريباً.
هذه النتيجة السيئة هي ثمرة لبداية خاطئة من أساسها وفي كل تفاصيلها، لقد بدأ الحوثي جذب الأنصار إلى صعدة تحت شعارات مخادعة وتزييف حقيقي للوعي. البداية التي انطلق منها هي أن ما نحن عليه اليوم ليس هو الإسلام. وإذا صدقنا أنفسنا بأننا مسلمون، فإن إسلامنا الحالي لا قيمة له ولا طعم ولا ذوق ولا تأثير. وكما قال: ما نعتقد أنه الإسلام اليوم هو إسلام لاينكر منكراً ولا يعرف معروفاً ولا يحق حقاً ولا يبطل باطلاً، ولا يواجه مبطلاً، ولا كافراً، ولا يغيض عدواً. والمطلوب هو أن نعود إلى الإسلام الصحيح وهو يستدعي انقلاباً كاملاً في كل المفاهيم السائدة.
وهكذا ظل الرجل يغذي العقول بهذا الزيف ويشحن نفوسهم بالغضب على الدنيا، وانتهى الأمر إلى ما هو عليه في جبال مران: إسلامٌ حُوثيٌّ يقتل ويدمر ويعلن صراحةً الخروج على الدستور ويرفض الخضوع للنظام العام ويجاهر بمشروع ينقض ثوابتنا الوطنية والدينية من أساسها.
لقد أوهم الرجل اتباعه عبر خطاب مكثف وتعليم ديني وتدريب مقالي أن عليهم أن يحملوا الإسلام الجديد ويستعدوا للمعركة ضد اليهود والنصارى وأمريكا، وإسرائيل، لأن هؤلاء يخططون لضرب إيران وحزب الله اللبناني،ويعدون العدة لتدمير الكعبة المشرفة،ومن ثم سيتوجهون ويخططون لإنهائها، وهم لا يخشون "السنية" لأن كل الدول الإسلامية يقودها زعماء سنيون عدا واحدة هي إيران، ويلمح إلى أن "السنية" تتواطأ مع اليهود والنصارى في ضرب الشيعة سواء من خلال نشر الوهابية لطمس الشيعية والزيدية وضربها، أو من خلال تعاون هذه الدول مع أمريكا وإسرائيل لضرب الجهاد باسم مكافحة الإرهاب، وفي الوقت الذي استمرت هذه التعبئة كان الرجل ينظم اتباعه في إطار تنظيمي مؤسسي ويكدس الأسلحة في الأوكار ويحث الناس على إقامة موازنة فيما ينفقون لشراء القوت وما يجب أن يخصصوه لشراء الأسلحة، وقال "إن من يشتري غذاء بألف ريال عليه أن يشتري في نفس الوقت ذخيرة بألف ريال استعداداً لمنازلة أمريكا وإسرائيل، وبالطبع كانت أولى المنازلات الجهادية ضد الشرطة والجيش اليمني. و قبل ذلك وأثناء الإعداد للمعركة الفاصلة مع اليهود والنصارى أو أمريكا وإسرائيل، كان الحوثي واتباعه يخوضون حروباً خفيفة ضد المساجد ودوائر الحكومة في صعدة، ويشيعون في المساجد "الله أكبر" الموت لإسرائيل.. الموت لأمريكا.. اللعنة على اليهود.. النصر للإسلام" وزعم أن المسجد لا يكون مسجداً إسلامياً إلا إذا شاعت فيه هذه الروح وذلك قياساً إلى ما فعله الإمام الخميني لتحويل الحج إلى "حج إسلامي" حيث أمر الحجاج الإيرانيين أن يهتفوا عند الكعبة بالموت لأمريكا وإسرائيل، لكي تبقى مشاعر الكراهية، والبغضاء، والعداوة للنصارى واليهود يقظةً لدى المسلمين، لأن أمريكا والنصارى يحاولون إطفاء هذه البغضاء والكراهية لدى الإنسان المسلم من خلال ما يقدمون للدول العربية، ومنها اليمن، من مشاريع صحية وتعليمية وغيرها.
الآن المعركة التي أعدلها الحوثي صارت معروفة ساحتها، ومعروفة أهدافها ومعروفة نتائجها هنا في اليمن.. ومع ذلك لا يزال بعضهم يدعون بادعاءات مضللة لتشويه الصورة الحقيقية لتلك المعركة لدى المواطنين، من خلال إظهار الحوثي واتباعه كمعتدى عليهم حتى أن أحزاباً في إطار "اللقاء المشترك" لا تزال تصر في بياناتها المتكررة أن "السلطة تخالف الدستور والقانون" عندما تستمر في محاولتها للقضاء على فتنة الحوثي.. لكن هذا مفهوم بالنسبة للذين يعرفون موقف هذه الأحزاب من السلطة.. فهو ظل على الدوام موقفاً يتقاطع مع أي إجراء أو قرار تقوم به السلطة بغض النظر عن سلامة أو عدم سلامة الإجراء والقرار.
إن هذه النتيجة التي وصفناها بالسيئة لم تأت عن اختلاف فجائي في مشروع الحوثي بل إن مشروعه من البداية كان يتم تصميمه وتطويره ليؤدي إلى هذه النتيجة أو أسوأ منها.. فالمشروع الفكري للرجل قام على أسس باطلة ومع ذلك تمكن من إرساء هذه الأسس عبر معاهد للتعليم الديني، وعبر حشد الناس في لقاء دوري داخل صالة أعدت لهذا الغرض،وعبر كراسات وكتب وأشرطة ومنشورات وشعارات، وقد كان المشروع مكلفاً من الناحية المالية وهذا يستدعى إجراء تحقيق حول مصادر تلك الأموال التي أنفقت لمشروع الحوثي، خاصة وأن، المشروع كان بدأ يتجاوز مركزه الأول صعدة إلى محافظة أخرى.
نقول إن الحكومة ليست بعيدة المسئولية عن هذه النتيجة، ومسئوليتها، أنها أخفقت في اكتشاف تنظيم الحوثي في وقت مبكر ومسئوليتها في هذا الجانب أنها لا تتدخل في تنظيم التعليم الديني ومراقبة ما يجري في المعاهد الدينية الخاصة.. إن هناك الآن بعض الجمعيات الخيرية بدأت رسمياً بصورة جمع الأموال وإعادة توزيعها على الفقراء وإذا هي اليوم تحول نشاطها إلى مجال آخر وصار لديها معاهد دينية تابعة لها.. كيف سمعنا بذلك؟ لا ندري .. لكن المهم الآن ألاَّ نسمح، بأي نشاط ديني يؤدي إلى مثل هذه النتيجة المروعة في صعدة وأي نتيجة مشابهة صغيرة او كبيرة..


تمت طباعة الخبر في: السبت, 04-مايو-2024 الساعة: 09:04 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/12054.htm