بقلم-رشاد البخيتي -
المتسولون في زمن الحداثة !!
في لحظة ما، يبدو للمتأمل أن حملة بيارق التسول يحاولون أن لا يتخلفوا عن مواكبة التطور المهني، إذ نجدهم يبذلون كل وسعهم لجعل التكفف وإراقة مياه الكبرياء وعزة النفس وسيلة إثراء منافسة لأية مهنة شريفة، بصرف النظر عن الفارق النوعي في قضايا تتعلق بالشرف وضده.
في السابق كان التسول بدائياً يتناسب مع بدائية المجتمع الذي يتحرك فيه.. ففي السابق كان الشحاذ يمد يده متكففاً قيمة الرغيف أو الدواء معتمداً على ما لديه من قدرات درامية في تمثيل شخصية الذليل البائس الذي تحالفت عليه ارزاء الدهر وتقلباته مضافاً إليها أمراضه أو أمراض عائلته.
هذه الطرق أصبحت اليوم بدائية بعد أن كانت الوسيلة الصالحة للاستخدام في زمن ما قبل الحداثة والإنترنت وثورة المعلومات، ..إننا اليوم أمام اساليب (شحاذية) تواكب آخر ما وصل إليه العالم من تطور.
هل يعقل هذا؟
خذ هذا في الحسبان- إن مهنة التسول أخذت تتطور تصاعدياً ورأسياً متخذة طابع العمل المؤسسي الذي يقوم على أساس الإدارة والتنظيم الهيكلي والموظفين بل وتراتب السلم الوظيفي. وينظر إلى هذا من خلال قيام مؤسسات، مهمتها التسول بالأصالة عن نفسها وبالنيابة عن الفقراء. وعوضاً عن دراما تمثيل شخصية المسكين الذليل في زمن ما قبل التطور، فإن هنالك جمعيات لا تتردد عن إضافة عبارة (خيرية) ، وهي تقوم بكافة مهام استدرار الشفقة والعطف رافعة شعارات كئيبة وباعثة على الشعور بالفجيعة.
ولاشك عزيزي القارئ أن طائفة من تلك الشعارات قد مرت بخاطرك الآن مضافاً إليها صور كثيرة لمرضى وذوي عاهات وأطفال ينتحبون..
ولكن خذ أيضاً هذا الشعار المفزع الذي تستخدمه أكثر من جمعية ثم قل رأيك (فقراء بلا غذاء وأمراض بلا دواء، وشباب بلا زواج، وصلاة بالعراء، ويتامى بلا كسوة، عيد، وحقيبة
مدرسية و و و..) والكثير من العبارات التي تبعث الحزن والقرف في وقت واحد.
هذا الانهيار المدمر لما أشادته المجتمعات الإنسانية من قيم تحفظ تماسكها، أصبح اليوم بؤرة خطر تتهدد المجتمعات بعد أن تحولت ظاهرة التسول إلى سلوك إجرامي أخذ يجرف في طريقه الضال فلذات الأكباد.
حسناً، إنني أعني بذلك ظاهرة تهريب الأطفال من بلد إلى بلد آخر لأغراض التسول بهم وبالطبع ستظل الجريمة نفسها حتى لو تم التسول في بلد المنشأ!!.
وبصفتي يمنياً مهاجراً تعتريني القشعريرة وأنا أرى أطفالاً من بلدي يجرجرهم النخاسون وتجار المروءات والحى الكثة الخادعة في الشوارع وفي المساجد والمراكز التجارية.. إن أولئك النخاسين هم لعنة العصر التي حلت على بلادنا بل وعلى الإنسانية كافة.
ولا شك أن ما تبذله اليمن من خلال مؤسساتها الدستورية من حملة مكافحة لهذه الظاهرة أمر يستحق الثناء، فقد عكست تلك الجهود ولا سيما التي يبذلها المجلس النيابي أن ثقتنا بالبرلمان كانت بمحلها.
سأقول كلمة أخيرة.. إننا في الجالية اليمنية، التي يتولى قيادتها بنجاح طه محمد نعمان الحميري رئيس الجالية ونائبه عمر يحيى البطاطي نقدر، تقديراً عالياً متابعة الأخ يحيى الراعي نائب رئيس مجلس النواب والأستاذة القديرة أمة العليم السوسوة وزيرة حقوق الإنسان وكل الجهات الأخرى لمكافحة هذه الظاهرة السيئة.
مسئول النشاط الاجتماعي في الجالية اليمنية بالرياض.
تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 06-مايو-2024 الساعة: 03:32 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/13548.htm