المؤتمر نت - الراحل مجاهد ابو شوارب
بقلم: نزار العبادي -
(صقر حاشد) مجاهد ابو شوارب
"إن ما يزيد عن اثنتي عشرة إصابة لتؤكد بسالته التي لا نظير لها، فيما جموع رجال القبائل والمساكين، والسائلين المحتشدين على الدوام خارج منزله بصنعاء تقف شاهداً على كرمه السخي، ولعل كلا الصفتين جعلاه واحداً من أكثر الشخصيات اليمنية احتراماً في مختلف الأرجاء.. فقد عُرف بصراحته المتناهية في النقد والمديح معاً، فكانت تلك الطبيعة الصادقة تبدو غير صالحة لألعاب المراوغة التي تضطلع بها الكثير جداً من الشخصيات السياسية في جميع أنحاء العالم...".
بتلك العبارات وصفت خديجة السلامي – مستشارة اليمن الثقافية بباريس- الشيخ مجاهد أبو شوارب في كتابها "دموع سبأ" وعندما خرج صباح الخميس 18/11 موكب تشييع جثمانه المهيب، يتقدمه رئيس الجمهورية، وجميع أعضاء القيادة السياسية، والشيوخ والديبلوماسيين، وآلاف غفيرة من أبناء الشعب اليمني، كان السؤال الوحيد عند من لم يعرف بعد تفاصيل حياته "رحمه الله" هو : من هو الشيخ مجاهد أبو شوارب!؟
الشيخ مجاهد أبو شوارب – هو احد ابرز مشائخ قبيلة حاشد، من مواليد 1930م في منطقة "خمر" من محافظة عمران.. ألتحق بالعمل الوطني بتأثير من حميد بن حسين الأحمر الذي كان حينها شيخ مشائخ حاشد ثم استشهد مع أبيه برصاص قوات الإمام أحمد.
كما كان أحد الشخصيات السياسية التي لعبت دوراً أساسياً في حركة 13 يونيو بقيادة المقدم إبراهيم الحمدي، الذي اصبح رئيساً للجمهورية فعينه نائباً للقائد العام، ورئيساً للأركان العامة للقوات المسلحة. ثم عزل من منصبه وهو في زيارة رسمية للصين أثناء محاولة الرئيس الحمدي الحد من النفوذ القبلي في السلطة، فأمضى الشيخ مجاهد أعواماً خارج اليمن. ولم يعد إلى البلاد إلا في عهد الرئيس علي عبدالله صالح الذي أسند إليه العديد من المناصب، كان أولها قيادة الجيش الشعبي الذي لعب دوراً في التصدي لعصابات الجبهة الوطنية التي أقامت معسكرات مليشياتها في الشطر الجنوبي وشنت منها حرباً شاملة على مناطق الأطراف في الشطر الشمالي.
ثم اسند له الرئيس علي عبدالله صالح منصب نائب رئيس الوزراء للشئون الداخلية في الحكومات اليمنية الأربع المشكلة في عهده، بدءاً من حكومة مارس 1979م، وانتهاءً بحكومة 31 يوليو 1988م.
كما تقلد نفس المنصب في أول حكومة يمنية تم تشكيلها بعد إعلان الوحدة في 22 مايو 1990م، إذ أنه كان من أشد المتحمسين للوحدة اليمنية، وكذا عرف بانتماءاته القومية حيث انه بعد قيام التعددية الحزبية أصبح أميناً عاماً لحزب البعث العربي الاشتراكي – فرع العراق.
وعندما نشبت الأزمة السياسية خلال الفترة الانتقالية بين الحزب الاشتراكي والمؤتمر الشعبي العام وقف الشيخ مجاهد بقوة في صف وحدة اليمن وأمنها واستقرارها، وبعد توقيع وثيقة العهد والاتفاق في عمان، وعودة "البيض" للاعتكاف ثانية شكل الشيخ مجاهد أبو شوارب بمعية الشيخ سنان أبو لحوم لجنة لإصلاح ذات البين ونزع فتيل الأزمة، وقام بعدة جولات مكوكية بين عدن وصنعاء من أجل الحفاظ على الوحدة اليمنية.
لقد مثل الشيخ مجاهد أبو شوارب رمزاً وطنياً خالداً في ذاكرة اليمن واليمنيين، لأنه طبع بصماته على صفحات تاريخ حافل بالمواقف الوطنية النبيلة المشرفة، والتضحيات البطولية الكبيرة، وبالوعي المسئول بمقتضيات الواجب، وبالإخلاص لشعبه وبلاده.. ومجاهد أبو شوارب كشيخ- أوفى لقيم المشيخة، وأخلاق القبيلة بتراثها العربي الأصيل، فكان شهماً، كريماً، وحكيماً لا يأل جهداً في الصلح بين الناس إلا وبذله،، فقد كان رجلاً يعطي ولا يأخذ غير محبة الآخرين وتقديرهم، وامتنانهم لكل عمل قدمه الشيخ مجاهد أبو شوارب.
رحم الله الشيخ مجاهد.. ففي عام 1970م، وبعد نهاية الحرب في صعدة التقطت له صحيفة لبنانية صورة كبيرة، وبعد مدة أرسلتها له وقد كتبت في أعلاها "صقر حاشد العميد مجاهد أبو شوارب".. وها هي اليمن اليوم تودع "صقر حاشد" إلى مثواه الأخير ولكن الأقلام لن تتوقف عن ذرف الدموع على صفحات التاريخ لتقص على الأجيال بطولات آبائهم وأجدادهم العظماء.. وواحد منهم – صقر حاشد.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 18-أبريل-2024 الساعة: 11:23 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/16587.htm