المؤتمر نت - على مدى أسبوع كامل استنفرت الحكومة المصرية كل أجهزتها سعياً لصد هجوم الجراد المباغت الذي اجتاحت أسرابه أراضيها، وراحت تبيد كل ما يصادفها.. ويبدو أن أسراب الحشرات نجحت في قهر أسراب الطائرات وأسلحتها الكيماوية، لتواصل زحفها إلى العمق الإسرائيلي لتثير هلع جنرالاته الخبيرة بفنون القتل.
إلا أن أنباء جيوش الجراد الجرارة حفّزت بيروت لاستنفار أجهزتها المتخصصة، وكذلك دفعت المملكة العربية السعودية لإعلان جاهزية قواتها لصد هجوم الجراد، فيما التزمت اليمن الصمت كما لو أن الأمر لا يعنيها، أو أن هناك سراً لا تود كشفه قبل الأوان.. فيا ترى ما حقيقة قصة اليمنيين مع الجراد !؟.....
المؤتمرنت- نزار العبادي -
الجَراد يُفزِع العالم.. ويُفْزِعَه اليمنيون
على مدى أسبوع كامل استنفرت الحكومة المصرية كل أجهزتها سعياً لصد هجوم الجراد المباغت الذي اجتاحت أسرابه أراضيها، وراحت تبيد كل ما يصادفها.. ويبدو أن أسراب الحشرات نجحت في قهر أسراب الطائرات وأسلحتها الكيماوية، لتواصل زحفها إلى العمق الإسرائيلي لتثير هلع جنرالاته الخبيرة بفنون القتل.
إلا أن أنباء جيوش الجراد الجرارة حفّزت بيروت لاستنفار أجهزتها المتخصصة، وكذلك دفعت المملكة العربية السعودية لإعلان جاهزية قواتها لصد هجوم الجراد، فيما التزمت اليمن الصمت كما لو أن الأمر لا يعنيها، أو أن هناك سراً لا تود كشفه قبل الأوان.. فيا ترى ما حقيقة قصة اليمنيين مع الجراد !؟
تعد اليمن البلد العربي الوحيد الذي يحتفي شعبه بقدوم أسراب الجراد إلى أراضيه، إذ أن الجراد يمثل للغالبية العظمى من اليمنيين واحدة من ألذ الوجبات الغذائية، التي لا يدخرون جهداً من أجل الحصول على أكبر قدر منها، ولهم في ذلك عادات وتقاليد، وفنون طهي أيضا..
فقد جرت العادة في الأرياف حين يعلم أحدهم بالمكان الذي توجهت إليه أسراب الجراد لتبيت فيه عند حلول المساء، يهرع إلى الأهالي لينقل إليهم البشرى، منادياً بأعلى صوته (وا جراداه.. في مكان كذا)، ويستمر بالدوران بين البيوت معلنا اسم المكان.. فتجهز الأهالي الفوانيس أو مصابيح بطارية (حديثاً)، وأكياس الجونية الفارغة، وتتجمع إلى مكان معلوم ، لتنطلق بعد صلاة العشاء إلى مكان نزول الجراد.
وتحرص أغلب العوائل على المشاركة بأكبر عدد ممكن من أفرادها- رجالاً ونساءً، صغاراً وكباراً- فيسيرون في موكب احتفالي حاملين الفوانيس، ومرددين الأهازيج الشعرية والمغاني ، حتى إذا بلغوا المكان فتحوا أكياسهم، وباشروا بغرف الجراد بأكفهم إلى داخلها، ليعودوا بعد ساعات- قد تمتد حتى الفجر- مُحملين بصيد هائل منه، فتتولى النساء في اليوم التالي تجهيزه للأكل.
ويفضل اليمنيون تناول الجراد بإحدى صورتين: الأولى أن يتم تحميصه بالأفران (التَنّور) دون إضافة أي شيء له باستثناء الملح، أما الطريقة الثانية فهي بتمليحه ثم تركه معرضا للشمس لفترة وجيزة حتى يجف ويتيبس، فلا يتلف عند خزنه لأسابيع أو شهور، وهناك قسم صغير جداً يقوم بغليه بالماء لبضع دقائق فقط، ولكن هذا النوع من الطهي لا يصلح للحفظ ويتوجب تناوله في نفس اليوم، لذلك فهو غير شائع. كما أن بعض الأشخاص قد يُطيِّبون طعمه بشيء من البهارات.
وحين تكون موجة الجراد كبيرة تقوم بعض العوائل ببيعه إلى المحال التجارية (البقالات)، لتتولى الأخيرة بيعه بالتجزئة (بالأنفار) لمن لم يحالفه الحظ في اصطياده.
ونظراً لعلاقة اليمنيين الحميمة بالجراد، نجده يسجل حضوره في التراث الشعبي الشفاهي- كما هو الحال في المغنى القائل: (صيد الجراد من حَمَّة الرِّياشي؟... صيد الكعوب أمّا الجراد ماشي)، وكذلك في المثل الشعبي: (جرادة على مَشفَري ولا بَرْبَري للصِّراب)، و (جرادة لا لُقُف حَوّام)، وأيضاً (أربع جراد شَعِّطيْن الغَرارَة).
فيا لسوء حظ الجراد.. يقطع آلاف الأميال، ويلتهم آلاف الأطنان من المزروعات، حتى إذا ما بلغ اليمن أكله اليمنيون.. أليس هو إحدى (الميِّتَتين) التي أحل الله أكلهما..!
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 24-أبريل-2024 الساعة: 07:40 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/16618.htm