عبر أثير ( جسور الثقافات)

المؤتمر نت - نزار العبادي -
بلنكبرج والإرياني يدعوان المجتمع المدني إلى شراكة
دعا السيد "هانس بلنكبرج" – سفير المملكة الهولندية، ممثل الاتحاد الأوروبي في صنعاء- والدكتور عبد الكريم الإرياني – المستشار السياسي لرئيس الجمهورية، الأمين العام للمؤتمر الشعبي العام- منظمات المجتمع المدني اليمنية إلى التحول نحو العمل الجماعي أو الشبكات ضمن علاقة شراكة وثيقة تؤهلها للقيام بالأدوار المناطة بها على نحو فاعل أكثر من صيغ العمل الفردي التنافسي، معتبران ذلك إحدى الآليات الكفيلة بتوفير فرص دعم أكبر لتلك المنظمات من قبل الدول المانحة، فضلاً عن تعزيز قوة موقعها السياسي داخل الدولة.
فقد ذكر السيد "بلنكبرج" في كلمة ألقاها خلال الملتقى الثاني لمنتدى جسور الثقافات الذي عقد أمس تحت شعار " لنعمل معاً لتفعيل دور منظمات المجتمع المدني في عملية التنمية الشاملة": "إننا ندرك جيداً أن الكثير من المنظمات غير الحكومية في اليمن لا نستطيع في هذه المرحلة أن ندعوها بأنها قوية أو تفي بالغرض"، معللاً ذلك: "لأنها تنقصها الاستراتيجيات الواضحة، والمهارات الإدارية، والقاعدة المالية"، ناصحاً: " ومن أجل خلق حياة مجتمع مدني أكثر تفاعلاً لا بد من المضي قُدماً بمهمة البناء من خلال قدرات كبيرة جداً.
وأضاف مؤكداً: " أن المانحين الدوليين مهتمون بتقديم المساعدة في تعزيز القوة المؤسسية للمجتمع المدني، إلا أنهم قد لا يستطيعون دعم كل المنظمات التي تعمل بصورة انفرادية"، مشيراً إلى: " إن الدعم لقطاع المنظمات غير الحكومية قد يصبح ممكناً أكثر إلى حد كبير فيما لو كانت هذه المنظمات تعمل بشكل مشترك".
وذهب السيد "بلنكبرج" إلى التأكيد على :"إن المجموعات أو الشبكات من المنظمات الأهلية، ممن تعمل مع بعضها البعض بشكل وثيق أكثر مما تجعل نفسها أطراف تنافسية، ستجد أنها تتعامل مع مجموعة المانحين على نحو أسهل بكثير جداً مما هو الحال مع المنظمات التي تعمل انفرادياً. فالمنظمات التي تعمل من واقع شراكة ستجد أنها حظيت بموقع أقوى، حتى على الصعيد السياسي".
وخلص السيد "بلنكبرج" إلى اقتراح إقامة مركز عام (service center) بكوادر مؤهلة جيداً، ومجهز بصورة جيدة أيضاً يكون بمثابة الوسيلة المساعدة على بناء القدرات من خلال عدد واسع من المنظمات الأهلية المتطلعة إلى الانتفاع من هذه الخدمات التي يقدمها المركز.
على صعيد متصل وصف الدكتور عبد الكريم الإرياني – رئيس المنتدى- الذي دار تحت مظلته الحوار الأوروبي مع منظمات المجتمع المدني الشعار الذي تنعقد تحته ندوة الاثنين بمثابة : "دعوة مفتوحة للجميع نحو الشراكة والتعاون والتطوير من أجل التنمية بجميع أشكالها"، موجهاً الدعوة باسم منتدى جسور الثقافات إلى "العمل بخطوات منتظمة ومدروسة نحو تحقيق الأهداف الرئيسية التي أًُنشئ هذا المنتدى من أجلها، وأهم هذه الأهداف هو تحقيق شراكة تواصل مثمر مع منظمات المجتمع المدني بجميع توجهاتها".
وحدد غاية ذلك بـ:"تنمية دور مؤسسات المجتمع المدني كي تكون عنصراً فاعلاً وهاماً في عملية التنمية بكل المعاني التي تحملها نحو بناء المستقبل الواعد الذي يطمح إليه كل فرد، وأسرة، وقرية، داخل محيط المجتمع اليمني الكبير".
كما عبر الدكتور الإرياني عن وجهة نظر خاصة اعتبر فيها أن "منظمات المجتمع المدني هي التي من المفترض أن تمثل آلية العمل نحو الإصلاح المرجو كون التغيير لا يأتي مباشرة من أعلى ولكن من قاعدة الهرم" منوهاً إلى أنه: " في الجمهورية اليمنية نجد المجال مفتوحاً للتعاون والشراكة بين قاعدة الهرم وقمته".
وفي تعلقيه الختامي على محاور النقاش التي اشتملتها الندوة والملاحظات التي أبدتها المنظمات قال الدكتور الإرياني: " إن قضية التأهيل أصبحت الآن عنصراً أساسياً يستدعي تعاون الجميع"، مؤكداً : إن منتدى جسور الثقافات سيتعاون مع جميع منظمات المجتمع المدني، ومع المانحين "لإقامة أبناء بيت صنعاء، ومركز التدريب والتأهيل للمنظمات غير الحكومية، وعقد دورات نوعية لكل مجموعات منظمة في إطار التشابه فيما بينها"، بقصد الوصول إلى عمل مشترك يعزز من قوة هذه المنظمات.
كما أوضح أن الغرض من الندوة التي أقامها منتداه هو "لإجراء التفاعل بين الاتحاد الأوروبي كاتحاد وبين الدول الأعضاء فيه للتعريف بالمنتدى وجمعيات المجتمع لمدني في اليمن".
وأشار الدكتور الإرياني إلى أن ما هو واضح من كل ما تم طرحه من قبل الجمعيات المشاركة هو: " إن هناك مطالب تكاد تكون مشتركة بين الجميع أولها قضية التأهيل والتدريب لكي لا تذهب وسائل الدعم إلى مجموعة محددة، لأنها قادرة على المتابعة والإعداد، وتقديم المشاريع سواء للدعم الحكومي أو لصندوق التنمية الاجتماعية"، منوهاً إلى أن الصندوق" يحظى بدعم دولي لم تحظ به جهة يمنية إطلاقاً، وأنه لا يعمل إلاَّ من خلال الجمعيات ولا يتعامل مع الأفراد" داعياً المنظمات إلى التعرّف على نشاط الصندوق والبحث عن الجديد فيه. كما نوّه: إن اليمن تستطيع من خلال تأهيل منظمات المجتمع المدني أن تحظى على دعم أفضل من غيرها، مؤكداً على أهمية الدور الحالي لتلك المنظمات الذي "ستزداد أهميته في المستقبل".
من جهته أكد علي صالح عبدالله – وكيل وزارة الشئون الاجتماعية والعمل – في تعقيبه على محاور النقاشات لمنظمات المجتمع المدني – ممثلاً بذلك الجانب الحكومي- على أهمية مثل هذه الندوات، مشيراً إلى أن الوزارة استفادت من جميع اللقاءات السابقة، وعملت على معالجة الكثير من الجوانب التي كانت موضع شكوى المنظمات ، ومؤيداً دعوة الشراكة بين الدولة ومنظمات المجتمع المدني ، وبين المنظمات نفسها.
وأشار إلى أن الوزارة لديها حالياً برنامج تدريبي وتأهيلي يستهدف تطوير أداء المنظمات ليواكب تطورات العصر، وأنه معمول به حالياً بالتكامل مع صندوق التنمية الاجتماعية، في الوقت الذي تستكمل الوزارة القوانين واللوائح التشريعية، وستقوم من خلال ورشة عمل قادمة في الثاني عشر من ديسمبر إصدار مجموعة من الأدلة القانونية المالية والإدارية بحيث تصبح وثائق إرشادية للمنظمات، معرجاً على أهم محاور تقرير الندوة الأولى لمنتدى جسور الثقافات، والملاحظات التي تضمنتها ، وما تم عمله بصددها من قبل الوزارة.
يشار إلى أن ندوة منتدى جسور الثقافات مثلت أكبر تظاهرة ديمقراطية تحييها منظمة غير حكومية ، من حيث أولاً الحضور الكبير الذي شاركت فيه أكثر من 60 منظمة غير حكومية إلى جانب عدد كبير من المثقفين والباحثين والاعلاميين ؛ وثانياً عدد المتحدثين في محاور النقاش الذين يتراوح عددهم بحدود الثلاثين متحدثاً تقريباً- وربما أكثر، وثالثاً من حيث حجم القضايا التي تم تداولها ، والتي اشتملت على اطروحات جديدة وموضوعية للغاية ، وأفكار ومقترحات سديدة يتوقع المراقبون أن تسهم بدرجة كبيرة في تحليل مفردات الاشكاليات التي تعترض علاقات منظمات المجتمع المدني ، سواء فيما بينها البين ، أو بينها والدولة ، أو بينها وبين المانحين والعالم الخارجي.
فعلى هامش من ذلك تعرضت بعض المنظمات لطبيعة العلاقة بينها وبين المانحين وأبدت تحفظاً كبيراً من تقديم الدول المانحة لخطط جاهزة تمليها على المنظمات ، معتبرة ذلك إحدى معوقات نجاح العمل. فيما ذهب رأي آخر إلى الاعتقاد بأن المنح الخارجية ولدت مشكلة داخلية بظهور بعض "المرتزقين"-على حد تعبير المتحدث- الذين لايخلصون الجهد لبلدهم ، ويسعون لجني الفوائد وحسب.
وهناك أيضاً من وصف الحالة بأنها " عولمة احتياجات" مادامت خاضعة لانتقائية الدول المانحة ، مبدين تذمراً من رفض عدد من المشاريع التي يقدمونها بدعوى أنها "out of score" !
إلاّ أن البعض إنتقد المنظمات نفسها كونها تضع لنفسها " قائمة سوداء " ببعض الجهات التي لاترغب التعامل معها ، رغم أهمية تلك الجهات ، وتأثيرها على مستقبل العمل الأهلي.
كما تعرض النقاش عبر أثير منتدى جسور الثقافات إلى الاشكالية بين المنظمات المسجلة ، التي يتجاوز عددها الألف ، وبين واقع العمل الميداني الذي لاتسهم به إلاّ عدد قليل من المنظمان الناشطة ، معتبراً ذلك مصدراً لتشتيت الجهد ، والاتجاهات ، والدعومات أيضاً.. ودعا إلى إعادة تقييم هذه المنظمات وإيجاد الآليات المنظمة لعملها.
فيما ذهب آخرون إلى انتقاد المنظمات كونها توجّه عملها للخارج ، وتقدم ذلك في أولوياتها في الوقت الذي هناك حاجة أكثر الحاحاً للتفاعل مع الواقع اليمني وقضاياه اليومية ومتغيرات ساحته السياسية.
وحظيت المرأة باهتمام كبير في محاور النقاش ، وتم التعرض إلى أدوارها في المنظمات الأهلية ، وأسباب تغيبها على المستويات القيادية للمنظمات ، ومجالات توجهها في العمل المدني ، وطبيعة ارتباطاتها مع الرجل في الاطار ذاته ، والآليات التي ينبغي بموجبها تفعيل دور المرأة في العمل المدني المؤسسي ، ومن ثم في المجتمع اليمني كاملاً.
كما قدم بعض المتحدثين عرضاً جيداً لآفاق العلاقة بين المنظمات غير الحكومية وبين الدولة ، ومستوى التسهيلات والدعم الذي تقدمه الدولة لها ، معتبرين أن ما هو كائن لايرتقي إلى مستوى الحدود الدنيا للكفاية ، وأن الامتيازات التي تقرها الدولة ما زال بعضها "على الورق " فقط دون أن ينفذ عملياً.


تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 29-مارس-2024 الساعة: 01:55 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/16918.htm