المؤتمرنت – بتول ناصرالسيد -
الصحافة .. بين عصا (حُجيرة) وهراوة (كرمان)
أثار دخول الصحافية توكّل كرمان حلبة الأحلاف الصحافية موجة جدل حاد حول ما يمكن أن تعنيه ولادة تكتلات إعلامية جديدة خارج رحم نقابة الصحافيين اليمنيين ، واتجاهات الانقلاب النسوي على (منتدى الإعلاميات) ، وطبيعة ما يلوح به في أفق الواقع الصحافي اليمني !

ففي مقدمة ما تعتقده الأغلبية أن انتخابات نقابة الصحافيين 2003 م فشلت في تجديد طاقة العمل النقابي ، وأعادت للوسط الصحافي أسماله التي دنسها مؤتمر النقابة بشبهات الفساد حتى كاد الخلاف أن ينسف كل شيء لولا تدخل الدكتورة رؤوفة حسن .

ومنذ ذلك الوقت انزوت النقابة بعيدا عن هموم الصحافيين لتلوك بأنشطة البيانات السياسية الموجهة بعناية فائقة من الولاءات المعارضة للحكومة ، والتي تهيمن على طاولة صنع القرار ، كما أصبح همها الوحيد تسيير المظاهرات وإعلان الاعتصامات ، حتى إذا لم تجد شيئا راحت تجوب صالات المحاكم بحثاً عن مشكلة سياسية ، لتتحالف أخيراً مع نقابة المحامين للدفاع عن أحد المحامين ، في نفس الوقت الذي عجزت فيه عن النظر بملف صحافي واحد ممن تقدموا لطلب العضوية منذ ما قبل انتخابات 2003م.

وإزاء الوضع الميئوس كان متوقعاً حدوث انشقاق سريع في التنظيم النقابي على غرار ما حدث لنقابتي الأطباء والمعلمين ؛ إلاّ أن أول ردة فعل فجرها عبد العالم بجاش بإعلانه عن (الملتقى اليمني للصحافة الجديدة) الذي سرعان ما اختنق إثر زيارتين قام بهما أعضاء الملتقى لجامعة الإيمان ، قادتا إلى محاصرة المنتدى حتى من قبل الصحافيين الأعضاء في حزب الإصلاح – الذين بدوا متحفظين بشدة على العلاقة بالشيخ الزنداني .

لكن الصحافية رحمة حجيرة وثبت على الكرة في الحال لتلقيها في مرمى (منتدى الإعلاميات )الذي بادرت لإعلان قيامه قبل أن يسبقها أحد لخطف المبادرة ..فكان أن حظي المنتدى بحماس الصحافيات الذي لم يصمد طويلاً إزاء ما تردده بعض الصحافيات بأن حجيرة استأثرت بزعامةٍ ديكتاتورية ، وتسلقت على ظهورهن إلى أضواء الساحة اليمنية..إلاّ أن قسم آخر علل ضمور صوت منتدى الإعلاميات بـ (كيد النساء) وأن المرأة طبعها النفور من قيادة أختها لها ! وهو تبرير يفتقر المنطق.

وبالتزامن مع يوم المرأة العالمي فوجئ الوسط الإعلامي بإشهار منظمة ( صحافيات بلا حدود ) وتشكيل هيئة رئاسية لها برئاسة الصحافية توكل كرمان ، التي تحظى بشعبية واسعة لدى الإعلاميين – خاصة وأن إعلانها تضمن أسماء مخضرمة مثل سميرة الخياري – رئيسة تحرير الأسرة – وقد بدت كرمان من الوهلة الأولى أنها ستقتحم حلبة التنافس بهراوة غليظة يتوقع كثيرون أن عصا حجيرة لن تصمد أمامها طويلاً.

ولعل ظهور توكل كرمان على المسرح أكد مجدداً هشاشة وجود نقابة الصحافيين التي تكررت الولادات خارج رحمها بحثا عن كيان مستقل للصحافي اليمني ، لا يشوبه لوث الكواليس الحزبية ، والصراعات التي اضطرت اليوسفي – رئيس تحرير الثقافية – إلى الاستقالة مطلع مارس الجاري ، احتجاجا على إخفاق النقابة في تحقيق آمال الصحافيين!

يعتقد بعض الصحافيين أن حلف كرمان لن يؤثر كثيراً على منتدى حجيرة ، معللين ذلك بأن الأخيرة لديها يد قوية داخل مجلس نقابة الصحافيين ستدعمها – ولو معنوياً – فضلا عن أنها كانت من أمهر اليمنيات في فتح قنوات دعم مادي متعددة - بينها السعودية والولايات المتحدة ، الى جانب أنها سجلت رصيد حضور قوي في الواجهة اليمنية.

في حين يذهب القسم الآخر – وهم الأغلبية – الى رأي مخالف ، ويتكهنون باكتساح سريع لساحة الصحافيات من قبل منظمة ( صحافيات بلا حدود ) ، مستندين في تلك الرؤيا الى الأسماء المعلنة أولاً ، ولاعتقادهم بأن توكل كرمان شخصية شفافة تحظى بعلاقات واسعة مع الصحافيين من مختلف الأطياف رغم أنها عضوة حزب الإصلاح إلاّ أن لا أحد يكترث لذلك وإن كان انتمائها الحزبي سيوفر لها دعماً قوياً ، كما أن وجود سميرة الخياري في مؤسسة الثورة من شأنه استقطاب أكبر قاعدة نسوية صحافية في اليمن.

كما تردد بعد يومين فقط من إشهار المنظمة أن رموزاً إعلامية بارزة ( رجالية) تفاعلت في الحال مع كرمان ، وفتحت لها قنوات تواصل مع ثلاث دول أوروبية ، وعدة سفارات عربية ، باعتبار أن منظمتها تفتح أبواب العضوية لغير اليمنيات أيضاً. وفي نفس الوقت قلل بعض الصحافيين من حجم تأثير منتدى الإعلاميات داخل النقابة لاعتقادهم أن اليد التي يجري الحديث عنها معروفة بمهنيتها، ولا يمكن أن تنحاز لأي فريق على حساب أصول العمل النقابي.

ومع أن الصحافيات في حلف توكل كرمان معظمهن من المنشقات عن منتدى الإعلاميات ، إلاّ أن جذوة التنافس لن تخمد بالسهولة التي يتوقعها البعض في ظل وقوف الذكور خلف الأضواء ، وتحريك بعض خيوط الحلبة بعد أن عجزوا عن تجميع شملهم في كيان يعيد لهم هيبتهم الصحافية - وليست الحزبية !

أعتقد أن هراوة كرمان قبل أن تنتزع البساط من تحت أقدام حجيرة ، ستنضم الى عصاها لتهويان معاً على الكيان الاعتباري لنقابة الصحافيين اليمنيين الذي نالت منه النساء ، في تحدٍ لم يسبق له نظير في مكان آخر غير اليمن !
تمت طباعة الخبر في: السبت, 04-مايو-2024 الساعة: 08:13 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/19970.htm