المؤتمر نت - صحيفة الثورة اليمنية
افتتاحية الثورة / متابعات -
حرية الصحافة
مع أن حرية الصحافة قد شكلت إحدى الدعائم الأساسية لتجربتنا الديمقراطية ومسارات التعددية السياسية والحزبية التي خرجت إلى الوجود والعلنية بالتزامن مع إعادة وحدة الوطن في الثاني والعشرين من مايو عام 1990م.. ورغم المبدأ الديمقراطي المتصل بحرية التعبير هو من مضى عليه أكثر من 15 عاماً إلا انه ظل مثاراً للتناقضات والتباينات الحادة في المواقف والتصورات بل وإحدى الإشكاليات التي ينوء بها الفكر السياسي والحزبي بعد أن سعى هذا الفكر بالتمرد على الضوابط التي من شأنها تنظيم جوانب الممارسة لهذا الحق وحمايته من الانحرافات والتجاوزات والدوافع الذاتية خاصة بعد أن برهنت كل الشواهد استحالة تطور حرية الرأي والتعبير خارج مفردات الالتزام بالمسؤولية التي يغدو فيها كل من يمسك قلماً أو يعتلي منبراً مسؤولاً بصورة مباشرة عن الكيفية التي يمارس بها حريته السياسية والمدنية.
- ولأن حرية التعبير في دول الديمقراطيات العريقة ليست باباً مخلوعاً يسمح لكل من يدخل منه بالتحلل من مسؤولياته القانونية والأخلاقية، فإننا الذين نجد أن مؤسسة إعلامية كبرى كالـB.B.C"" البريطانية لا تتردد عن الاستغناء عن أحد صحفييها أو مراسليها إذا ما تأكد لها أنه نقل معلومات خاطئة عن أي حدث كان لقناعتها بأن الحرية تفقد جوهرها بانتفاء المصداقية.
- وفي هذا النطاق أيضاً فلم يكن بمستغرب أن تعمد صحيفة أمريكية ذائعة الصيت كـ"الواشنطن بوست" إلى توقيف أحد كتابها البارزين عن كتابة عموده الأسبوعي بعد أن عمد إلى استخدام تلك المساحة في الترويج لبعض المعلومات التي اتضح للصحيفة من أنها معلومات غير دقيقة نسجتها مخيلة ذلك الكاتب الذي استهوته أهواء الشهرة وانساق وراءها دون إدراك منه بخطورة ما يترتب عن ذلك الفعل المشين.
- وأهم ما يمكن ملاحظته في هذا الجانب هو علاقة الارتباط بين حرية الرأي والتعبير ومفهوم المسئولية، وهو الشرط الذي ربما أغفلته بعض صحافتنا الحزبية والأهلية حتى أصبح من أبرز الأسباب التي أعاقت تطور المهنة الصحفية في بلادنا واكتسابها ثقة المتلقين من القراء، بل أن ذلك التعامل القاصر هو من ألقى بضلاله السلبية على دور صحافتنا على صعيد تعزيز الوعي بقيم الديمقراطية ومقاصدها النبيلة في الأوساط الاجتماعية مع أنه الذي كان معولاً على هذه المنابر الصحفية الظهور كمنابر إشعاع تسهم في توجيه المجتمع صوب ما يحقق له ولوطنه المزيد من التطور والنماء إلى جانب إشاعة الثقافة الديمقراطية السليمة التي تمكنه من التعاطي مع حقوقه على اساس واقعي ودقيق.
- إلا أنه وبدلاً من ذلك فإن الكثير من صحافتنا هي من لم تستوعب مثل تلك التوجهات والمنطلقات لتبدو كآلة تحركها الأهواء والمفاهيم الضيقة التي لاترقى إلى مستوى المسؤولية، والأدهى من ذلك أن العديد من كتابها هم من فهموا حرية الرأي والتعبير من زاوية لاتعبر سوى عن حالات اهتزاز وشتات في الفكر والسلوك، الأمر الذي انعكس على اطروحاتهم وكتاباتهم الى درجة انهم الذين يقعون في الخطأ أضعاف أضعاف الصواب.
- فهم يتحدثون عن الديمقراطية في حين أنهم من يقوضونها بالتمترس وراء نزعاتهم الفردية التي لا تحترم الآخر وترفض التسليم برأي الأغلبية ، ويتباكون على حرية التعبير وهم الذين ينتهكونها بتسويق الأراجيف وتزييف الحقائق والابتعاد عن اللياقة وأصول التعامل مع هذه الحرية التي ليس من لوازمها الهبوط بالقول أو المعنى.
- ويتحدثون عن السلم الاجتماعي وهم أول من يدفعون إلى إثارة النعرات الطائفية والعنصرية والمناطقية وإثارة الفتن في المجتمع.. مما يعني معهم أنهم الذين يتعاطون مع الديمقراطية من منظور الحق الذي يراد به باطل.
- ولعل هذه المحصلة هي من تبدو جلية في ذلك الطابع الهزيل الذي لازم الكثير من صحافتنا التي تبدو اليوم أشبه ما يكون بطاقات مشتتة تسيطر عليها سطوة العامل السياسي أكثر من الجانب المهني لتتجرد من خصائص هامة كان يمكن أن تكسبها خلال السنوات الماضية لتطوير أدائها ومكوناتها العملية التي تنتقل بها من خانة التأثر إلى دائرة التأثير الإيجابي الذي يفتح الدروب المستقبلية أمام تقدم المسيرة الديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية نحو الأمام وهي الأدوار التي يتعين النظر إليها بإمعان واعتبارها المعركة الكبرى للصحافة الوطني.
- وما لم تكن هذه الغاية هي هدف هذه الصحافة فلا أمل يرتجى منها على الاطلاق!!.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 16-مايو-2024 الساعة: 10:21 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/23392.htm