المؤتمر نت - الكاتب والباحث العراقي نزار خضير العبادي
المؤتمرنت - بقلم: نــزار العبــادي -
الديمُقراطيـــون الصِّغـــار قـادمُـــــــون
شيء رائع أن تكون الديمقراطية خيار اليمن المبكر للتحول التنموي ، والحضاري ؛ وأن تفهم أنها لا يمكن أن تقفز فوق الواقع ، وتحرق المراحل.. ورائع أيضاً أن تكون اليمن البلد الأكثر فقراً في المنطقة لكنها الأسبق إيماناً بأن الديمقراطية مشروع أمن وسلام وتنمية .. لكن الأروع من كل ذلك أن يهذب اليمنيون سلوك أبنائهم على ثقافة الممارسات الديمقراطية رغم كل التحديات المادية ، والمواريث البالية التي خلفتها عهود الظلم والفقر والمرض.

مع إطلالة صباح الأحد سيصطف صغارنا طوابيراً ليجدوا من يعلمهم – وبصوت عالٍ – أن لهم حقوقاً في هذه الحياة ، وعليهم أن يعلموها كي لا يأتيهم من يعيدهم إلى أزمنة القهر والجهل والحرمان.. سيجدوا من يدعوهم لممارسة حرياتهم ، واختيار ممثليهم في فصول الدراسة ، وقبول النتيجة بشفافية.. وسيجدوا من يؤكد لهم أن من حقهم الحصول على التعليم ، والرعاية الصحية ، وممارسة الأنشطة ، واللعب ؛ وليس من حق أحد في هذه البلد اضطهادهم ، أو حرمانهم ، أو منعهم من ممارسة حقوقهم الإنسانية والديمقراطية..

شتان بين جيل وآخر يليه ! وشتان بين عهد يعلق الرؤوس على أبواب اليمن ، وآخر يعلم صغاره كيف يصنعون السلام بجرّة قلم عند صناديق الاقتراع .. وبين من يدعي أنه خليفة الله على الأرض ، وحكمه الفيصل؛ ومن يغرس في نفوس الصغار أن عليهم إيلاء أمورهم لأفضلهم ، وليس من حق أحد من أقرانهم فرض وصايته بغير انتخاب الجماعة له!

صغارنا يتعلمون الديمقراطية في المدارس ، ويتدربون كيف يكون الوقوف غداً أمام صناديق الاقتراع لانتخاب ممثليهم بمجلس النواب ، أو اختيار رئيس يمنهم الحبيب ، فيقولون "لا" لهذا ، و"نعم" لذاك .. ويتدربون كيف يرشحون أنفسهم فيكسبون لأنهم محض ثقة زملائهم ، أو يفشلون فيقبلوا النتيجة بصدور رحبة ، ويتعلموا كيف السبيل إلى النجاح في المرات المقبلة ..

الديمقراطية لم تعد في يمننا الحبيب شعاراً يتغنى به بعض السياسيون ، ولا مظهراً نحابي به الأصدقاء ، أو نباهي به الجيران ، ونزايد به على بعض من يظنون أنفسه أفضل حالاً منا ، أو حتى على بعضنا البعض.. بل صارت اليوم جزءً من حياتنا اليومية ، وممارسات أبنائنا الصغار، ولا مفر لأحد يناهضها من الوثوق بأنها قادمة لاقتحام البيوت .. لأن الديمقراطية اليمنية غير زائفة ، بل هي حقيقية نابعة من وجدان الضمائر ، وثنايا الواقع ..

بالأمس كان الرئيس "إبراهام لينكولن"- رائد الديمقراطية- يقول : (أن الديمقراطية الحقة هي تلك القادرة على الدخول إلى كل بيت)، وكنا نقف طويلاً نفكر كيف للديمقراطية أن تدخل بيوتنا يوماً ما !؟

لكننا اليوم لابد أن نقتنع أنها قادمة فعلاً إلى بيوتنا – في حقائب أطفالنا ، وفي نشيدهم وهم يحيّون علم الجمهورية ، وفي تفاخرهم بيننا وقد فاز أحدهم بالانتخابات ، أو فاز صاحبه .. أو في تذمرهم وشكواهم بأن الانتخابات كانت مزورة ، أو أن المعلمة انحازت لأبن فلان ، أو لأن الزميل المرشح هدد تلاميذ الفصل إن لم ينتخبوه.. سيقولون ، ويقصون ، ويلعنون .. لكنهم آخر الأمر سيتعلمون ، وسيتذكرون تلك الحكايا بخجل ويبتسمون .. لأنهم قادمون من زمن الديمقراطية..

الديمقراطيون الصغار قادمون لا محالة ، فافتحوا لهم قلوبكم ليستمتعوا بثمار الثورة !

[email protected]
تمت طباعة الخبر في: الثلاثاء, 07-مايو-2024 الساعة: 11:49 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/24602.htm