المؤتمر نت - صور من عدن

المؤتمرنت - جميل الجعدبي -
الكفاح هو الحل
في مثل هذا اليوم من العام 1963م كان الشيخ الشهيد غالب بن راجح لبوزة بصحبة عدد من أبناء ردفان- الواقعة في محافظة لحج- عائدين من مدينة تعز إلى منطقتهم، لكن دورية عسكرية بريطانية اعترضتهم بهدف نزع أسلحتهم لتشهد المنطقة أول اضطراب في المستعمرة التي جثمت على أرض الجنوب اليمني أكثر من قرن من الزمن.
وفي مثل هذه الأيام وقبل (42) عاماً وقعت أول مشادة بين جنود القوات البريطانية، وكتائب الجيش النظامي من جهة، والشيخ ابن لبوزة الذي قُتل في بداية المواجهات لتصبح تلك الرصاصات التي اخترقت جسده الشرارة الأولى الحقيقية لإشعال فتيل الثورة ضد القوات البريطانية للإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس.
فعندما وقعت المشادة اقتنصها الأحرار والمناضلين باعتبارها الفرصة التاريخية، فصعدوا من أعمال الاحتجاجات لتصبح فيما بعد ثورة شاملة، امتدت على كامل التراب في جنوب اليمن، فحينما رفض الشيخ غالب وأصحابه تسليم سلاحهم وكانت المشادة ثم الاحتكاك فإطلاق النار، ليشتعل لهيب الثورة أولاً في جبال ردفان ذات التضاريس الشديدة، ثم يمتد ليصل عمق أوكار المستعمر البريطاني في مدينة عدن وضواحيها، لتفضي بعد أربعة أعوام لدخول البلاد في حرب أهلية عاصفة بين الجبهات التي خاضت حرب التحرير والاستقلال.
احتل الإنجليز عدن في يناير 1838 بذريعة أن أبناء عدن اعتدوا على زورق بريطاني دخل المياه اليمنية، فحشد المحتل مجموعة من جنوده بقيادة الكابتن "هينس" لتستمر المعركة عدة أيام تسقط بعدها عدن بعد إبرام اتفاق مع السلاطين الحاكمين لمنحهم امتيازات مالية مقابل انتفاع بريطانيا بميناء مدينة عدن، لكن تلك الامتيازات ما لبثت تتحول بمرور الأيام إلى أغلال تحيط بأعناق السلاطين، وتجعلهم مجرد أدوات في أيدي المحتل لأرضهم، هذا غير ارتباط أسمائهم بالخيانة.
لكن أبناء عدن سرعان ما دخلوا طور النضوج السياسي والفكري، فنظموا حركات الاحتجاج العارمة وشهدت شوارع "كريتر" و"التواهي" وغيرهما من المدن مواجهات دامية بين الجماهير اليمنية من جهة، وشرطة الاحتلال. وبدأت حركات الإضرابات والاعتصامات السياسية، لكنها لم تصل لمرحلة الكفاح المسلح إلى أن أُنشئ نادي الإصلاح العربي بمدينة الشيخ عثمان، الذي غذيت أهدافه من صفوف حركة القوميين العرب ليرفع في الستينات ولأول مرة شعار الكفاح المسلح ضد المستعمر البريطاني في كتيب صغير صادر عن الحركة..
وقبل اشتعال الثورة بشهرين وبالتحديد في أغسطس 1963م كان عدد من الشباب في مدينة تعز قد التقوا لإعلان تنظيم (الجبهة القومية لتحرير الجنوب العربي).. وهو تنظيم جبهوي ضم اتجاهات شتى من إسلاميين وقوميين ويسار، وأصدروا ميثاقاً باسم (التنظيم الجديد) وتعاهدوا على إرغام الاحتلال على الجلاء، واتفقت النخب اليمنية في الجنوب على أن القوة هي اللغة الوحيدة التي يفهمها المحتل فخاضوا غمارها في شكل عمليات عسكرية على الطريق الاستراتيجي الذي يربط عدن بالحدود الشمالية قرب منطقة الضالع؛ حيث تمكنوا خلال ثلاثة أشهر من سد هذا الطريق.
قوات الاحتلال جهزت (4) آلاف عسكري في عملية أطلق عليها "كسارة البندق" تهدف إلى تقديم عروض قوة في منطقة ردفان وإجبار الأحرار المناضلين على مغادرتها وإقناع رجال القبائل بأن الحكومة تستطيع أن تدخل ردفان في أي وقت تراه مناسباً.
لكنها فشلت في تحقيق أهدافها أمام إصرار وعزيمة الشهداء الأبطال الذين امتد نضالهم إلى العمق المدني ليتحول إلى كابوس رعب في قلوب المحتلين ولتطال الثورة قادة عسكريين بريطانيين بارزين ليؤدي كل ذلك النضال والبطولات والدماء إلى إجبار بريطانيا على منح جنوب اليمن استقلاله في 30 نوفمبر 1967م.
تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 29-أبريل-2024 الساعة: 04:08 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/25087.htm