عبدالرحمن علي -
لغة جديدة لعالم يتجدد
العالم يتجدد بتجدد آلية أنظمته سياساته، مصالحه وقدراته ومقدرته على تقبل واستيعاب المتغيرات المتسارعة على خارطة السياسة الدولية.. ولأن العالم كما قلنا يتجدد بتجدد مصالح دوله وتزداد تلك المصالح تشابكاً من خلال التناقص الكبير للمسافات بين الدول سواء عن طريق تواجدها في أطر دولية سياسية أو اقتصادية أو من خلال ارتباط بعضها بالبعض الآخر وازدياد حاجته للدعم والعون والمساندة.
فالدول كبيرها وصغيرها، توحدها اليوم المصالح وتبادل المنافع في أوجهها المتعددة ولذا ينصح المراقبون السياسيون والمتخصصون في العلاقات الدولية سواء في مراكز الدراسات الاستراتيجية أو غيرها ينصحون الدول الصغيرة أو البلدان محدودة القدرة الاقتصادية أو حديثة التجربة الديمقراطية بأن عليها أن تجيد التعامل مع هذا العالم المتغير من خلال إعادة صياغة مفاهيم علاقاتها مع العالم ومراجعة برامج تعاملها مع المنظومة السياسية في الداخل مؤكدة تلك النصائح بأن الأنظمة التي تعجز عن قراءة فهم الواقع الجديد وسبل التعامل وحدها التي ستعيش عزلة تحكمها هي على نفسها، عزلة ستجعلها تغرق في مشاكلها الداخلية بدءاً من الأوضاع الاقتصادية ووصولاً إلى تضييق الخناق على الآخر في إطار اللعبة السياسية والممارسة الديمقراطية، لذا فإن المطلوب والعالم يتجدد من حولنا ان ندرك أن علينا كدول نامية ودول تجربتها الديمقراطية ناشئة أن تستوعب الحقائق التالية حتى تتمكن من التعامل مع المتغيرات الدولية وأنظمتها الفاعلة ويمكن إيجاز تلك الحقائق بالتالي:
أولاً: العالم يعيش حالة من الاتجاه المتصاعد لنصرة الديمقراطية في كل بقاع الأسرة الدولية والديمقراطية تعني للدول الكبرى ممارسة سياسية واسعة للأحزاب، احترام كبير للحريات وحقوق الإنسان، ضمانات حقيقية لنزاهة الانتخابات باعتبارها السبيل الوحيد لتحقيق المبدأ السلمي للتداول على السلطة.
ثانياً: الديمقراطية وحدها لا تكفي لإنجاز تننمية اقتصادية شاملة، فعلى الأنظمة التي تريد أن يكون لها مكان في عالمنا المتجدد اليوم سواء بتحالفاته أو قيمه ومفاهيمه أن تعمل بهمة وإخلاص لإصلاح البنى الاقتصادية وتنفيذ مشاريع تنمويه من خلال المواجهة الحقيقية لبؤر الفساد ودوائر الخلل في الإدارة والمال ومراكز إصدار القرار وتنفيذه، والسياسة الإصلاحية للإدارة والمال وحدها من أهم شروط قبول الأنظمة النامية في منظومة العالم الجديد ووحدها التي تكفل للدول النامية توافر فرص تلك الدعم من العالم المتطور بزحزحة مشكلاتها.
ثالثاً: في عالم تحكمه الديمقراطية ويسوده الاقتصاد والتنمية القوية لا بد أن تتخلص الأنظمة النامية من موروث سياسات الحرب الباردة فكراً وممارسة وأول علامات ذلك الموروث الارتباط المباشر وغير المباشر ببؤر الإرهاب السياسي والفكري فالإرهاب وممارسته صار مادة ممنوعة التداول في العالم اليوم وكل نظام يثبت بحقه ذلك يصبح عرضة لعقاب الأسرة الدولية.
رابعاً: على الأنظمة النامية ممارسة قدر أكبر من الفهم والدراية والتفريق بين مصالحها أو تشابك تلك المصالح مع الواقع الوطني والقومي والدولي وعليها أن تعرف كيف تقوم بدور واضح يخدم أولويات احتياجاتها الضرورية دون التصادم مع واقعها والواقع المحيط بها.
ومما تقدم فإن الدول النامية التي تسعى إلى أن يكون لها مكان في هذا العالم المتغير والمتجدد بتجدد مصالحه أن تسعى أول ما تسعى لمعرفة ما يدور في العالم وأن تحرص على أن تظل جزءاً من ذلك التغير لصالح أنظمتها وشعوبها لا أن تستعجل بالهرولة نحو تقديم تنازلات دون معرفة أين موقعها من التغيير الدولي وماهي مقتضياته منها وهذا مربط الفرس.
وعليه فإننا نجد أن خطوات بلادنا في فهم جوهر العلاقات الدولية في عالم متجدد قد أثمرت في مناحي عديدة أولها مكافحة الإرهاب وإحداث تنمية ترفع من المستوى المعيشي للناس وتحجم البطالة.. وتعزيز الممارسة الديمقراطية عبر الانتخابات العامة والتعدد الحزبي والصحفي واحترام حقوق الإنسان وإفساح المجال لمشاركة المرأة.. لا يزال الطريق أمامنا كدولة وكشعب مفتوحا لإحداث التغييرات الإيجابية الشاملة في هذا الوطن الطيب.
تمت طباعة الخبر في: الثلاثاء, 07-مايو-2024 الساعة: 07:48 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/25165.htm