كتب/ محمد علي سعد -
عبدالله أحمد غانم القلب الذي تعب وأتعب
"في اللعبة السياسية هناك دائماً نوعان من الرجال فيها، الأول شارك في اللعبة، أما النوع الآخر فهو إلى جانب مشاركته فيها فإنه أحد صناعها".
الأستاذ عبدالله أحمد غانم، الإنسان والوزير والسياسي المحترف اسماً ومكانة ودلالة، وأهمية وقدرة وعلماً وتخصصاً..
ورقماً صعباً في المعادلة السياسية وحضوراً فاعلاً ومأثراً في كل عمل يقوم به، وفي أية مهمة توكل إليه والعزيز عبدالله عرف الوظائف الكبيرة مبكراً وخبرة الوزارة وإدارك طلاسمها وعاش السياسة حتى أذنيه، علمته وأجادها، عاندته حيناً، لكنه كان غالباً ما يطوعها حتى في المرات التي عصته وتمردت على عصاته، عاد فروضها بعقله وحكمته وشجاعة بره، وكفاءة الرجل جعلته وجعلت منه محط ثقة لدرجة صار فيها مبعوثاً رسمياً يحمل القرار، موضحاً وشارحاً ومدافعاً عنه كلما اضطر فيه صاحب القرار كرجل يحمل قراره وينصره فكان الأستاذ عبدالله أحمد غانم في أكثر الأحيان هو ذلك الرجل.
أكتب هذا الفيض من غيض مسيرة رجل ارتبط اسمه بالقضايا الوطنية الكبيرة وعرفت عنه مواقعه كواحد من الصفوة الذين نصروا الوحدة قبل قيامها وانتصروا لها بعد إن قامت.
الرجل تشرب أبجديات النضال من أجل الاستقلال الوطني، تشربه من بيته في مدينة الشيخ عثمان ومن أخيه طه غانم عضو الجبهة القومية أيام معارك التحرير، وبرحيله إلى القاهرة لدراسة القانون عاش التجربة الناصرية بوهجها وانكسارها حين حلت نكسة حزيران.. عرف معنى الانتصار وذاق مرارة الهزيمة.. عاد لعدن كواحد من أوائل الخريجين في عهد الثورة.. عمل بالقانون واشترك في صياغته، عمل به من موقع العليم المدرك.. ارتبط قلب الرجل بقضايا الوحدة، وطوال رحلاته التي ما توقفت بين عدن وصنعاء.. حاملاً آراء ورسائل وبرامج وخطط في مرحلة الإعداد للوحدة "مراحل المزايدة. مراحل الأزمات وفي مراحل البنادق والتهور حتى مراحل الصدق".
شاهد آثار الحرب الباردة بأم عينيه على الواقع اليمني حين رأى الآثار الدامية للصراع بين الشطرين.. وشارك في النقاشات التي جرت لإعداد وثائق المؤتمر الشعبي العام عند التأسيس كواحد من بين مجموعة مثقفين وساسة من عدن.
وبعد الحرب الدامية بمأساة 13 يناير 1986م وصل إلى العاصمة صنعاء، ومرت سنوات وبعد الانضمام إلى المؤتمر الشعبي العام "كانضمام جماعي من قبل جماعة الحزب الخارجية عن الاشتراكي" وفي المؤتمر أسهم الأستاذ عبدالله أحمد غانم بدوره في الحوارات الوطنية التي خاضها المؤتمر مع القوى والأحزاب السياسية.. دخلها عبدالله غانم بقلب متعصب للوحدة وبانقياد تام لنصرة قضاياها، ذلك القلب المسكون بالوحدة وقضاياها أزعج محاوري الأحزاب لدرجة أرادوا معها إبعاده من أي حوار سياسي يخوضه المؤتمر، إلا أن مواقف عبدالله غانم عززت من تمسك الرئيس به وزادته صلابة.. ومن رئاسته لدائرة الإعلاف والفكر والثقافة في المؤتمر وضعويته للجنة العامة ورئاسة لتحرير صحيفة "الميثاق" لوزير العدل، إلى أكثر من وزير في أكثر من حكومة دافع عدبالله غانم عن الوطن وعن الوحدة وعن السيادة في الداخل والخارج.. من مقر مبنى الأمم المتحدة في نيويورك حين تعرضت الوحدة لخطر الانفصال ثم من باريس إلى لندن حين تعرضت الجزر اليمنية للمساس.
والذين ينزعجون من صحيفة "الثوري" اليوم من تصدي عبدالله أحمد غانم وتوضيحه وفق القانون "لوثيقة الإصلاح للمشترك" واعتباره تعدي لرؤاهم هم أنفسهم من انزعج من عبدالله أحمد غانم في الأمس، وسينزعجون عنه في الغد، إلا أن عبدالله أحمد غانم أتعب دوماً أعداء اليمن والذين لعبوا أو حاولوا اللعب باليمن وقضاياه.
عبدالله أحمد غانم كان حاضراً في انتخابات البرلمان 93-97م كان حاضراً في انتخابات الرئاسة.. كان حاضراً الحياة بعدن وحاضراً كلما تعرض الوطن لمحنة أو واجهة تحدِ.
عبدالله أحمد غانم.. حاضر في الوطن، لأن الوطن جالس على كل اهتماماته وشغل كل مساحة القلب والعقل لديه، الذين لا يحبون اليمن، فتعب القلب عد استاذنا هو تعب لذيذ وما ألذه من تعب.
تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 29-أبريل-2024 الساعة: 02:27 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/26946.htm