كتب / عبد الرحمن الشيباني -
العيب والحرام كاشكالية ثقافية
العيب والحرام كمفردتين يشكلان حضوراً لافتاً للنظر في حياتنا اليومية لكثرة استخدامهما، عندما يتجاوز الفرد منا حدوده في اختراقٍ لأنظمة المجتمع وقوانينه الصارمة ـ خصوصاً فيما يتعلق بالجانب الديني الذي يبقى خطوطاً حمراء لا يمكن لأحد تجاوزها فهي مسألة حساسة تثير الكثير من الإشكاليات ، خصوصاً وأن الجهل بتعاليم الدين وفهمه فهماً صحيحاً يزيد من تعقيد الأمر ـ كذلك العادات والتقاليد الموروثة التي تشبًّع بها الجميع وأصبحت ملازمة له كتأصيلٍ لقيم وعادات تتوارث ، من العيب تجاوزها، وإن كان الدين يجافيها وينهى عنها نحو تكاليف الزواج الباهظة التي يفرضها أولياء الأمور للمتقدم للزواج نموذجاً والخوض في ..... يعد تراجعاً عن توجهات المجتمع ورقيه ويضر بسلامته ، وكـأن تيسير الزواج واحترام المرأة لمكانتها ودورها في الحياة الإنسانية وتنظيم الأسرة من خلال تحديد النسل .. الخ ، يعد خرقاً فاضحاً للآداب العامة وتجاوزاً لما ينهي عنه الدين.وغالباً ما تحتشد لهذه الفكرة أصوات تطالب باستمرار هذا الوضع لما فيه ( هكذا يرونه ) من وفاء للأسلاف كتشريع إنساني ،حيث يعد الخروج من دائرته تهديداً لسلامة المجتمع وأمنه ، وهكذا تكرس ثقافة العيب والحرام ويكفي أن تترك الزوجة بيتها نتيجة لسوء تفاهم بسيط حتى يشرع الأهل لسن قوانين وتشريعات آنية إضافية تسد كل الطرق لتسوية الأمور وإعادة المياه لمجاريها مما ينتج عن ذلك تطويل أمد الخلاف لتزداد صعوبة الحل ، وقد يفضي الأمر للطلاق . أضف إلى أن البعض عند الخوض في مسائل دينية للمناقشة تنبري أصوات متشددة تحمل أفكاراً غاية في التصلب والتعنت لتصل إلى حد تكفير المجتمع برمّته مع أن ديننا الإسلامي بعالميته التي تمكن معتنقيه من العيش في أي مكان أو زمان لأن يواكب العصر ويتجدد معه تلقائياً ، طالما وجد من يفهم تعاليمه وتشريعاته مبقياً باب الاجتهاد مفتوحاَ على مصراعيه لما يتمتع به من اعتدال ووسطية تميزه عن غيره وهذا هو سر عالميته وصواب منهجه . لقد أصبحت هاتان المفردتان تشهر ضد أي تجاوز حتى ولو كان لا يرتقي لتصنيف كهذا ، مما يؤدي إلى تفاقم الكثير من المشكلات رغم أن العيب يكمن في الهروب من مواجهة المعضلات وترحيلها وجعلها أشبه بنار تحت الرماد . العيب أيضاً أن تتكرر سلطة أبوية تجاه الزوجة قد لا تتطابق الصورة مع الأولى في ظل متغيرات شملت مجالات الحياة الإنسانية وتكرار تجربة ،من الأجدر أن يكون للفرد منا شخصية تميزه عن غيره .. إن الحرام كسلاح يشهر أمام أي ردة فعل وإن كان لا يتعدى هذه المسألة الخطيرة من أن يوصف بهذا المسمى ( الحرام ) . ولعل من العيب والحرام أن تكرس هذه الثقافة بين الناس بكل ما يترتب عليها من مشاكل قد تعصف بالمجتمع في حين يبقى المهتمون والباحثون بعيدين عن إشكاليات كهذه ، ولم تعطَ أي اهتمام إلا فيما ندر ..
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 03-مايو-2024 الساعة: 02:30 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/27550.htm