المؤتمر نت - عارف أبو حاتم
عارف أبو حاتم -
عبر الصحافة يعلنون الحرب على الآخر
إساءات صحيفة (جيلاندز بوستن) الدنمركية للرسول الكريم لا علاقة له بحرية الصحافة، والنهج الديمقراطي، لأن الحرية ليست مطلقة العنان في أيٍ دولة في العالم، إنما للأمر علاقة بقياس الشارع العربي والإسلامي، ومدى تقبله وانتباهه للحرب الحضارية والدينية التي يقودها المعسكر الغربي تجاه العالم الإسلامي.
فما أقدمت عليه (Jyllands Posten) لا يدخل في إطار حرية الصحافة لأسباب عدة، أولها: إن هذه الصحيفة صادرة عن الحزب اليسار الليبرالي الدنمركي الحاكم.
ثانياً:إن رئيس الوزراء (اندرياس راسموسن) الذي رفض الاعتذار للمسلمين باسم حكومة الدنمارك، هو من يدير ويرسم سياسة الدولة والصحيفة.
ثالثاً: نشر الكاريكاتير لم يكن مجرد هفوة، بل عن سبق إصرار بإعلان مسابقاتي مسبق، من يرسم محمداً كما يتخيله،ونشر (12)رسماً له عليه الصلاة والسلام.
رابعاً: سبق لملكة الدنمارك أن حذرت في مذكراتها التي حملت عنوان "مارغريت" من الانتشار المهول للديانة الإسلامية في أوروبا .
خامساً: سبق للشارع الدنمركي أن تلقى كتاباً في 26 يناير الماضي تضمن كلاماً بالغ السوء عن الرسول الكريم، وسخرية وصلت حد الوقاحة من تزوجه بـ(عائشة) رضي الله عنها، وهي دون العاشرة، والسخرية من مكوث النبي الكريم الليالي الطوال في غار حراء.
والشيء الذي لم ينتبه إليه أحد من الغاضبين هو أن الصحيفة الدنماركية تحمل شعاراً "النجمة السداسية" مما لا يدع مجالاً للشك في وجود علاقة وثيقة لها بالصهيونية، وللتأكد عبر موقع الصحيفة على الرابط http://www.jp.dk
وباجترار بليد للتعامل نفسه لا يريدون من الشارع العربي والإسلامي أن يغضب أو يتحامل لأن المسألة لا تقصد الإساءة!!
سيغضب المواطن الياباني حد إعلان الحرب عليك، إذا ما اسأت لـ"بوذا"، ونفس المشهد سيتكرر عند المواطن الهندي إذا ما تجاوزت حدود الأدب، وأنت تتحدث عن (البقرة) التي حمت الإله (شيفا) خلفها، أثناء هروبه من عقاب الآلهة الكبيرة.
هي حرب حضارية، ثقافية، دينية، تهدف إلى قضاء الآخر، وضربه في الصميم بمهاجمة دينية والسخرية من نبيه، متجاوزة كل الأخلاق والقيم والمواثيق الدولية، وآخرها إعلان الأمم المتحدة عقب أحداث 11 سبتمبر بتحريم السخرية من الأديان، خصوصاً الإسلام، وتم ذكر الإسلام بالاسم نظراً لما تعرض له المسلمون عقب تلك الأحداث.
لقد استشعرت النرويج خطورة المسألة، بعد أن قامت مجلة "ماجازينت" بإعادة نشر الرسوم الدنمركية صبيحة عيد الأضحى الماضي، وأدركت أن ما حدث يتعدى حرية التعبير إلى محاولة إلغاء الآخر، وإعلان الحرب عليه، فلا شيء أعز على الإنسان من دينه... فالدين هو ذلك الشيء الأسمى الذي يظل الإنسان دائم الاعتقاد بأنه لا يقبل المساومة، أو الجلوس على الطاولة، لأخذ شيء من الدين وترك الباقي إلى حين..
إدراك النرويج دفعها إلى إبلاغ سفراءها في العالم الإسلامي بتقديم الاعتذار الرسمي لشعوب وحكومات تلك الدول.
في الصحافة الغربية لا يمكن للحرية أن تمس خطوط "الهولوكست"، بل أن الأمم المتحدة اعتبرتها حادثة تاريخية مكتملة الصوابية، غير قابلة حتى لمجرد التشكيك، في حين لم نسمع زعيماً غربياً واحداً أدان ما تعرض له رسولنا الكريم، باستثناء الرئيس الأمريكي (الأعقل) "بيل كلنتون" الذي أعرب عن استياءه الشديد من تلك الرسوم، واعتبرها تقسم العالم بدلاً من توحيده.
فحتى الاتحاد السوفيتي في أوج مجده الشيوعي لم يسفه أياً من الأديان، وتلك المقولات التي ترددت على لسانه كانت إحدى وسائل الحرب الباردة.. فالشيوعية لم ترسم يوماً الصحف التابعة لها الرسول الكريم، وهو بعمامة ملغومة، على هيئة قنبلة، أو تصوره بأنه رجل عجوز مولع بالنساء، أو تقفأ إحدى عينيه وترسم مكانها نجمة، وتجعل من لحيته هلالاً، أو تجعله راعي غنمٍ لا يفقه شيئاً... كل ذلك فعله الدنمركيون في صحيفة البليدة يوم 19/9/2005م.،وأعادت نشره عدد من الصحف في فرنسا،وأسبانيا،وألمانيا،وسويسرا،وبريطانيا،ونيوزيلندا،مؤكدة أنها لن تعتذر لأحد!!.
ألم أقل إنها حرب حضارية، دينية!!

فلماذا المفوض التجاري الأوروبي في مؤتمر (دافوس) بسويسرا، يهدد بإحالة قضية مقاطعة البضائع الدنمركية إلى منظمة التجارة العالمية، ويعتبر أن أي حضر للمنتجات الدنمركية هو حضر على كل المنتجات الأوروبية.. هل المقدسات الإسلامية في نظره أقل شأناً من "الهولوكست"؟!!
لاشك أن كل مسلم سيرفض تلك التهديدات، وينحني تعظيماً لنبينا الكريم، وينحني مرة أخرى إكباراً لكل دولة قطعت تمثيلها الدبلوماسي مع الدنمرك، وفي مقدمتها دول الخليج العربي التي أبدت موقفاً مشرفاً يستحق كل ثناء.
[email protected]


تمت طباعة الخبر في: الأحد, 28-أبريل-2024 الساعة: 05:54 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/27794.htm