المؤتمر نت - 
وهكذانكون إزاء خريطة بانورامية يمكن القول إنها تعكس شيئاً من فسيفساءالمجتمع اليمني الراهن الذي تتنازعه في اللحظة الراهنة ميول متجاذبة، حداثيةوتقليدية، تتكئ كل منها على عناصر قوة متفاوتة حجماً ونفوذاً
بقلم / د. حسن مدن * -
هل تعود بلقيس لليمن؟

تتنافس ثلاث نساء يمنيات على الفوز بمنصب رئاسة الجمهورية اليمنية. المرشحات الثلاث يدركن على الأرجح أن فرصهن في الفوز تكاد معدومة،ولكنهن يملكن من الإرادة ما يجعلهن يبدين من المثابرة والعزم اللذين يوحيان للمراقب أنهن واثقات من الفوز. المرشحات الثلاث هن على التوالي: سمية علي رجاء، التي أقامت في باريس طويلاً، بل إنها تترأس منظمة ذات طابع ثقافي اجتماعي للتعريف باليمن في فرنسا، وهي في الأساس ناشطة حقوقيةوباحثة وابنة لدبلوماسي يمني معروف، وورثت عنه العمل في السلك الدبلوماسي بصفتها ملحقة إعلامية في العديد من العواصم الأوروبية.

المرشحة الثانية: رشيدة القيلي، وهي كاتبة وأديبة تتحدر في ميولها السياسية من التجمع اليمني للإصلاح، قبل أن تقرر تقديم نفسها كمستقلة، اعتقاداً منها بأن الارتباطات التنظيمية تحد من حركتها ككاتبة وناشطة سياسية، لكنها مثل بقية العناصر الإسلامية الأخرى تتبنى الشعار المعروف لحركة الإخوان المسلمين: "الإسلام هو الحل". أما المرشحة الثالثة والأخيرة فهي الفنانة والممثلة والمخرجة التي عملت في الإذاعة طويلا ذكرى علي أحمد، وهي شأن زميلتيها السابقتين ترى أن ترشيح المرأة للمنصب الأول في الدولة يتسق تماماً وتاريخ اليمن الذي عرف وجوها نسائية حكمن البلاد، وأظهرن من العدل والحكمة ما لم يظهره الرجال.

وهكذانكون إزاء خريطة بانورامية يمكن القول إنها تعكس شيئاً من فسيفساءالمجتمع اليمني الراهن الذي تتنازعه في اللحظة الراهنة ميول متجاذبة، حداثيةوتقليدية، تتكئ كل منها على عناصر قوة متفاوتة حجماً ونفوذاً وتأثيراً، لكن تبقى حقيقة أن كون النساء يدفعن بأنفسهن نحو معترك العمل السياسي بهذا المقدار من الجرأة يدلّ على أن الميل للحداثة يظل قوياً، رغم المقاومة الكبرى التي تظهرها البنى التقليدية الممثلة خاصة في قوة وعمق الأواصر القبلية، واختراقها لبنى الدولة، لا بل مقدرتها على تسييد سلطتها في بعض المجالات والحالات على الدولة ذاتها بوصفها الشكل الحديث للسلطة والإدارة.

هناك من يعتقد بأن ترشيح النساء قد يكون أقرب للمناورة السياسيةالإعلامية،الهدف منها إظهار أن المشاركة السياسية للنساء بلغت مستوى يسمح لهن بترشيح أنفسهن، رغم أن الكل في اليمن يجمع على أن أياً منهن لن تشكل أي تهديد، جدي أو غير جدي، للرئيس علي عبدالله صالح، إذا ما أعلن ترشيحه لدورة رئاسة جديدة، وهو ما بات في حكم المؤكد. لكن يظل أمراً باعثاً على الفضول أن حفيدات بلقيس التي حكمت سبأ مصرّات على أن يستوحين من سيرتها تطلعاً لأن يرين امرأة تحكم اليمن، إن لم يكن اليوم ففي وقت لاحق من الزمن...والزمن، كما نعلم، طويل


*رئيس مجلس ادارة المنبر الديمقراطي التقدمي

تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 29-أبريل-2024 الساعة: 04:33 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/30649.htm