د. محمد محمد الدرة -
ميثاق شرف لإضفاء المصداقية
الجمهورية اليمنية تتغنى وتفتخر في الأوساط الدولية بالنهج الديمقراطي الذي تتبعه وتمارسه والذي من أهم ركائزه الانتخابات والتداول السلمي للسلطة.
وبهذا النهج اكتسبت اليمن سمعة ومكانة كبيرة بين الدول وتوقع الباحثون والمحللون أن يكون لليمن واليمنيين شأن عظيم واستقرار ونماء متصاعد.
ولذلك فمن مصلحة اليمن أن تكون الانتخابات القادمة مرآة حقيقية للمجتمع اليمني وآمال كثيرة نعقد على نجاحها، ولنا تجارب انتخابية تَعلم الشعب اليمني منها الكثير.
وإذا كانت تلك الانتخابات السابقة على إنشاء اللجنة العليا للانتخابات قد عرفت خروقات ـ فإن ذلك كان له الأثر على الإجراءات المتخذة في إصلاح آليات الانتخابات ومنها تشكيل اللجنة العليا للانتخابات كهيئة مستقلة تشرف على سير العمليات الانتخابية ، وتظم في أعمالها قانون صدر من السلطة التشريعية .
كما قام الفرقاء السياسيون بمباشرة الانتخابات التشريعية والمحلية والرئاسية والعمل على مراقبة الانتخابات من الخروقات، وكان القضاء هو الفصل عند النزاع ، وكانت اللبنة الغائبة لإكمال المبنى الانتخابي الميثاق الأخلاقي للعمل السياسي، لأنه بعد الانتخابات السابقة وبعد إعلان النتائج، وعند ما فشلت بعض الأحزاب عن تحقيق كل أهدافها وجهت أقسى أنواع الانتقاد .
وحتى لا يتكرر الموقف في الاستحقاق الانتخابي القادم نسأل أنفسنا هل يكفي أن تكون السلطة الحاكمة قد أظهرت إرادتها وعزمت على إجراء انتخابات صادقة ونزيهة؟ طبعا" لا" الأمر يحتاج إلى إرادة قوية من اللجنة العليا للانتخابات ، وهذا الجهاز المستقل من جهته أعلن مراراً أنه سيتحمل المسؤولية في توفير شروط وظروف الشفافية والنزاهة والتنافسية الشريفة ، فهل هذا يكفي ؟ طبعا "لا" وخاصة بما استجد في الساحة السياسية من شكوك ومناكفات بين الحزب الحاكم وأحزاب أخرى ظهرت كمشكلة عند الحوار وتحولت إلى أزمة كانت القطيعة نتيجتها .
وقبل أن اطرح تصوري في حل الإشكالية القائمة أسأل ـ هل من مصلحة الوطن أن لا تشارك الأحزاب الفاعلة في الانتخابات ؟ وهل من مصلحة الأحزاب مقاطعة الانتخابات؟ طبعاً لا مصلحة للوطن أن يشكك في نزاهة الانتخابات ، ولا مصلحة للأحزاب التي ينتظر منتميها طويلاً هذه الانتخابات لكي يحققوا آمالهم وطموحاتهم ويجنوا ثمار ما زرعوا .
أما تصوري في حل الأزمة هو العودة إلى مائدة الحوار ويستبعد كل من لا قدرة له على التفاوض وظهرت حماقته في الحوارات السابقة لان الحياة اخذ وعطاء ، قبول ورد ، إقدام وتراجع حتى الوصول إلى وثيقة عهد بين الأحزاب أولاً وبين الأحزاب والسلطة ثانيا .
تكون هذه الوثيقة بمثابة ميثاق شرف تحدد فيها قواعد العمل وضوابط الممارسة وتلبي رغبة الجميع في حدود المشروعية القانونية والدستورية ، وينص فيها على الضمانات التي تحقق النزاهة في الانتخابات وشفافيتها دون استعمال السلطة والمال العام لصالح طرف دون الأخر ، وتلتزم الأحزاب بتعبئة أجهزتها لتمر الحملة الانتخابية في جو من الحماس والتفاعل، وان لا تلجأ الأحزاب إلى ورقة استعمال التشكيك في مصداقية الانتخابات ونزاهة القضاء .
أما في حالة غياب الإدارة السياسية للأحزاب وأنها قد عزمت ألا تتفق على ميثاق شرف؛ فأنه لا يبقى من خيار إلا الإرادة السياسية للسلطة في توفير انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، يعرف بعدالتها الداخل والخارج وتتخذ السلطة مجموعة من الإجراءات تتمثل أساسا في منع الإدارة من التدخل في العملية الانتخابية ومنع استغلال المساجد أثناء الحملة الانتخابية ، وإقالة كل مسئول استغل سلطاته في تشويه مصداقية الانتخابات وغايته المزايدة بالولاء ، بل واتخاذ كل ما من شانه أن يعمل على المصداقية وباعتماد الحزم والوقوف بشدة ضد المنتهكين للقوانين والمبادئ الأساسية المتحكمة في العملية الانتخابية وهذا يضفي على اللجنة العليا للانتخابات المصداقية والمهابة والاحترام .

*عميد كلية الحقوق بجامعة تعز
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 15-مايو-2024 الساعة: 12:48 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/31388.htm