بقلم/ احمد موفق زيدان -
افخاخ القاعدة. من أفغانستان إلي الصومال
الرسالة الصوتية الأخيرة التي بثتها قناة الجزيرة الفضائية لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، والتي أشار فيها إلي جبهتي الصومال ودارفور، ودعا فيها أتباعه ومناصريه إلي الاستعداد لحرب عصابات طويلة الأمد ضد القوات الدولية التي يتوقع زعيم القاعدة دخولها هذه المنطقتين، هذه الرسالة الصوتية حرّضت وأنعشت ذاكرتي وتحديداً ذاكرة لقائي مع المسؤول العسكري لتنظيم القاعدة السابق أبو حفص المصري حين أبلغني بعد أسابيع علي وقوع تفجير يو إس كول الامريكية في ميناء عدن.
أبو حفص وضع الاستراتيجية العليا لتنظيم القاعدة في ذلك اليوم من شهر تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2001، حين قال إن استراتيجية القاعدة تكمن في جر القوات الامريكية خارج قلعتها الحصينة وهي امريكا، وإخراجها من حصنها إلي دول ثلاث وهي: أفغانستان والعراق والصومال، واستفاض حينها أبو حفص المصري في الأسباب والدواعي الاستراتيجية والعسكرية والطبوغرافية والسكانية التي دفعت القاعدة إلي هذه الاستراتيجية.
الآن وبعد خمس سنوات علي الحرب علي ما يوصف بالإرهاب أين أصبحنا ومن الذي انتصر فيها ومن الذي كسبها؟
باختصار إن الذي كسبها هو من يقود حرب العصابات لسبب بسيط، وهو أن وظيفة الدولة أو الاحتلال كما هو محدد في العلوم السياسية حفظ الأمن والاستقرار والتنمية والتطوير ونحو ذلك، بينما وظيفة حرب العصابات إقلاق قوات الحكومة والاحتلال ونسف مشاريعه واستنزاف قواته، وبنظرة سريعة علي وظيفة كل من الجهتين يتبين أن الذي نجح في مهمته ووظيفته المحددة له هو رجال حرب العصابات وهم هنا تنظيم القاعدة .
أذكر ذلك تماماً حين سألني صديقي عمن هو عدو لأمريكا وتجدني أجيبه دون أي تفكير أو تمحيص إنه الرئيس جورج بوش الذي طالما كرر أن لديه مهمة سماوية، تجدني أقول هذا لسبب بسيط وهو أن نشر الفوضي في كل من أفغانستان والعراق والصومال وغداً ـ ربما ـ دارفور كما يخطط زعيم القاعدة كلها فوضي تصب في صالح القاعدة وشقيقاتها وأخواتها، والأمر ظاهر للعيان في هذه الدول، وهنا يصدق قول مؤلف كتاب مطمطة إمبريالية حين قال إن امريكا تدخلت خلال العقود الماضية في 35 دولة، وحولتها جميعها إلي دول فاشلة.
إن ما يحصل في أفغانستان دليل واضح علي فشل الحكومة في توفير الأمن والاستقرار فضلاً عن التنمية التي عادة ما تكون نتيجة للأولي، وما يحصل في الصومال خلال السنوات الماضية دفع الأهالي والمواطنين إلي الترحيب بالمحاكم الشرعية، لأن الناس والعامة يريدون أن يعيشوا كبشر وكآدميين لا تحكمهم عصابات شذر مذر.
إنه لولا الدعم الشعبي والمجتمعي في أفغانستان والعراق والصومال للمسلحين لما استطاع هؤلاء أن يقاتلوا ولما استطاع آلاف من المسلحين الأجانب أن يعيشوا في العراق، ولا أن يعيش أفراد القاعدة في مناطق القبائل الباكستانية وكذلك بين الأفغان، إنه الدعم المجتمعي وهو درس واضح جلي للأمريكيين ولكل القوي المسلحة عنوانه لا عاصم لكم بعد الله إلا الدعم المجتمعي الشعبي
*عن القدس العربي
تمت طباعة الخبر في: الثلاثاء, 30-أبريل-2024 الساعة: 06:51 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/31889.htm