المؤتمرنت/ميشيل هوبنك-ترجمة: علي حمزة -
هل من إسلام عصري للشباب الهولندي المسلم؟

يجد الشباب المسلمون، في الغالب، خلال بحثهم في الإنترنت عن تفاسير وتأويلات بديلة لعقيدتهم، الإسلام السلفي الأصولي. أما المفاهيم والتأويلات الديمقراطية الحداثية للإسلام، فلا تزال تحت الظل.

هذا ما يقوله عالم السياسة الهولندي فرانك بايس الذي أعد تقريراً، نشر مؤخراً حول الاتجاهات الراديكالية والديموقراطية وسط الشباب الهولنديين المسلمين. ولذلك، يجب على السلطات أن تقدم الدعم النشيط للإسلام الحداثي.

يعاني الكثير من شباب الجيل الثاني من المغاربة من أزمة حادة. وبحكم أنهم ولدوا وترعرعوا في هولندا، فإنهم يجدون أنفسهم يعانون من هوة تفصلهم عن جيل آبائهم الذين لا يزالون، في أحيان كثيرة، يتمسكون بقيمهم المنتجة في الريف المغربي. وفي نفس الوقت لا يشعر هؤلاء الشباب بأنهم مقبولون من المجتمع الهولندي.

في هذا الفراغ، تنشأ الرغبة في العثور على هوية تلم شتات أرواحهم من الجانبين. التأكيد على خلفيتهم الإسلامية، يمكّن هؤلاء الشباب من تمييز أنفسهم من المجتمع الهولندي والعثور على هوية خاصة بهم. ولكنهم يبحثون عن إسلام يختلف عن النسخة المغربية التقليدية لإسلام آبائهم. إسلام يقدم إجابات لاحتياجاتهم الخاصة والنوعية.

وفي بحثهم هذا من أجل البدائل، يستطيعون، عموماً، الاختيار بين بديلين. أحدهما، إسلام حداثي يوفق بين التقاليد الإسلامية والحياة في مجتمع غربي حديث. والآخر، إسلام أصولي يزايدون به على آبائهم في المحافظة ويرفضون به المجتمع الغربي. ومن بين هذين القطبين؛ الإسلام الحداثي والإسلام الأصولي، ينبثق بالتدريج "الإسلام الأوروبي" القادم.

ما الذي يجعل المرء يختار أحد الاثنين؟ وفقاً لعالم السياسة الهولندي فرانك بايس، أحد المساهمين في إعداد تقرير نُشر مؤخراً حول الاتجاهات الراديكالية والديمقراطية وسط الشباب الهولندي المسلم، فإن الأمر يظل خياراً شخصياً، ولكن هناك أيضاً عوامل اجتماعية لها دور تلعبه.

فيما يتعلق بسلوكهم تجاه المجتمع الهولندي، فإن الشباب المسلمين ممزقون بين رغبتهم في الحفاظ على هويتهم الخاصة وبين رغبتهم في المشاركة ولاندماج في المجتمع الهولندي. وفي أفضل الحالات، يقومون باعتناق تأويل حداثي للإسلام يلبي كلا الرغبتين ويوائم بين الولاء للعقيدة الإسلامية وإمكانية المشاركة في المجتمع الهولندي.

ولكن هذا الخيار يكون جذاباً فقط في الحالة التي تُعتبر فيها المشاركة أمراً واقعياً لا مناص منه. والكثير من أبناء الجيل الثاني من المسلمين يعانون من الإحساس بأنهم غير مقبولين من المجتمع الهولندي، وهذا الإدراك فقط يتزايد بسبب المناخ الانتقادي للإسلام منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر.

عندما تفشل جهود هؤلاء الشباب في الحصول على اعتراف المجتمع الهولندي بهم، فمن الممكن، في لحظة ما، أن يتخلوا عن بذل هذه الجهود. وهذه هي اللحظة التي يختار فيها البعض الإيدولوجية الأصولية الرافضة للمجتمع الغربي.

وقد لاحظ بايس، خلال بحثه، أن الإسلام الحداثي يعاني من مشكلة علاقات عامة، إذ غالباً ما يجد الشباب الهولنديون المسلمون الذين يبحثون عن تأويل بديل للإسلام أمامهم مصادر الإسلام السلفي الأصولي فقط.

"يقوم الشباب المسلمون بالتنقيب عن التأويلات البديلة للإسلام، غالباً، في الإنترنت. وهنا لا يعثرون إلا على الكتب والمواقع السلفية والمحافظة. والمفكرون الحداثيون الديمقراطيين يعرضون ما لديهم بشكل فقير جداً على الإنترنت".

دفعت هذه الملاحظة بايس إلى مطالبة السلطات الهولندية بالقيام بدور نشيط لدعم الإسلام الحداثي ولكن، يجب على السلطات أن تقوم بذلك مع الأخذ في الاعتبار التحذير التالي:

"أن يكون هذا الدعم غير مباشر. ربما يكون ذلك عن طريق دعم المواقع الإلكترونية الحداثية، وترجمة كتابات المفكرين الحداثيين. ومن الممكن أن تدعو السلطات المفكرين الحداثيين لتقديم محاضرات، وتنظيم سيمنارات، حيث يقوم الأئمة بمناقشة الأفكار الحداثية، ومن الممكن أيضاً إنشاء معهد إسلامي يتيح تمثيل جميع الاتجاهات مع إعطاء الإسلام الحداثي مساحة أوسع".

هذا المنهج الذي يدافع عنه بايس مثير للجدل؛ نظراً إلى تعارضه مع مبدأ الفصل بين الدين والدولة. ولكن بايس يعتقد أن التقيد بهذا الفصل لا يجب أن يكون صارماً في الوقت الحاضر.

ولكن، هناك أيضاً مشكلة أخرى. يشكو الحداثيون الإصلاحيون في كثير من الأحيان من أن مشروعاتهم لا تنال المصداقية والشرعية والقبول؛ لأن أية محاولة للإصلاح، في نظر الرأي العام الإسلامي، توصف بأنها غربية.

ولذلك، من الممكن أن تكون للدعم الغربي نتائج سلبية، وأن يكون من شأنه فقط تهديد جهود الحداثيين. ويعلم بايس هذا الخطر، إلا أنه لا يراه سبباً لتغيير وجهة نظره: "على أية حال، كثير من هؤلاء الحداثيين محسوبون على الغرب. إذا دعمتهم الحكومة الهولندية أم لم تدعمهم، فلن يختلف الأمر كثيراً".
*إذاعة هولندا العالمية

تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 10-مايو-2024 الساعة: 12:07 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/34701.htm