المؤتمر نت - .
المؤتمرنت/ د . أسامة عثمان -
ملحوظات على تصريحات وزير الثقافة المصري
أثارت تصريحات وزير الثقافة المصري في الحجاب قدرا من الاستنكار في أوساط المسلمين في مصر وخارجها ،سواء على المستوى الشعبي ،أم المؤسسي ،فقد أعلن الأزهر على لسان الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر السابق وعضو مجمع البحوث الإسلامية أن الوزير حسني لا ينبغي له أن يتحدث في علوم الدين . وبقي الوزير مصرا على رأيه معتبرا أن الدين مسألة عامة ، وليست حكرا على أحد ، ولكل إنسان أن يبدي رأيه فيه .

والملحوظ في تصريحات الوزير المصري التي أدلى بها إلى صحيفة " المصري اليوم " أنه يمزج بين منطلقين متناقضين ؛ فمرة يوهم المتلقي بانطلاقه من الإسلام ، وذلك حين يقول : " الدين أصبح اليوم مرتبطا بالمظاهر فقط ، رغم أن العلاقة الإيمانية بين العبد وربه لا ترتبط بالملابس " . وأخرى ينطلق من تفكيره هو ، وهو منطلقه الحقيقي ، وذلك حين يقول : " النساء بشعرهن الجميل كالورود التي لا يجب تغطيتها وحجبها عن الناس "
وهو يلمح في موضع ثالث إلى رغبته في انسلاخ مصر عن هويتها الإسلامية العربية ، إذ يقول : " ... ولا بد من أن تعود مصر جميلة كما كانت وتتوقف عن تقليد العرب ..."

أما بالنسبة لقوله إن الدين أصبح مرتبطا بالمظاهر ، فإن المعلوم أن الإسلام عقيدة وشريعة ، والعقيدة في القلب ، والشريعة هي التي تنظم علاقات الفرد والمجتمع ، ومن ضمن ما ينظمه الإسلام من شؤون الفرد ملبوساته كما مطعوماته ومشروباته ، فاللباس ، وهو مظهر ، حكم ثابت من أحكام الدين . ومكمن الخطورة في تصريحات الوزير أنه تجرأ على الحكم على صلاحية الحكم وصوا بيته ، ولو اقتصر على عدم الالتزام به فيمن هم من أهله لكان الأمر أقل خطورة واستفزازا لمشاعر المسلمين .

ولا أريد التصدي لإثبات الحجاب ، وهو الواجب بنص القرآن والحديث ، ولا اجتهاد في مورد نص . غير أن السؤال الذي ينتظر من الوزير جوابا هو : هل ترى ، سيادتكم ، أن الإسلام لا يوجب الحجاب ، وأن هذا ما أرشدك إليه النظر الصحيح ؟ أم أنك تضرب عن الإسلام صفحا ، ولا يهمك رأيه في هذه المسألة ؟
فإن كانت الأولى فليوكل الأمر إلى أهله من العلماء المؤهلين للنظر الشرعي ، وإن كانت الثانية فنحن نربأ بالوزير أن ينسلخ من دينه " ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون " {المائدة : 50 } وهو في هذه الحالة التي لا نتوقعها مطالب أن يطلعنا على أيديولوجيته المتكاملة لنهضة العرب ، وحل أزماتهم المتعددة المتنوعة ، وهو الموجود في مركز القرار ، وليس بالرجل العادي الذي قد يمر كلامه , ولا يؤبه له .

لقد كان الأولى أن يتذكر وزير الثقافة أنه في مكانة اعتبارية ، يفترض أنه يمثل فيها ثقافة شعبه التي يدين القسم الأكبر منه بالإسلام ، ويحترمه جل الباقين من غيرهم ، لقد كان بمقدوره الصبر على آرائه ، وأن يطويها في صدره ، ولا سيما ، وهو في هذه المكانة ، لا أن يستغلها ، على هذا النحو .

ومن جهة أخرى فإنه يحق للمرء التساؤل عن ضرورة هذه التصريحات ، وعن مقدار الضرر الناجم عن تحجب نساء بمحض الرغبة والاختيار ، بل التصميم والإيمان ، وهل ضاق العالم بالحجاب إلى هذه الدرجة ، واتسع لكل صرعات الشذوذ والعنصرية والاستهانة بأرواح البشر ، عبر القتل اليومي ، والاعتداء على الأعراض والمقدسات من كل الاتجاهات .

وأخيرا فإنها لحالة غريبة تتمثل بالانفصام بين شعور الجمهرة ومن يدعي تمثيلها ، وهي تستدعي التصويب ؛ لأنها تضعف كيان الأمة وتشتت قواها .

.
[email protected]

تمت طباعة الخبر في: الخميس, 02-مايو-2024 الساعة: 11:22 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/36963.htm