المؤتمر نت - .
نصر طه مصطفى -
فليقولوا حقاً أو ليصمتوا !!
يحتاج الكاتب أحيانا لنوع من الراحة الذهنية والنفسية بعد المواسم الساخنة، وهذا كان حالي بعد موسم الانتخابات الرئاسية والمحلية الساخن حيث أحسست بالحاجة لمثل هذا النوع من الراحة بسبب ما شهدته تلك الملحمة الديمقراطية البديعة من حالة شد غير مسبوق للأعصاب... وقد كان من الموافقات الطيبة أن شهر رمضان المبارك
حل مباشرة عقب الانتخابات فأزال الكثير من أسباب التوتر بل ومنع الكثير من اللغو والشطط والغلو في الحديث عن نتائج الانتخابات... وهذا ما يجعلني أطلب من القراء الكرام أن يعذروني عن التوقف عن الكتابة في هذه الجريدة الغراء خلال الشهور الأربعة الماضية وأن يتقبلوني مجددا من الآن فصاعدا في الحديث عن العديد من شئوننا وشجوننا الوطنية أولا والعربية والدولية ثانيا.
ولأن الموضوع الأكثر سخونة اليوم هو تجدد التمرد الذي يقوده الحوثيون في بعض أنحاء محافظة صعده فلم أستطع التملص من الوقوف أمامه ببعض التأملات المنطلقة هذه المرة من قدر كبير من الاستغراب تجاه من يريدون تحميل الدولة المسئولية في هذه المواجهات كما حملوها المرتين الماضيتين، والأغرب أنك إن دحضت حججهم يعودوا فيقولون (ولو... الدولة ما يسبرش تستخدم القوة!)... وأنا هنا مثلي مثل جميع الناس لا أحب أن تستخدم الدولة القوة بالتأكيد ، لكن ماذا لو أن هؤلاء المتمردين قطعوا على الدولة كل سبل الحل السلمي... هل تتركهم الدولة وشأنهم وكأنهم في جمهورية مستقلة يفعلون ما يشاءون من أعمال تتعارض في كل أعراف الدول مع السيادة وتخل بالأمن والاستقرار؟!
إن من يعرف الرئيس علي عبدالله صالح يدرك جيدا أنه ليس من أنصار استخدام القوة في حل الخلافات السياسية والعقائدية ، وتاريخه الطويل في الحكم يؤكد ذلك ويدعم هذه الحقيقة دون أدنى شك ويؤكد كذلك أنه لم يلجأ لخيار القوة في أي لحظة من اللحظات إلا للحفاظ على سيادة واستقلال واستقرار البلاد وهيبة الدولة طالما استنفدت الحلول السلمية وانتهت إلى طريق مسدود... وإذا كان البعض يعتقدون أن المواجهة الأولى مع الحوثي في يونيو 2004م كانت متعمدة من الدولة – رغم يقيني أن الطرفين انجرا إليها دون قصد أو ترتيب – فإن عليهم أن يدركوا أن المواجهة الثانية مع الحوثي الأب في مارس 2005 والمواجهة الدائرة اليوم هي بكل يقين بإصرار وتصميم من المجاميع المسلحة التابعة للقيادات الحوثية.
لاشك أن من يفهم طبيعة الفكر العقائدي المتشدد الذي تربى عليه أنصار حسين بدرالدين الحوثي سيفهم جيدا أسباب إصرارهم على القتال والمواجهة رغم كل المبادرات التي قدمتها لهم الدولة كدليل على حسن النية وعلى عدم وجود قرار باستئصالهم ... ابتداء من قرار العفو العام عنهم الذي أعلنه فخامة الرئيس بنفسه مرتين خلال عامي 2005 ، 2006 مرورا بإطلاقهم جميعا من السجون وإلغاء الأحكام الصادرة بحق إثنين من قيادييهم والتعويضات المالية الكبيرة التي صرفت للمتضررين من الحرب وانتهاء بتغيير المحافظ ومدير الأمن ودعوتهم لإنشاء حزب سياسي بديلا عن التنظيم المسلح الذي أنشأوه قبل حوالي عشر سنوات ... وكل ذلك كان مشفوعا باستمرار بالعديد من الوساطات والحوارات سواء تلك التي قادها أشخاص أو لجان وساطة أو علماء أو غير ذلك دون جدوى ، بل إنهم استفادوا من فترة الهدوء السابقة – بحسب المعلومات الرسمية المؤكدة – للتسلح وإعادة التمترس والانتشار بغرض الاستعداد لمواجهة جديدة يعبرون من خلالها عن مدى التزامهم العقدي بفكرة لاشرعية الحكم القائم وعدم أهلية القائمين عليه لأسباب ترتبط بأنسابهم وليس بشيء آخر!
إن استمرار بعض القوى السياسية في المعارضة بالتلاعب بمشاعر الناس وإيهامهم بأن الدولة تريد استئصال هؤلاء المتطرفين إلى آخر الأسطوانة المعروفة هو موقف مؤسف خاصة أن الأحزاب الكبيرة الثلاثة في المعارضة تعرف تماما من هم الحوثيون وأي فكر متخلف مريض يحملونه وأي مخاطر على الوطن يحملها مثل هذا الفكر ... ولذلك كان من الأفضل لهم أن يصمتوا ويدعوا الدولة تعالج الأمر بما يحفظ هيبتها وسيادتها واستقرارها بدلا من التشويش على عباد الله بالمغالطات! .

* 26 سبتمبرنت
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 29-مارس-2024 الساعة: 07:00 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/40482.htm