المؤتمر نت - .
بقلم : عباس الضالعي -
الارتباطات الخارجية والغطاء الداخلي للتمرد وضرورة الحسم العسكري
منذ أن قام الصريع حسين الحوثي بتمرده عام 2004م وخروجه على الشرعية وإعلانه العصيان المسلح وقيامه بإرتكاب مجازر في حق أبناء القوات المسلحة والأمن وعدد من المواطنين وما ترتب على هذا الفعل من خسائر مادية وممتلكات عامة وخاصة ، منذ ذلك التاريخ ونحن نبحث عن أي مبرر لتلك الأفعال الإجرامية ، ومع تكرار أفعالهم بالتناوب في الأدوار بين الأبناء والأب يرى المهتمون بالأمر أن قضية الحوثي ومنذ نشأتها الأولى في بعض قرى صعده أنه لا يوجد للحوثي قضية ولا توجد معه مشكلة تؤدي إلى كل هذا ولا يستند إلى هدف ما يريد تحقيقه على الصعيد المحلي أو الوطني أو المذهبي ، فقضيته تقوم على ولاءات وأحقاد دفينة يحاول من خلالها البحث عن ما يعتبره من أمجاد ماضيه الذي أنتفض الشعب كله من أجل القضاء عليه .

فالقضية ليست صراعا من أجل المذهب أو الحفاظ عليه فهو خارج عن المذهب وبعيد عنه وهذا بحسب الفتوى التي صدرت عن كبار مراجع الزيدية في اليمن الذي أنكروا الآراء التي أعتبروها دخيلة على الزيدية وخروجا عن الفقه الزيدي والهادوي الذي يتبعه كثير من أبناء اليمن ، وكما وردت في بيان توضيح موقفهم من آراء الحوثي الصريع حسين وخروجها عن أدبيات الزيدية وأوضحوا أن الجعفرية والإثنى عشرية هما ما يتوافق معها أراء الحوثي الصريع ، ومن هنا نجد المدخل والبعد الذي يقف وراء تمرد الحوثي أنه رمى نفسه الهالكة بين أحضان العمالة والتآمر على الوطن وهذا ليس هو الهدف الذي من أجله توالت الأحداث في صعده وزاد المتمردون من غيهم في الخروج والعصيان .

موقف الدولة أو الأحرى واجب الدولة أتخذ عدة مراحل بداية بالوساطات والحوارات والعفو حتى وصل الأمر إلى القضاء على التمرد عسكريا وهذا هو الحل الذي كان من المفترض أن تقوم به الدولة منذ بداية التمرد ، لكن ونزولا عند رغبة فخامة الأخ رئيس الجمهورية الذي يفضل حل الخلافات التي لها طابع سياسي بالحوار تجنبا لأي خسائر بشرية ومادية ، وهذه مكرمة أخلاقية ونبل يسحب له ينطبق هذا حين تكون هناك جماعة لها برنامج ولها مشروع وإن كان هذا المشروع يصل إلى درجة العصيان لأن من يمتلك برنامجا ومشروعا يمكنه الوقوف على عدد من المراحل ويحاول الإستفادة من العروض التي تقدم له ، أماّ حين يتعلق الأمر بجماعة غالبية أعضائها من الجهلة والأميين ويقودها أشخاص تسيطر عليهم أفكار من خارج التاريخ والواقع فلا جدوى من أي حوار أو عروض لأن ما تربت عليه لا يتفق والأخلاقيات المتعارف عليها اليوم في حل مثل هذه الصراعات ، وعلى الرغم من عدم إستفادة جماعة التمرد من تلك المساعي الداعية إلى حل الإشكال – إن وجد - وإستمرارها بالعصيان والتمرد ومعرفتها مسبقا أنها ذاهبة إلى الهلاك حتما ، حاولت الإستفادة من تلك العروض لإعادة لملمة صفوفها والتمترس في الجبال ووراء السكان من أبناء تلك القرى حتى حسمت الأحداث في الميدان عسكريا .

وإلحاقا بواجب الدولة نحو هذه القضية تم الإفراج عن المساجين وقامت الدولة بتعويض وإعمار ما خلفته الأحداث إيمانا منها بإنهاء جميع مظاهر التمرد وما ترتب عليه إلى أن وصل الأمر بتكفل الدولة على إعالة أسرة الصريع حسين الحوثي وهذه بادرة نادرة في تاريخ الصراعات المماثلة خاصة على المستوى العربي ، وكان يفترض أن تقابل هذه المبادرة بنوع من الفهم لكنها قوبلت بالإستغلال السيئ والمكر والخداع والخروج عن الدين والقانون والأعراف الإجتماعية .
واليوم مع تجدد الأحداث في بعض قرى محافظة صعده ومن نفس المجموعة الخاسرة والمارقة عن الدين والقانون وبنفس العناصر والدوافع مع بروز بعض المؤشرات التي تعمد الخطاب الرسمي لتغييبها نجدها اليوم بارزة وعلى الملأ أقوالا وأفعالا وممارسة وربما هي نفس الأدوات الداعمة والمؤثرة منذ بداية التمرد لكن من باب العلاقات العامة تم تغييبها والإعلان والتلميح على المستوى الرسمي بدأ يخرج بعض الأفعال والممارسات التي تقف وراء التمرد والتي يمكن تصنيفها بالإرتباطات الخارجية للقضية كأبعاد حقيقية لا يمكن تجاهلها إستنادا لمستوى الدعم المادي للمتمردين هذا على مستوى التدخلات الخارجية أما على المستوى المحلي والوطني فهناك أكثر من دور تقوم به جهات وشخصيات إجتماعية وسياسية وبرلمانية ومالية والتي تعرفها الدولة جيدا لكن يتم السكوت عنها لأسباب تراها – الدولة – أنها من صالح القضية وحل المشكلة ، لكن يبدوا أن الإستغلال الرخيص لهذه المواقف من طرف الدولة تتحول إلى عامل في إستمرار الصراع في الميدان زمنيا .

التمرد بين الخارج وغطاء الداخل :

منذ إنطلاقة التمرد الذي يقوده الحوثيون في بعض قرى صعده الذي توفرت مؤشرات الأدلة على التدخل الخارجي الهادف إلى تصفية صراعات إقليمية مسرحها اليمن و تعدد أدواتها وأدوارها يفترض من باب الحتمية أن هناك أدوات داخلية فاعلة تعمل على تهيئة وصول التدخلات الخارجية إلى ما تسعى إليه ، وبالمختصر المفيد أن الدولة وضعت يدها يقينا على ما يدل على التدخلات الخارجية في القضية وحددت الجهات التي تقف وراء هذا دون ما يوجد من مبررات تؤدي إلى هذا أدناها ضعف العلاقات الدبلوماسية ، وهذا الدولة قادرة على معالجة هذا الأمر بوسائلها التي تراها مناسبة ، والمهم في الأمر هو الغطاء الداخلي الذي يتم توفره لجماعة التمرد من جهات سياسية وإعلامية ولوجستية ومخابراتية الذي ادوته الفاعلة عدد من الشخصيات السياسية والإعلامية والبرلمانية والمالية والذي معه تتشعب القضية وتأخذ أبعاد أخرى أهمها تأخر الحسم العسكري الذي هو الخيار الأمثل والأوحد لمعالجة القضية وإجتثاثها حتى لا تتوسع من نطاقها الذي هي عليه اليوم .

و نحن هنا أمام عدد من الأسئلة والإستتفسارات التي تبحث عن إجابة : تبدأ منذ النشأة والشروع بالعصيان فأين المعنيون في المحافظة حين كان الصريع حسين الحوثي يعد العدة ويشتري الأسلحة ويدرب أفراد جماعته ولملمتهم من القرى والشوارع وكانت هذه لفترة تصل إلى أشهر ؟ ولماذا تم التغييب أو التجاهل لمثل هكذا معلومات ؟؟
ثم بعد أن قضت القوات المسلحة والمواطنين الشجعان على التمرد لماذا عاد المتمردون على لملمة صفوفهم من جديد والتخندق في الجبال والقرى والتسلح من جديد ؟؟ ومرة أخرى أين كانت الأجهزة المعنية وخاصة الأمنية ؟ وأين كانت السلطة المحلية في المديرية والمحافظة ؟ ولماذا تم السماح بعودة تلك العناصر للجبال وأين كانت القوات المسلحة المتواجدة هناك ؟؟ ولماذا لم يقدم الأشخاص الذي ثبت دعمهم في المراحل السابقة أم أن الأمر كان خاضع للإختراق الذي ربما لا زال موجودا ؟؟

هذه الأسئلة على رغم مشروعيتها إلاّ أن الإجابة عليها لا زالت خاضعة للتحليل والتخمين والإستنباط الفردي ، وما نستند عليه في هذا هو وجود بعض المؤشرات التي تتصرف وفق رد الفعل على ما جرى أثناء العملية الديمقراطية المتمثلة في الإنتخابات المحلية والرئاسية وما ترتب على تلك النتيجة التي جاءت مغايرة لما كان تطمح به بعض الأطراف السياسية والذي أنحصر كردة فعل عند بعض الشخصيات السياسية والبرلمانية والذي تتصرف على أساس تلك الردة بأفعال وتصريحات توحي بالخروج على النظام والوقوف في وجهه ، ومساعي تلك الشخصيات التي لا داعي لذكرها بالاسم حاليا مستفيدة من الحصانة التي وفرها لهم القانون في حالة النشاط المسموح به قانونا حتى ولو كان في صف المعارضة ويقومون بتفسير الحصانة كما تمليه عليه أهوائهم وفهمهم القاصر للعمل السياسي والبرلماني .

إن المثير للجدل في هذه القضية هو تجددها بعد الإنتخابات في العام الماضي وما ترتب على نتائجها الذي قوبلت بردات فعل وتصرفات يوصف أحيانا بالصبيانية ، فالجميع يعرف الشخصيات التي تقوم بدور الإستجداء للخارج بغرض القيام بأعمال وأنشطة تستهدف دولة أخرى والتي لم يكتب لها النجاح في حينه ، الأمر الذي يبدو أن الدور تغير إلى إعادة مشكلة الحوثي الذي يستغلونه فيه أحقاده وتوجهه وقابليته للإرتماء في أحضان العمالة .

القضية اليوم ليست قضية صراع مذهبي أو سياسي إنما قضية إستهداف الوضع الداخلي الذي قد ينتج عنه إساءة اليمن بعلاقاتها الدولية وخاصة دول الجوار الشريك الأساسي للتنمية في اليمن ، والمؤكد أن الأيادي الداخلية تتمركز في مواقع القرار السياسي والأمني والعسكري لتوفر الغطاء اللازم لإستمرار التمرد حتى يلحق أكبر قدر من الخسارة في جوانبها الإقتصادية والبشرية والسياسية تحقيقا لرغبات خارجية وأحقاد جديدة قديمة .

ما نريد أن نؤكد عليه في هذا حتى لا تأخذنا التحليلات أن الدولة اليوم معنية القيام بواجبها على مختلف الأصعدة وأن تفرض القانون على جميع من ثبت إدانتهم او من يقعون داخل دائرة الشك لأن ما يقومون به هو خروج على الدستور والقانون وعلى الدولة أن تقرر أن القضية لا يمكن أن تحل إلاّ بالحل العسكري وإجتثاث ما تبقى من عناصر وأوكار التمرد وأن لا تترك هذه المرة أي أثر قد يؤخذ مستقبلا كذريعة لمن يريدون أن يتمردوا وأن تتبع الأنشطة الفردية لعدد من الشخصيات التي تتمتع بحصانات دبلوماسية أو إجتماعية أو مالية وأن تعمل على إحداث تغيير شامل في جميع المرافق والدوائر التي لها صلة مباشرة أو غير مباشرة بالقضية أو حتى الشخصيات التي تدعي أن لها إرتباطات تؤهلها عند أطراف المتمردين بالإقناع أو الوساطة ، الحل اليوم هو عسكري بالدرجة الأولى تأتي بعده معالجة الأسباب والإرتباطات والآيادي التي كانت لها أضلاع بالقضية وإعادة النظر في مواقعها وطريقة التعامل معها ، وبعد الحسم العسكري المنتظر على الدولة وأجهزتها المعنية وبالأخص العسكرية والأمنية والسلطات المحلية هناك أن تحكم من قبضتها وتؤدي واجباتها كما خولها الدستور والقانون وأن تمنع المواطنين من الإستهداف لإغواءات المتمردين ، كما على الدولة أن تعيد آلياتها بما يتعلق بإستخدام المناطق الجبلية ومراقبة الأنشطة التي تجري في تلك الجبال وغيرها .

ندعو الله بالنصر لقواتنا المسلحة والأمن الذي ننتظر أن يحسم الأمر بأقل الخسائر المادية والبشرية والقضاء على فلول التمرد والفتنة والطائفية .
*[email protected]
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 28-مارس-2024 الساعة: 11:39 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/40565.htm