المؤتمر نت - نساء يتوجهن للاقتراع
د. هدى علوي - نقلاً عن صحيفة الايام -
أيام المرأة
«إن إنسان المستقبل سيكون قد تعلم من المرأة ما يجعله يقدم اعتذاره»..إن التصدي لقضايا المرأة والتعبير عنها بموضوعية، عملية معقدة ، حيث تتطلب إعادة قراءة الخطاب الاجتماعي بما يضمن سلامة التناول لهذه القضايا بعيداً عن التلويح بالأذرع في الهواء .

وفي هذا المعنى فإن تجسيد المرأة حقها في الدفاع عن وجودها الإنساني من خلال سبل التعبير عن همومها ومشكلاتها الحقيقية مسألة ليست من السهولة بمكان لاعتبار حجم تراكم القيم الزائفة الذي يشكل عائقاً كبيراً يحول دون كفاية المرأة في الإفصاح عن حقها في حرية الرأي على الأقل حول قضاياها الحيوية، فالثقافة الاجتماعية السائدة تعزز مفاهيم خطيرة تتعلق بتهميش دور المرأة في إدارة دفة الحياة .. فتنادي بعض الاتجاهات بعودة المرأة إلى البيت، وتنتقد أخرى صعودها إلى المنبر واشتغالها بالعمل السياسي، بينما تتباين الفتاوى والحجج الفقهية حول النقاب، وبصدد جواز ولاية المرأة وفي تحريم خروج المرأة بدون محرم، ويثار بين الحين والآخر ما يسمى بجرائم الشرف، كما يفلت المسؤول جنائياً عن استخدام العنف ضد المرأة من العقاب بسبب سيادة ثقافة الخوف وسيطرة جلاد الكتمان على رؤاها، فتتحفظ المرأة ذاتها عن تبني مواقف أشد وضوحاً لدى شرح مفردات مواضيعها الحساسة حيث يعلو كم الضوابط والمحاذير الأخلاقية ذات الطبيعة المطاطية ويتصاعد مؤشر الموانع النفسية الغامضة التي تعترض محاولة مناقشة تلك المشكلات فيكرس المجتمع دائماً بصورته المحافظة نظرية التملق للواقع بكل منغصاته وإرهاصاته سبيلاً للخضوع لما يسمى بفلسفة العيب .

وعلى هذا النحو يفترض تغييب العقل وتجهيل المنطق في أي مساحة حرية تمنح للمرأة لا سيما لدى التعبير عن قضاياها تجنباً للاصطدام بالموروث الثقافي وكي لا يخدش نموذج الحياء، أو تصاب الثوابت بشرخ، الأمر الذي يسلط سياط الترهيب في وجه المرأة ويضع حاجز الخوف داخلها فيعرقل تأهيلها لخوض غمار المكاشفة لمتطلباتها الإنسانية الملحة، بوعي ومسؤولية ، فتنعكس كل تلك النتائج في إعلاء قيم الكبت والكتمان التي كانت مازالت اللغة المرنة المتداولة في مجتمعنا .

فالمرأة المثقفة تلتزم بمنهج التحوير والتدوير في أحاديثها الفكرية.

والمرأة الأديبة محكومة بقوالب نمطية بيضاء لشخصياتها القصصية او رؤاها الشعرية .

والمرأة السياسية مدفوعة بتبعية تنظيمية ومسار حزبي محدد.

والمرأة الموظفة تستنزف طاقاتها وتبيع قوة عملها مرتين إحداهما بأجر مادي والأخرى بمقابل معنوي .

والمرأة ربة المنزل ترجح بتلقائية كفة السلامة في السير باتجاه الظل .وهكذا يفترض المجتمع بموانعه وكوابحه أن الجرأة في التعبير عن تفاصيل حقوق المرأة قضية موسومة بالشطط، فيضع أمامها خطوطاً حمراء لا يفترض تجاوزها وإلا أضحت مثل السلحفاة التي تخرج من صدفتها فتصير عرضة لأذى العالم الخارجي ، فإما أن تلعق النعامة الطين حتى الأبد إذا ما اختارت أن تدفن رأسها في الرمل، أو تمشي على الزجاج المطحون إذا قررت أن تقف في مواجهة التيار. إن معركة المرأة الحقيقية لم تكن قط معركة ضد الرجل، وإنما كانت ومازالت معركتهما معاً في مواجهة التخلف وواقع الظلم الذي يصطدم به الرجل والمرأة معاً في مسيرة التغيير والبناء .إن تعاطي المرأة مع قضاياها اليوم بحاجة إلى إعادة نظر، لتصحيح استراتيجية العمل معها بما يتناسب مع مفردات العصر ويترجم في الوقت نفسه متطلبات خصوصية المجتمع الذي تعيش فيه دون حاجة للسقوط في هوة الدونية أو التشدق بالشعارات الفضفاضة .

*أستاذ القانون الجنائي المساعد -كلية الحقوق جامعة عدن

تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 29-أبريل-2024 الساعة: 06:12 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/41559.htm