المؤتمر نت -
سمير رشاد اليوسفي -
الرئيــس والصحـافة ؟!
- ثمة خطأ شائع في فهم «وظيفة» الصحافة عند كثير من الناس، فهناك من يرى أن الصحافي أو الكاتب يجب عليه أن يكون حاد الألفاظ، شرس الكلمات، يعارض للمعارضة فقط، من أجل أن ينال الحظوة والشهرة عند القراء، وبناء عليه فالكاتب هنا لا يعجبه العجب.. ولا الصيام .. حتى في رمضان.. لزوم المعارضة والتنكر لكل شيء في المجتمع.

- والبعض يرى أن دور الصحافي ـ خصوصاً في الإعلام الرسمي ـ يقتصر على ترديد الشعارات والمصطلحات التي ترددها السلطة بوعي وبغير وعي، مثل الببغاء؛ فإذا قالت الحكومة: يمين، قال لها آمين!، وإذا قالت شمال، اتجه نحو الشمال، وإذا ضربت على الطبل سبق الجميع إلى البرع!.

- ولذلك لا نستغرب تلك الردود التي تُرسل إلى الصحف ـ ومنها الجمهورية ـ والتي يستنكر أصحابها نشر هذا المقال أو ذاك التحقيق، الذي يعرّي الفساد، ويكشف ما يجري من نصب واحتيال واستغلال للمال العام في بعض الجهات والمؤسسات الحكومية، بحجة أن الصحيفة «رسمية» أو «حكومية» وكأن المطلوب من الإعلام الرسمي وصحف الحكومة أن «تطبطب» على ظهر اللصوص.. وتطبل للمفسدين وتدعو لهم بالستر والعافية ومزيد من «انتفاخ» الكروش!.

- وهناك من يتخيل أن الدولة تحارب أي توجه نحو النقد.. وأنها لا تسمح بنشر المقالات والتحقيقات التي تفضح الفساد، وتشير بأصابع الاتهام إلى الخونة والمحتالين ـ وما أكثرهم في واقعنا اليمني ـ فيلجأ هؤلاء للكتابات الرمزية/المطلسمة.. وفي أحسن الأحوال يجترّون مآسيهم الشخصية على شكل مقالات تخلق اليأس والتشاؤم، وكأن هؤلاء يعيشون في زنازين مغلقة، لا يسمعون أحاديث وخطابات الأخ الرئيس التي تؤكد دائماً محاربة الفساد وفضح الفاسدين، مهما كانت سلطتهم، أو مكانتهم الوظيفية أو الاجتماعية، وهو ما أكده الدكتور/علي محمد مجور، رئيس مجلس الوزراء في أول حديث له بعد التشكيل الحكومي وبحضور الأخ الرئيس، عن أهمية الإعلام ودوره في مساعدة الحكومة على إصلاح الاختلالات ومحاربة الفساد من خلال النشر المعتمد على الأدلة والوثائق والبراهين.

- وليس هناك من هو فوق النقد والتوجيه والتقويم، وهو ما قلته لأحد وزرائنا في الحكومة السابقة قبل بضعة أشهر عندما استنكر نشر موضوع يتناول وزارته بالنقد، ومثله أحد قضاتنا الأجلاء عندما احتج على نشر موضوع عن أحد القضاة المشبوهين وحجته أن هناك حصانة للقضاء، وأن النشر سيجعل القضاة مضغة في أفواه العامة، وبالتالي لن تحترم أحكامهم القضائية، وتزول هيبتهم عند المتخاصمين.. ونسي القاضي الجليل أن الجميع سواسية أمام الله والقانون.. وأن الصحافة التي يسميها الغرب «صاحبة الجلالة» هي عندنا السلطة الرابعة إذا التزمت الموضوعية وانتهجت الصدق.

- غير الواثقين من أنفسهم ومواقفهم هم الذين يتهربون ، ويرتعبون من مواجهة الصحف، واللقاء بالصحافيين، وتنفلت أعصابهم إذا ما واجههم صحافي بسؤال أو مقال ينتقد موقفاً اتخذوه، أو رأياً أعلنوه، ويزداد الأمر سوءاً إذا ما كان هؤلاء من قيادات الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني، التي يفترض أن تشجع حرية النقد والتعبير، وتقارع الحجة بالحجة.

- وهنا يحضرني موقف للدكتور/ياسين سعيد نعمان، أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني الذي أكنّ له احتراماً وتقديراً كبيرين، عندما نعت الزميل/عرفات مدابش بالمخبر الحقير، رداً على تصريح نشره منسوباً إليه، وكذلك ما سجله الزميل/جمال عامر في مقدمة حواره مع الأخ الرئيس الذي نعيد نشره في هذا العدد نقلاً عن «الوسط» حول أميني تجمع الإصلاح السابق والحالي، وأنهما رفضا قبول محاورته.. في الوقت الذي رحب به رئيس الجمهورية، ورئيس الحزب الحاكم دون وساطة من أحد مع أنه لا يتفق مع توجهات صحيفته التي يقال إنها تخدم المشترك أكثر من صحفه !

- في هذا الحوار أوضح الرئيس أنه قد عوَّد نفسه على النقد، وخاطب الزميل عامر بقوله: (أنا لا أغضب «قد انا والف» لكن كل ما أريده هو أن تتناولني في إطار الأخلاق وثقافة الكلمة الملتزمة) مع تأكيده على حقه القانوني- ليس كرئيس وحاكم منتخب لليمن فحسب، وإنما كمواطن قبل ذلك - في اللجوء للقضاء والاحتكام إليه.. وهو أسلوب ديمقراطي، يظل أفضل وأحسن بكثير مما يعمد إليه الطغاة والمستبدون الذين يقذفون بخصومهم في السجون والمعتقلات!.
- حوار الرئيس مع «الوسط» شجاع وجريء ومسئول، ما أحوج قيادات العمل السياسي في السلطة والمعارضة للاستفادة مما جاء فيه.

- وما أحوج صحافتنا الرسمية لحوارات مماثلة يخصها رئيس الجمهورية بين حين وآخر لتسهم في تشكيل الرأي العام بوعي ورشد، بدلاً من أن يقتصر دورها على إعادة نشر حوارات الرئيس مع الصحف الأهلية في الداخل وإعلام الخارج.

*رئيس تحرير صحيفة الجمهورية

تمت طباعة الخبر في: السبت, 04-مايو-2024 الساعة: 03:39 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/47900.htm