رئيس لجنة العلماء للحوار مع المتطرفين

المؤتمرنت-متابعات-القدس العربي -
الحوار مرتكز أساسي في سياسة اليمن لمكافحة الإرهاب
أجرى الزميل خالد الحمادي مراسل صحيفة القدس العربي في صنعاء حواراً مع القاضي حمود الهتار رئيس لجنة العلماء للحوار مع المغرر بهم ونشرته صحيفة القدس العربي يوم امس ولاهمية ما جاء في الحوار يعيد (المؤتمرنت) نشره:

نص الحوار:
بداية، متي بدأ الحوار بين لجنة العلماء نيابة عن السلطة وبين (المتطرفين) أو مع المشتبهين بالانتماء لتنظيم القاعدة؟
بدأ الحوار مع هؤلاء بعد تشكيل لجنة الحوار في آب (أغسطس) 2002، من العديد من مشايخ العلم، حيث بدأ الحوار بجولته الأولي مطلع أيلول (سبتمبر) من العام الماضي واستمر حتي منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) 2002، والجولة الثانية كانت خلال الفترة من 15 آب (أغسطس) 2003 وحتي 10 أيلول (سبتمبر) 2003 والجولة الثالثة من 15 تشرين الاول (أكتوبر) إلي 25 تشرين الاول (أكتوبر) المنصرم.
مع من بالتحديد تم الحوار؟ نظرا لتفاوت مستويات التشدد لديهم، سواء الذين داخل السجون أو خارجها؟
مهمة اللجنة حددت بالحوار مع الشباب المتشددين من العائدين من أفغانستان ومع غيرهم من الذين لديهم قناعات فكرية وثقافة فردية وآراء فقهية مخالفة لما اتفق عليه جمهور علماء المسلمين، والحوار أخذ نوعين من أنواع الحوار، الأول الحوار المباشر الذي تم مع الأشخاص الموقوفين في الأمن السياسي وغيرهم من الأشخاص الذين خارج السجون ويحملون نفس القناعات المتشددة، والنوع الثاني الحوار غير المباشر الذي أجراه العديد من أصحاب الفضيلة العلماء عبر وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية لترسيخ المفاهيم الصحيحة للإسلام والرد علي الشبهات والمفاهيم الخاطئة في القضايا محل الحوار.
هل شمل الحوار جميع الذين في السجون بتهم الإرهاب في مختلف المناطق اليمنية؟
نعم، شمل الحوار جميع الموقوفين علي ذمة التطرف والإرهاب في كافة السجون اليمنية، وتركز الحوار في محافظات صنعاء وإب وتعز والحديدة وعدن ولحج وأبين وهناك أشخاص من مختلف محافظات البلاد التقيناهم في هذه السجون.
ما هي الأسباب في اعتقادك التي دفعت الحكومة إلي فتح مثل هذا الحوار مع هؤلاء، رغم التقاطع بين الطرفين؟
هذا النوع من الحوار، يعد امتدادا لنهج الرئيس علي عبد الله صالح في حل المشكلات الفكرية عن طريق الحوار، ليس مع الإسلاميين فحسب ولكن مع كافة الاتجاهات الفكرية والسياسية علي الساحة اليمنية منذ تسلمه زمام الحكم وحتي الآن، وهذه ليست اللجنة الأولي للحوار فقد سبقتها لجان عدة، هناك لجنة الحوار التي شكلت في الثمانينات وكان من نتائجها إقرار الميثاق الوطني وقيام المؤتمر الشعبي العام، ثم الحوارات التي تمت من أجل قيام الوحدة وشكلت لجان عديدة حول هذا الموضوع وكانت النتيجة التوقيع علي اتفاقية إعلان الوحدة وإعادة تحقيق وحدة اليمن، ثم لجنة الحوار الثالثة التي شكلت في العام 1993 عقب الأزمة السياسية ولجنتنا هذه هي رابع لجنة في تاريخ اليمن الحديث، التي تشكل لحل مشكلات فكرية، فالحوار هو السبيل الأمثل لحل المشكلات الفكرية التي يستعصي حلها عن طريق القوة، لأن القوة تزيد الفكر متانة وصلابة، وقد أصبح الحوار أحد المرتكزات الأساسية في سياسة الجمهورية اليمنية لمكافحة الإرهاب وتهدف من خلال هذا الحوار إلي اقتلاع الجذور الفكرية للتطرف والإرهاب، لأنهما ينطلقان من منطلقات فكرية، فكان لا بد من القضاء علي المنطلقات الفكرية لآفة هذا العصر المتمثلة في التطرف والإرهاب بالإضافة إلي المرتكزات الأخري المتمثلة باتخاذ الإجراءات والتدابير الأمنية اللازمة لمنع الجريمة قبل وقوعها وضبطها بعد وقوعها وتعقب مرتكبيها وتقديمهم للعدالة لينالوا جزاءهم العادل، وحل المشكلات الاقتصادية التي قد تكون سببا في استقطاب بعض العناصر للقيام ببعض الأعمال الإرهابية.
هل كان هذا الحوار رغبة في إقناعهم بالعدول عن أفكارهم المتطرفة، أم انه كان خشية من أعمالهم الإرهابية؟
فكرة الحوار كانت فكرة الرئيس علي عبد الله صالح شخصيا، وربما استهدف من خلال هذا العمل تحقيق الأمرين معا، تصحيح مفاهيم الشباب وتجنب وقوع أحداث أمنية ونزع فتيل المواجهة بين السلطة وبين هؤلاء الشباب وخاصة المواجهات الدموية.
الأهداف الرئيسة القريبة والبعيدة التي رسمتها السلطة لهذا الحوار، بماذا تمثلت؟
أهداف الحوار تتمثل في تجسيد وسطية الإسلام وسماحته ومحاربة التطرف بكافة الأشكال والصور، وكذا بيان حقوق ولي الأمر وطاعته والالتزام بالدستور والقوانين النافذة بالإضافة إلي تعزيز حماية الحقوق التي كفلها الإسلام لغير المسلمين في المجتمع الإسلامي ومنها حرمة دمائهم وأموالهم وأعراضهم وكذا تعزيز احترام المعاهدات القائمة بين الجمهورية اليمنية وبين الدول غير الإسلامية وحماية سفاراتها ومصالحها وفاء بالعهد، وتحقيق أمن واستقرار الجمهورية اليمنية وتأمين من يدخل إلي أراضيها بإذن من السلطات المختصة في الدولة، وقد حقق الحوار جميع هذه الأهداف.
وماذا عن الأسس والقواعد التي حكمت هذا الحوار وسار في إطارها؟
أولا مهمة هذه اللجنة كما ذكرت سلفا حددت بالاستماع لآراء هؤلاء الأشخاص وأدلتهم ومناقشتها ورد المسائل المتنازع فيها إلي كتاب الله وسنة رسوله (صلي الله عليه وسلم) وإعمال القواعد المتفق عليها في استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية وصولا إلي الفهم الصحيح لأحكام الإسلام، ومن خلال الأهداف التي وضعت لذلك وضع جدول أعمال للحوار في المواضيع التي اشتمل عليها الحوار منها آداب الحوار في المسائل الخلافية، مفهوم الجهاد في الإسلام وأحكامه، متي وكيف وأين يكون الجهاد ومن له الحق في إعلانه، مفهوم الدولة والخلافة الإسلامية، وحقوق ولي الأمر، الالتزام بالدستور والقوانين النافذة، التكفير والهجرة، حقوق غير المسلمين في البلاد الإسلامية، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والشروط اللازمة لتغيير المنكر باليد، ونظام الحسبة في الإسلام، والأعمال التي تخل بالأمن والاستقلال والآثار المترتبة عليها، نبذ العنف والتطرف والإرهاب، وكذا استعراض بعض القضايا الخاصة بالموقوفين.
ما هي الأساليب التي تم اتباعها في إنجاز هذا الحوار مع هؤلاء؟
تعلمون أن هذا الحوار يكاد يكون الأول من نوعه وله خصوصية، وهذه الخصوصية تستلزم استعدادا ذهنيا ومراجعة فكرية لمواضيع الحوار والتزام آداب الحوار وإقامة حججه وصولاً إلي الغاية المنشودة منه، رغم المخاوف التي أثيرت حوله قبل الدخول في هذا العمل، لكنا قبلنا المهمة مستعينين بالله عز وجل ومتبعين منهج الأنبياء والدعاة إلي الله بالدعوة والحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن واتبعنا العديد من الأسس، في مقدمتها تحديد مواضيع الحوار سلفاً قبل الدخول فيه ثم بحث المواضيع المطروحة في الحوار وتأصيلها من الناحية الشرعية وتحديد مراجع البحث فيها ليسهل الرجوع إلي هذه المواضيع عند الضرورة، سواء بالنسبة لنا أو للطرف الآخر أو لمن يرغب في ذلك، وكذا التزام آداب الحوار والمناظرة ومنها حسن الإصغاء واحترام الآراء وإقامة الحجة والجدال بالتي هي أحسن، ومناقشة النصوص الشرعية والفتاوي الفقهية التي كان الطرف الآخر يتمسك بفهمه لها وتصحيح المفاهيم الخاطئة، بالإضافة إلي مراعاة ظروف المعتقلين النفسية واحترام مكانتهم العلمية، فكثير منهم يحفظون القرآن الكريم ويحفظون آلاف الأحاديث من سنة الرسول (صلي الله عليه وسلم)، كما تم توزيع الأعداد الموجودة منهم في كل محافظة إلي مجموعات حوار، كل مجموعة من خمسة إلي سبعة أشخاص ثم توزيع مواضيع الحوار علي أعضاء اللجنة حسب الرغبة والتخصص، وأخيرا الوضوح في الرؤية والبساطة في التعامل وإيجاد المناخ المناسب للحوار بما يكفل إتاحة الفرصة لكل واحد منهم لإبداء رأيه في الحوار ونتائجه وإشعارهم بأن الحوار يتم بين أطراف متكافئة، إذ لو انعدم هذا التكافؤ لما استطعنا أن نحقق النتائج المأمولة وربما كانت الأمور تأتي بنتائج عكسية وقد تم رد المسائل المتنازع فيها إلي كتاب الله وسنة الرسول (صلي الله عليه وسلم) وإعمال القواعد المتفق عليها في استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية وصولاً إلي الفهم الصحيح لأحكام الإسلام، وهذا هو عمل فني لا يجيده إلا من كان لديه علم بقواعد استنباط الأحكام الشرعية ولديه خبرة ومراس لاستنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية وصولاً إلي الفهم الصحيح لأحكام الإسلام.
كم عدد الذين شملهم الحوار داخل وخارج السجون؟
الحقيقة الذين شملهم الحوار في الجولة الأولي 104 أشخاص وفي الجولة الثانية 120 شخصاً وفي الجولة الثالثة 22 شخصاً، وبعض هؤلاء من خارج السجون، حيث جرت حوارات مع عدد من الأشخاص خارج السجون ووصلنا معهم إلي قناعات لا تختلف عن القناعات التي تم التوصل إليها مع نظرائهم الذين كانوا موقوفين داخل السجون.
هل تجربة الحوار مع (المتطرفين) كانت تجربة محلية صرفه أم حاولتم الاستفادة من تجارب أخري؟
لا شك أن الباحث يبحث عن كل ما يساعده في هذه المهمة ونحن اطلعنا علي وثائق المراجعة الفكرية للجماعات الإسلامية في مصر وقرأنا العديد من الكتب والمراجع المتعلقة بهذه التجربة وبعمليات الحوار ابتداء من تاريخ الصحابة وتحديدا تاريخ الإمام علي كرم الله وجهه وما حدث حينئذ، والذي شهد أول عملية حوار مع الخوارج، ثم بعد ذلك في عهد عمر بن عبد العزيز، ثم من تلاهم من الخلفاء والولاة الذين أجروا حوارات مع الخارجين عنهم ممن كانوا يحملون أفكارا مخالفة، وربما استفدنا من المناظرات الفكرية حتي في الجوانب الأدبية، لأن الحوار والمناظرة وجهان لعملة واحدة.
عدد الذين أفرج عنهم من المعتقلين في الأيام الأخيرة من رمضان كان أقل بكثير مما أعلن عنه سابقا، ما سبب ذلك؟
عملية الإفراج التي تمت مؤخرا تعد خطوة هامة بالنسبة لليمن ولغيرها من البلدان العربية والإسلامية وقد شملت أكبر عدد يتم الإفراج عنه من المعتقلين في هذا النوع، وربما كان هناك لبس لدي البعض بشأن العدد الذي يفترض أن يفرج عنهم، لكن إذا أضفنا 54 شخصا الذين استفادوا من الأمان الذي أعلنته السلطة لهم، إلي عدد المفرج عنهم وهو 92 فإن إجمالي العدد للمستفيدين من نتائج الحوار في دورته الأخيرة سيصبح 146 شخصا.
أشار البعض إلي أن ضغوطا أمريكية كانت وراء عدم الإفراج عن بقية المعتقلين، ما مدي واقعية ذلك؟
ما هي مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية في حبس أي مواطن عربي أو مسلم في أي دولة من الدول، فيما عدا المتهمين بالقضايا الجنائية التي تمس الولايات المتحدة، وعلي حد علمي إن الاعتراضات الأمريكية متعلقة بالأشخاص المتهمين بقضية تفجير المدمرة الأمريكية (كول) في ميناء عدن عام 2000، وهذا لا خلاف حوله بين الحكومتين اليمنية والأمريكية، وإذا كان هناك من تحفظ في بعض الحالات فهو للحكومة اليمنية، فهي دولة ذات سيادة، ولا تسمح لأحد بالتدخل في شؤونها الداخلية، وأعتقد أن مثل هذا القول مردود علي أصحابه، ولا يمكن أن تقبل اليمن أي ضغوط من أي دولة بشأن حبس شخص أو الإبقاء عليه في السجن ما لم يكن متهما بقضية جنائية، فمن حق الطرف الآخر أن يطلب من الحكومة اليمنية استمرار حبس شخص لأنه متهم بقضية جنائية، ثم القضاء اليمني وحده هو الذي يملك التصرف في أمر هذا المتهم.
هل يعني هذا أن الحوار الديني لم يشمل المتهمين بقضيتي تفجير المدمرة الأمريكية (كول) وناقلة النفط الفرنسية (ليمبورغ)، بحكم انهم متهمون بقضايا جنائية؟
الحوار شمل جميع المعتقلين بتهم التطرف، لكن هذا لا يعني أن كل من تم الحوار معه سيفرج عنه إذا كان متهما بقضية جنائية، ولكن الإفراج عنه مرهون فقط بحكم القضاء إذا حكم ببراءته أو انتهت مدة العقوبة عليه.
ولكن هناك معتقلون لم يفرج عنهم، مع أنهم غير متهمين بقضايا جنائية؟
المبدأ الذي اتخذته الجمهورية اليمنية في تعاملها مع هؤلاء ينطلق من النصوص الدستورية والقانونية وهو أنه من كان متهما بقضية جنائية يحال إلي القضاء وهو الذي يفصل في أمره ومن كان غير ذلك ممن شملهم الحوار وليسوا متهمين بقضايا جنائية سيتم الإفراج عنهم تباعا، وهذه هذه الدفعة الثانية من الدفعات التي تقرر الإفراج عنها، حيث تم الإفراج عن المجموعة الأولي وعددها 36 شخصا خلال شهر رمضان من العام الماضي، ووضعوا تحت الرقابة لمدة عام كامل للتأكد من مصداقيتهم وحسن التزامهم بنتائج الحوار وبالفعل كانوا صادقين فيما تعهدوا به وفيما التزموا به، ولم يحدث من أي منهم ما يخالف نتيجة الحوار وهذا الاستقراء وهذه النتائج التي ترتبت علي عملية الإفراج عن الدفعة الأولي شجعت الحكومة اليمنية علي الإفراج علي مجموعة أكبر، من المجموعة الأولي، ومن بقي منهم قيد الاعتقال ممن ليسوا متهمين بقضايا جنائية سيتم الإفراج عنهم تباعا في الوقت المناسب.
ألم تشعروا أن هناك ممانعة أمريكية أو تحسسا من جانبها بشأن فتح حوار مع هؤلاء؟
بالعكس، الولايات المتحدة رحبت بالحوار وكذلك الدول الغربية التي لها سفارات في صنعاء رحبت بالحوار ومرتاحة لنتائجه وليس هناك أي تحفظ علي لجنة الحوار أو علي نتائج عملها أو علي عملية الإفراج عن المعتقلين الذين اقتنعوا بنتائج الحوار.
ما هي الأسس والمعايير التي اتبعت في الإفراج عن بعض المعتقلين والإبقاء علي آخرين، مع أنهم متهمون بنفس القضايا؟
الأسس والمعايير التي تم بموجبها الإفراج عن البعض، أولا الدستور والقوانين النافذة، ثانيا نتائج الحوار وثالثا النظرة والخطورة الأمنية.
هل جميع الذين تقرر الإفراج عنهم اقتنعوا تماما بما تم الحوار حوله؟
بالتأكيد، كل من تقرر الإفراج عنه فيمن شملهم الحوار مقتنعون بنتائج الحوار، حتي أولئك الذين لا زالوا داخل السجون مقتنعون أيضا بنتائج الحوار قناعة تامة، وكان هذا الحوار جريئا وصريحا وشفافا وكل واحد منهم أدلي برأيه دون أي تحفظ أو تخوف، وأحب أن أشير إلي حقيقة في غاية الأهمية، ربما يجهلها كثير من الناس حول هؤلاء الشباب، وهي أن هؤلاء يمتازون بقوة الإيمان والجرأة في الطرح والشجاعة في الرأي ولا يترددون في قول لا لأي شيء لا يقتنعون به، فلو لم يكونوا مقتنعين لما قبلوا بنتائج الحوار، وهناك أشخاص كانوا يطلبون أجلا للتفكير حول هذه القضايا وأعطوا الفرصة الكافية لمناقشة القضايا ثم بعد ذلك يقتنعون أو لا يقتنعون، المسألة متروكة لإرادتهم، ومن الصعب جدا بل من المستحيل أن تمرر عليهم أشياء وهم غير مقتنعين بها.
هل اخذ منهم تعهد مكتوب والتزام خطي، قبيل الإفراج عنهم؟
كل جولة من جولات الحوار تنتهي ببيان، هذا البيان يشتمل علي مقدمة وعلي المواضيع التي شملها الحوار وعلي نبذة مختصرة عما دار في الحوار ثم النتائج لذلك ثم توقيعات المشمولين بالحوار بالكامل، حيث صدرت بيانات عبروا فيها عن قناعتهم بنتائج الحوار وأعلنوا التزامهم بها وهناك إجراء آخر اتبع قبل عملية الإفراج، تمثل في أخذ القسم منهم بالله والعهد علي الالتزام بنتائج الحوار، كما أخذت منهم ضمانات تجارية شخصية، رغم ثقتنا بصدقهم وبعدم نكثهم للعهود.
لكن هذه الضمانات التجارية مثلت عقبة كبيرة أمام الكثير منهم، ربما أكبر من عملية الاعتقال نفسه، حيث لا يقبل التجار أن يضمنوا شخصا متهما بقضية كبيرة مثل (الإرهاب)؟
ربما في بداية الأمر قد يتخوف البعض من هذا النوع من الضمانات، لكن في الأخير يوافقون، وقد تم الإفراج عن الدفعة الأولي بضمانات تجارية مماثلة، وقد يكون في بداية عملية الإفراج هناك نوع من الأخذ والرد، ولكن في الأخير ليس بالضرورة أن يكون الضامن تجاريا ولكن أن يكون مقتدرا، وهذا ليس بالأمر الصعب.
تردد في الوسط القانوني أن فتح هذا الحوار مع هؤلاء المعتقلين يعتبر اعترافا متأخرا من الدولة ببراءتهم، وبعدم شرعية اعتقالهم، ما رأيكم؟
هذا الكلام غير منصف، وقد يكون راجعا لعدم فهم قائله للظروف التي تمر بها أمتنا العربية والإسلامية واليمن علي وجه التحديد، وكذا جهود الحوار التي بذلت مع هؤلاء لفترة طويلة، ولم تنطلق عملية الحوار من إفلاس أو من عدم وجود أدلة، بل انطلقت من شجاعة في القرار السياسي اليمني، والذي كان محل تقدير كبير محليا وإقليميا ودليا.
لكنهم اعتقلوا لأفكارهم المتشددة وليس لقيامهم بأعمال تستهدف الأمن والاستقرار؟
الأجهزة الأمنية تبرر عملية الاعتقال بأنها من قبيل التحفظ، وبالفعل لولا الإجراء التحفظي والحوار لكان لبعض هؤلاء وضع آخر، ربما ألحقوا ضررا بأنفسهم وبالآخرين.
في اعتقادكم متي سيتم محاكمة بقية المعتقلين وبالذات المتهمين بقضايا جنائية؟
الحقيقة إن أشهَرَ قضايا الإرهاب التي يتحدث عنها الناس ولم يحل المتهمون بشأنها إلي المحاكمة هما قضيتا (كول) و(ليمبورغ)، ومن المتوقع أن تحال القضيتان إلي القضاء أو يبدأ القضاء إجراءاته عقب إجازة عيد الفطر المبارك، خاصة وأنه لا مصلحة للحكومة اليمنية في تأخير مثل هذه القضايا، بل المصلحة تكمن في سرعة الفصل في هاتين القضيتين وإنزال العقوبات المناسبة ضد من تثبت إدانته لارتكاب أي من الجريمتين المذكورتين وإن كانت قضية (كول) ذات جانبين يمني وأمريكي، وتعدد المتهمين فيها ووجود البعض وعدم وجود البعض الآخر، أو وجود بعضهم داخل السجون اليمنية والبعض الآخر خارج السجون اليمنية، ربما في سجون أخري خارج اليمن، في الولايات المتحدة وغيرها، قد يعيق السير في إجراءات هذه القضية، لكن من الأفضل لليمن أن تسير في إجراءات قضائية في هذه القضايا.
كانت عمليات الاعتقال لهؤلاء الشباب استثنائية ومبالغا فيها، ابتداء من أسلوب الاعتقال وانتهاء بأوضاعهم داخل المعتقلات، ألا ترون أن هذا تجاوز الأعراف الإنسانية، والذي ربما يولد لديهم تطرفا وتمسكا أكبر بأفكارهم التي اعتقلوا من أجلها؟
الحقيقة أن أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001 كانت القشة التي قصمت ظهر البعير في مسألة حقوق الإنسان، ليس في اليمن فحسب بل في العالم كله وأصبح العالم يعيش حالة استثنائية وظروفا استثنائية بكل ما تعني هذه الكلمة، ولا أبالغ إذا قلت أن العالم كله الآن يعيش في حالة طوارئ، بسبب الحرب الدولية علي الإرهاب، فمن هذا المنطلق قد يكون اليمن واحدا من الدول التي مرت بهذا الظرف ولكن الذي يشفع للحكومة اليمنية حسن معاملتها للموقوفين لديها، فقد سألتُهم فردا فردا عما إذا كانوا تعرضوا للتعذيب فأجابوا بالنفي، لم يتعرض أي منهم لأي حالة من حالات التعذيب، وكانت أماكن اعتقالاتهم أحسن حالا إذا ما قورنت بالمعتقلات العامة، وكانت حسن معاملة المسؤولين لهم من عوامل نجاح الحوار مع هؤلاء.
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 19-أبريل-2024 الساعة: 08:05 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/5219.htm