المؤتمر نت - نصر طه مصطفى
نصر طه مصطفى* -
محاولة مبررة للتفاؤل
خلال أيام معدودة أطل علينا العامان الجديدان الميلادي والهجري وهو توافق جميل قد يسمح لي بأن أتفاءل بهما بعد أن غرب العام الميلادي والهجري بخيرهما القليل وشرهما الكثير... والتفاؤل من حيث المبدأ هو ضرورة إنسانية وحياتية لنا جميعا لتستمر الحياة وتصلح وإلا سادها الخراب والبؤس، والتفاؤل كذلك بالعام الجديد بشقيه الهجري والميلادي
قد لا يكون مبنيا على حيثيات عميقة بقدر ما هو مبني على بصيص أمل بتغليب ساسة الحكم والمعارضة المصالح الوطنية على المصالح الحزبية وتحكيم العقول بدلا من تحكيم الأهواء باعتبار أننا على أبواب انتخابات نيابية جديدة في إبريل 2009م يحتشد لها المشترك من الآن خشية تكرار نتائج محليات 2006 الماضية.
وكما تبدو المؤشرات فنحن سنكون أمام عام ستظل الأسعار فيه مرتفعة إن لم تزدد ارتفاعا وهذه مشكلة عويصة تعاني منها معظم دول العالم وجميع الدول العربية، ومن تابع النشرات الاقتصادية في محطة إخبارية كالجزيرة سيجد أن كل الدول العربية تشكو من هذا الغلاء بما في ذلك الدول النفطية الكبيرة، ومع ذلك نجد المعارضة توظف هذا الأمر لمصالحها الانتخابية في وقت يتمادى فيه بعض التجار في زيادة أسعار سلعهم بأكثر مما يحدث في معظم الدول وبأكثر مما تفرضه الزيادات العالمية، وهو الأمر الذي يتطلب من الحكومة البحث عن آليات أكثر فاعلية لضبط الجشع الموجود خاصة أنها تعلم تماما أن المعارضة توظف هذا الارتفاع العالمي في مختلف السلع ضدها بطريقة غير مسؤولة لأغراض انتخابية الأمر الذي يعني تفويت هذه الفرصة على المعارضة!
في الجانب السياسي من الصورة المتوقعة للعام الجديد أتمنى أن تجلس الأحزاب الكبيرة في الحكم والمعارضة بشكل مسؤول مع بعضها البعض للوقوف أمام ما يجري من عملية تصنيع بطيئة الخطى محبوكة التأثير لما أطلقت عليه قبل تسع سنوات (المسألة الجنوبية) بمعنى أن يكون هناك اصطفاف وطني فعلي تجاه هذه المسألة التي سيدفع الجميع ثمن السكوت عما يجري من إثارة باسمها... إذ لابد من أن تستكمل الدولة المعالجات التي بدأتها على أرض الواقع منذ عدة شهور فهذه مهمتها بكل المقاييس لإفراغ دعاوى مثيري الفتنة من مضمونها، ولابد في الوقت نفسه من اصطفاف وطني للأحزاب المؤثرة والتعاون فيما بينها بالعديد من الأنشطة السياسية والاجتماعية والثقافية بغرض امتصاص أيّة تأثيرات سلبية للنشاطات المناطقية والتشطيرية، وأظن أن مثل هذا الأمر ليس محل مساومات أو مزايدات سياسية... وإلى جانب كل ذلك لابد من دفع حركة الاستثمار في كامل البلاد وفي المحافظات الجنوبية تحديدا فالاستثمار هو الأمل الوحيد لانتشال البلد من مشكلته الاقتصادية ومعالجة قضايا البطالة والتضخم وغير ذلك مما يعرفه أهل الاقتصاد أكثر منا، ولاشك أن الاستثمار يحتاج إلى توفير أجواء صحية الجميع يعرف ما هي تماما إذ لا يكفي مبدأ النافذة الواحدة لتحقيق ذلك على أهميته القصوى بالطبع... وبقدر ما سمحت لنفسي بشيء بسيط من التفاؤل والرهان على قدرتنا على تغليب المشاريع الكبيرة فإني لابد أن أؤكد أن هذا التفاؤل نابع أيضا من الإدراك اليقيني والسنني أن المصالح الشخصية والحزبية المباشرة بعيدة المدى للجميع هي نتاج أكيد لتغليب المصلحة الوطنية الآنية على ما دونها من المصالح الضيقة!
*عن 26 سبتمبر
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 05-مايو-2024 الساعة: 04:01 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/52820.htm