المؤتمر نت -
نصر طه مصطفى -
الرسوم الدانمركية والقمة الإسلامية القادمة!
بعد أكثر من ثلاث سنوات على هدوء عاصفة الرسوم الكاريكاتورية الدانمركية المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم تجددت العاصفة بعودة بعض تلك الصحف مجدداً وبمنتهى الصلف بإعادة نشر تلك الرسوم القبيحة متحججة بمبررات لا يقبلها عقل لأن الإساءة لعقائد الشعوب في الأصل فعل لا يقبل التبرير مهما كان الأمر، ليس فقط لما يؤدي إليه من إساءة لمشاعر شعوب بأكملها
بل كذلك لتنافيه مع قيم الحوار الحضاري بين الشعوب والأديان التي يتشدق بها الغربيون دائماً... ولذلك فمن الطبيعي أن تفكر شعوبنا الإسلامية وقياداتها في إجراءات اقتصادية رادعة تكفل التزام الغرب باحترام عقائدها وعدم الإساءة إليها، وهذا ما سيتطلع إليه المسلمون من القمة الإسلامية التي ستنعقد في شهر مارس القادم بالسنغال إذ لا ينبغي أن تكتفي هذه القمة بالتنديد والشجب بل يجب أن تتجه لقرارات عملية وإلا فإن الشعوب الإسلامية ستصاب باليأس والإحباط من قادتها... وأتصور أن المبادرة الإسلامية المتوقعة من قمة السنغال ينبغي أن تسير باتجاهين الأول يتمثل بتفعيل آليات المقاطعة الاقتصادية للدانمرك فقط والثاني ببلورة رؤية لتشريع دولي يمنع الإساءة للأديان والأنبياء والمقدسات وتتبناه عبر الأمم المتحدة باعتبارها – أي الدول الإسلامية – إحدى أكبر الكتل الإنسانية المتجانسة عقائديا على وجه الأرض... وهنا تحديداً نشد على يد قائدنا الرئيس علي عبدالله صالح في مطالبته بهذا التشريع أثناء زيارته لتركيا ونعتقد أنه سيكون له موقفا مؤثرا في هذا الصدد أثناء قمة (داكار).
ومن ناحية أخرى فمن المهم أن نشير إلى أن المساحة الكبيرة لحرية التعبير والرأي المتاحة في الغرب عموماً هي الحجة التي تبرر بها حكوماته صمتها عن مثل تلك الإساءات، بل إنها لا تحرك ساكناً عندما يتعرض المسيح عليه السلام نفسه للإساءة وهذا ما حدث مرات متعددة في السابق، لكننا بالمقابل نعرف جميعاً أن حرية التعبير في الغرب مع كل ذلك لها حدود إذ سيقوم الغرب -حكومات ومنظمات- ولا يقعد في حال تعرض صحفي غربي ما بالتشكيك في المحرقة اليهودية أو بإنكار حق إسرائيل في الوجود فما أسهل أن يقدم هذا الصحفي للمحاكمة وما أسهل أن يتعرض للفصل من عمله... وهذا كله في النهاية يعني أن هناك خطوطاً حمراء لا ينبغي تجاوزها في النظام السياسي الديمقراطي الغربي، ومن ثم يصبح من غير المقنع لنا نحن المسلمين أن نقبل الإساءة لنبينا أو ديننا بحجة أن ذلك يدخل في إطار حرية التعبير وبحجة أنه لا سلطان للحكومات على الصحف... ولذلك فإن المقاطعة الاقتصادية الجادة والحقيقية لمنتجات الدانمرك والتأثير على مصالحها هو ما سيجعل الغرب يفكر بجد في تبني تشريع يمنع الإساءة لمقدساتنا، وإلا أخبرونا كيف نجحت إسرائيل في صنع خطوط حمراء حول كل ما يتعلق بوجودها وتاريخها في الغرب على مختلف المستويات؟!
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 03-مايو-2024 الساعة: 06:40 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/54586.htm