المؤتمر نت -  د. عبدالعزيز المقالح
د. عبدالعزيز المقالح * -
على هامش الانتخابات الأمريكية
حتى كتابة هذه السطورة يكون الحزب الجمهوري قد أفلح في انتخاب مرشحه الذي سيكون خليفة طبق الأصل من الرئيس الحالي، في حين لا يزال الصراع داخل الحزب الديمقراطي على أشده، وإن بدت المحصلات الأولى تشير إلى نجاح المرشح الديمقراطي من أصل افريقي، وجذور اسلامية باراك أوباما، فقد اكتسح عدداً كبيراً من الولايات، وما يزال في طريقه إلى أن يكتسح ما تبقى منها، وفي مواجهة حادة وشرسة مع هيلاري كلينتون التي فقدت توازنها منذ الجولة الأولى، وبدأت تستخدم العبارات التي تفوح منها رائحة العنصرية والتحيز للجنس الأبيض؛ في سابقة هي الأولى من نوعها على هذا المستوى.

ولعل أسوأ تأثيرات العهد “البوشي” الراهن في الولايات المتحدة الأمريكية، يتمثل في ارتفاع درجة التعصب العنصري. وغياب المواطنة المتساوية، وسقوط مفاهيم حقوق الانسان إلى حد غير مسبوق، فقد اشاعت الإدارة الحالية بمحافظيها الجدد، ورئيسها المسكون بالمخاوف من الاقليات العرقية، والإسلامية منها بخاصة، أشاع جواً من الريبة والخوف حتى من مواطني الولايات المتحدة، وتراجع مفهوم الحريات العامة إلى أدنى مستوى له، في حين ارتفعت أصوات التحذير والتخويف مما ينتظر البيض من مستقبل مجهول، وارتفعت لذلك أنشطة المراقبة بوتائر تثير القلق لدى كل مواطني الولايات المتحدة من دون استثناء، وإن كانت المراقبة مقصورة على الأقليات أو بعضها.

يحدث هذا، في حين يتحدث مفكرون أجلاء من داخل الولايات المتحدة نفسها، أن هذا الذي يتم الآن كان هو شأن الواقع الامريكي قبل بوش، ولكنه نجح بحماقته وجهله في كشف الغطاء عن المستور، وفي أن يقدم الولايات المتحدة داخلياً وخارجياً كما هي بلا زيارة أو نقصان. بلد هو المسرح الأول للعنصرية بكل ما تنضح به من حقد وتخلف وما أحاديث الحرية وحقوق الانسان طوال الوقت سوى للاستهلاك، والاستهلاك العالمي على وجه الخصوص. فقد ظل السود في هذا البلد الواسع الشاسع يعاملون كبشر من الدرجة العاشرة، وبقيت أوضاعهم على الرغم من التقدم الاقتصادي وفيض الأموال في حالة مزرية. بينما بقيت الواجهة الخارجية كلافتة تلمع وتخدع الشعوب الأخرى ببريق الشعارات وأضواء هوليود وزيف الاعلام.

إن تأثير الأفراد في شعوبهم أصبح أمراً واقعاً، ولم يعد موضع شك أو جدل، سواء على صعيد تأثيرهم في البناء والتعمير أم في الهدم والتخريب، وفي الحالة الراهنة للولايات المتحدة ليس مهماً أن يكون الفرد الذي يحكمها أو يقودها ذكياً أو غبياً، مفكراً أو ساذجاً، إذ يكتفي أن يكون مستسلماً لإدارة لها طموحاتها وأجندتها اللانسانية، لتجعل الفرد الحاكم يسير وفقاً لخططها، وهذا ما تكشف عنه الحالة الأمريكية في هذه الآونة في تاريخ هذه الأمة العظيمة التي كان وما يزال في مقدورها أن تسهم بنصيب أوفر في وضع حد لمعاناة البشر في مناطق كثيرة من عالم اليوم، وان يكون لها دورها في استتباب الاستقرار والسلم العالمي.
*عن الخليج
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 22-مايو-2024 الساعة: 12:47 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/54634.htm