المؤتمر نت - محمد حسين العيدروس
محمد حسين العيدروس -
المحبة والصفاء سلاحنا الأقوى
ليس من بلد يخلو من تحديات مهما كان غنياً او فقيراً إلا أن قدرة بعض الدول على قهر تلك التحديات وعجز أخرى عن مواجهتها إنما هو أمر مرهون بإرادة شعوبها، وبثقافة نخبها السياسية، ومدى ما تتمتع به من حكمة في اختيار وسائل وأدوات المواجهة المناسبة التي تكفل لها قهر التحدي مهما كان حجمه.
من واقع تجاربنا اليمنية فإن التحديات التي واجهت بلدنا كثيرة جداً، وبعضها في غاية الخطورة، وبمجرد أن نعود إلى الحقبة التي تسلم فيها الأخ الرئيس/ علي عبدالله صالح مقاليد الحكم فإن بإمكاننا تقدير قوة السلاح الذي حمله الاخ الرئيس وهو قادم إلى السلطة يوم السابع عشر من يوليو 8791م لوضع حد لأشد حقب اليمن الدموية والتي تم فيها اغتيال ثلاثة زعماء يمنيين في أقل من عام، فيما كانت الحرب تلتهم الأخضر واليابس على الحدود بين الشطرين.
الأخ الرئيس لم يكن يحمل معه سلاحاً فتاكا مما كان يتسابق على صنعه المعسكران الاشتراكي والرأسمالي فيما كان يسمى بـ(حرب النجوم) وإنما تسلح بالحكمة اليمانية التي تضع إشاعة المحبة والصفاء والتسامح في مقدمة خياراتها في مختلف التحديات والمشاكل التي تواجهها سواء على صعيد الفرد او الدولة - فاليمن بلد معروف بهذه الثقافة منذ فجر التاريخ، لذلك كان أبناؤه هم السباقون إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، للمصافحة، وكذلك للمؤاخاة بين المسلمين في بداية الدعوة الإسلامية.
كانت مبادرة الاخ الرئيس في اول عهده لمصالحة القوى الوطنية، وجمعها تحت مظلة واحدة للعمل السياسي الوطني، والمتمثلة في المؤتمر الشعبي العام، هو أقوى سلاح لقهر التحديات آنذاك، والالتفات للبناء والتنمية بدل الصراعات والفتن، وأيضا لإرساء دعائم الوحدة اليمنية.. وفي الحقيقة عندما يتصفح غير اليمنيين تاريخنا يذهلون كيف أن شعبنا تناسى ثاراته من الحروب على حدود الشطرين، وتناسى ثارات أحداث 31 يناير 6891م في جنوب الوطن، وتناسى الخطاب المتشنج، والوعيد والتهديد المتبادل بين القوى السياسية الوطنية، وتناسى أموراً كثيرة ليمارس اليوم ديمقراطيته وحرياته بعيداً عن كل ضغائن الماضي وحساسياته.
هذا اللون من التسامح والتوادد بين أبناء شعبنا كان وحده القادر عل مواجهة ازماتنا المختلفة التي تعاقبت بعد بعضها البعض منذ إعلان إعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة في 22 مايو 0991م، فقد كانت حكمة القيادة السياسية حاضرة في كل موقف منها، الأمر الذي ساعد شعبنا على قطع خطوات متقدمة جداً في مسيرته التنموية والديمقراطية.
لكن ومع تجربتنا الطويلة المؤكدة مع ثقافة التسامح وإشاعة المحبة والصفاء إلا أنه ظلت هناك مجموعة صغيرة جداً متمردة على هذا النمط من التعامل، وتفضل إذكاء الفتن، واختلاق الأزمات، وتبني خطابات متوترة، وشعارات مسمومة.. ولعل التفكير الحكيم في تفسير أمرهم يقودنا إلى حقيقة واحدة، مفادها أن هؤلاء غير قادرين على البقاء على الساحة الوطنية في ظل ظروف آمنة ومستقرة، ومناخات ديمقراطية سليمة، لأنهم منحرفون عن المسار الوطني، وعن النسق الثقافي للمجتمع، وعن الإرادة الوطنية الحرة لأبناء شعبنا بمختلف انتماءاتهم.
لاشك أن شعبنا مدرك لهذه الحقيقة لذلك توجه إليه الاخ رئيس الجمهورية قبل بضعة أيام، وحث الجميع على «المحبة والصفاء والتخلي عن عقد الماضي، وإثارة البلابل» ودعا أبناء شعبنا إلى الحفاظ على الديمقراطية، وأنها «يجب ان لا تكون معولاً للتحريض والتخريب»!.
لقد كان الاخ الرئيس محقاً فيما حذر منه، إذ أن تلك المجموعة حاولت جاهدة استغلال المناخ الديمقراطي استغلالاً سيئاً، وجر الشارع إلى مسارات منحرفة، وبعيدة كل البعد عن هموم ومشاكل المواطن اليمني، ليكون مطيتها إلى غاياتها الفاسدة، ومصالحها الانتهازية، ومشاريعها التآمرية على وحدة وسيادة الوطن.. وهو الأمر الذي تنبهت له الجماهير مبكراً فتخلت عن أي تفاعل او تعاطف مع تلك الفئة بل وعزلتها من أجل ان يموت صوتها في زحمة دوران عجلات الحياة التنموية، والديمقراطية التي تترجمها كل القوى الوطنية الشريفة.
ربما علينا جميعا اليوم ان نستلهم خياراتنا من تجاربنا التاريخية، ونثق بحكمتنا اليمانية التي سبق ان انتشلت يمننا الحبيب من الكثير التحديات الصعبة والخطيرة بفضل ثقافة التسامح والصفاء والمحبة، فليس على وجه الأرض ما هو أعظم من أن تنعم البشرية بالمودة والأمن والسلام.


تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 29-أبريل-2024 الساعة: 03:55 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/55113.htm