المؤتمر نت - عبد العزيز المقالح
د.عبد العزيز المقالح -
من هنا يبدأ الوفاق الفلسطيني
ليس من المستغرب أن تتعثر كل المحاولات المبذولة من أطراف عديدة لإصلاح الشأن الفلسطيني وردم الهوة بين الفصيلين الفلسطينيين الكبيرين وهما فتح وحماس، رغم ما بذله الوسطاء من محاولات جادة للوفاق، أقول ليس من المستغرب ان تتعثر محاولات الوفاق وأن يبقى الخلاف بين “الأخوة الأعداء” مستحكماً، وذلك لأن الذين حاولوا بإخلاص إصلاح الشأن الفلسطيني لم يتبينوا الأسباب الرئيسية في الخلل والتي ترجع جميعها إلى اتفاقيات “أوسلو”، لذلك فإن من يستطيع ان يحرر فلسطين والفلسطينيين من اتفاقيات أوسلو وما نتج عنها من سلطة ليست سلطة، ومن حكومة ليست حكومة يستطيع ان يكتشف الحل وأن يعيد الوفاق إلى المختلفين. وعندها فقط يتحول الاخوة الأعداء إلى أخوة بكل ما للكلمة من معنى كبير.

وأزعم أننا لا نحتاج سوى إلى القليل جداً من الوعي السياسي لكي نفهم أبعاد الجناية التي أنزلتها اتفاقية أوسلو بالأشقاء الفلسطينيين، فقد كانوا قبلها رغم توزعهم في منظمات وتصنيفهم إلى يمين ويسار، ويمين الوسط، ويسار الوسط، كانوا قوة واحدة في وجه العدوان. ولم يحدث أن نشبت معركة واحدة بين أشقاء المحنة في الداخل أو الخارج، فالقضية كانت أكبر من الانتماءات الحزبية لكل الذين يلتقون حولها ويضحون في سبيلها وينتظرون يوم الخلاص بثقة منقطعة النظير. وكان الداخل الفلسطيني كالخارج تماماً صفاً واحداً وموقفاً لا يحتمل اللبس، ولا يدعو إلى أي نوع من الانشقاق أو الانفلات خارج حدود القضية.
فما الذي فعلته اتفاقيات أوسلو بالأشقاء؟ سؤال تسهل الإجابة عليه من قراءة الحاضر ومن العودة إلى ما قبل هذه الاتفاقيات التي ضربت أول إسفين في علاقات الفلسطينيين بعضهم ببعض، وكانت بداية للانقسامات والانشقاقات المتتابعة والمؤثرة على أوضاع فلسطينيي الداخل والخارج، ويكفي أنها بحسب ما يقوله الواقع ويردده كل الفلسطينيين قد مكنت العدو الصهيوني ومنحته فرصة ثمينة لبناء ثمانين في المائة من المستوطنات في الضفة الغربية تحت غطاء هذه الاتفاقيات وبفضلها، ويكفي جناية أنها أوجدت ما سمي بالسلطة التي تبرر للعدو القتل والاجتياح وتوهم العالم بأن الصراع بات يدور بين دولتين وسلطتين وجيشين إلى آخر ما جرته تلك الاتفاقيات من ويلات تتزايد آثارها المدمرة يوماً بعد يوم.

يضاف إلى ما سبق أن وهم وجود السلطة قد خلق حالة من الاقتتال حولها ومن أجل الوصول إليها. ولا ننسى أن الناس بشر وان الكل يطمحون إلى أن يكون لهم نصيب من الكعكة حتى ولو كانت هذه الكعكة صورة على الجدار، وهم على استعداد أن يتناحروا ويقتتلوا من أجل الوصول إليها ولو على جثة القضية أو على جثث الرفاق وأخوة السلاح.
*عن الخليج
تمت طباعة الخبر في: الثلاثاء, 07-مايو-2024 الساعة: 11:31 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/56627.htm