المؤتمر نت -
-
وطن يسمو على الأحقاد!!
على الرغم من كل الصعاب والتحديات التي مرت بها اليمن منذ إعادة وحدتها المباركة في الثاني والعشرين من مايو عام 1990م فإن ما أنجزته من تحولات على صعيد البناء التنموي والديمقراطي والسياسي والاجتماعي يعد بكل المقاييس رصيداً ضخماً من الانطلاقات النوعية والبارزة التي انتقلت باليمن من دولة "مغمورة" تتنازعها عوامل التشظي والتمزق والصراعات والنكبات المتلاحقة إلى كيان ووطن يتبوأ مكانة مرموقة على النطاقين الإقليمي والدولي إلى جانب الحضور المشرف والمؤثر المعبر عن حجمه وتاريخه الحضاري وصفحته الناصعة والمشرقة.

وبكل تأكيد فإن التلازم الوثيق بين الوحدة والديمقراطية وتمازجهما قد شكل عامل قوة واقتدار ومحور ارتكاز لعوامل الاستقرار، بل انهما مثلا السياج المنيع الذي تحطمت على صخرته الصلبة كل المؤامرات والدسائس والمحاولات البائسة واليائسة التي أرادت النيل من منجز الوحدة العظيم الذي لم يسلم من الاستهداف من قبل بعض القوى والعناصر الارتدادية والخائبة التي ظلت تتكسب من وراء إشعال الفتن والأزمات ونشر الخراب والكراهية وثقافة الأحقاد.

ومع كل ما أحاط بتلك المحاولات الاستهدافية من دناءة وخسة ونوايا سيئة فقد مني أصحابها بالفشل الذريع حيث اضمحلت وتبخرت مشاريعهم الارتدادية تحت وقع إيمان الشعب اليمني الراسخ بحقيقة أن الوحدة هي الثابت المقدس وأن التاريخ بماضيه وحاضره ومستقبله هو تاريخ اليمن الواحد وقد تجسدت هذه الحقيقة بأنقى صورها في واحدية النضال وواحدية الثورة وواحدية الهدف والمصير والوجود.

لقد أرادت تلك القوى والعناصر الموتورة ولا تزال أن تورث هذا الوطن مشروعها التدميري إلا أن ما حلمت به قد رد إلى نحرها لتسقط من منحدر إلى آخر تجر أذيال خيباتها المتكررة وستبقى تلعق مرارة هذا الخسران طالما ظلت تلهث وراء أوهامها ونوازعها المسكونة بثقافة الحقد والانحطاط الأخلاقي والقيمي، وتلك هي النتيجة الطبيعية لكل من يركضون وراء السراب ويسيرون عكس التيار.

لقد صار من الواضع أن من يلجأون إلى نشر ثقافة الحقد والكراهية بدلاً عن ثقافة المحبة والوئام إنما يعتنقون ذات الأفكار وذات الرؤى التي تسيطر على عقليات التنظيمات المتطرفة حتى وإن لم يكونوا تابعين حركياً لتلك التنظيمات.

بل إن من يشرعن ثقافة الحقد والعنف أكان ذلك عن طريق الخطاب الأحادي والإقصائي أو عبر الإسقاطات المناطقية والجهوية والعنصرية إنما هو بذلك السلوك يتقاطع ويتصادم مع الفكر السوي ومنطق العقل والصواب.

وليس هناك من بوسعه إنكار أن التطرف والنزوع التدميري يتغذيان من عقيدة واحدة لا تفرق بين ما يوجبه الدين الإسلامي الحنيف وحب الوطن وبين المطامع الذاتية التي لا تحتكم لأي معيار أخلاقي أو قيمي وتبني حساباتها على ما قد تجنيه من وراء حرائقها والفتن التي تشعلها من المصالح الذاتية الضيقة وثقافة كهذه يحركها طابع "قائم" على الأنانية والنفعية والانتهازية هي نتاج لسلوك منحرف لا يأتيه سوى من أعمى الله بصره وبصيرته، فضلّ السبيل وخسر الدنيا والآخرة.

وتلك هي مصيبة من يبحثون عن مجد زائف من نافذة التآمر على منجزات الوطن اليمني ونظامه الجمهوري وثورته ووحدته وتجربته الديمقراطية دون وعي أن تفكيراً كهذا أثبت هشاشته وهُزاله وعدم جدواه وأنه لا يمثل سوى إهانة لأصحابه ومن يسيرون في دربهم العاثر
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 19-مايو-2024 الساعة: 12:00 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/59810.htm