المؤتمر نت - محمد حسين العيدروس
محمد حسين العيدروس -
مواجهة الإرهاب لا تنتهي ببيان!!
رغم كل الجهود الحكومية لاجتثاث الإرهاب، والضربات الموجعة التي وجهتها الأجهزة الأمنية لخلايا القاعدة، إلا أن العناصر الإرهابية داهمتنا مجدداً في شهر الصيام ونزول القرآن، لتضعنا أمام سؤال مهم جداً هو: يا ترى هل يستمد الإرهابيون قدرة بقائهم وممارسة نشاطهم الدموي من ثغرة في قدراتنا الأمنية، أم خلل في استراتيجيتنا الوطنية التي نعتمدها في الحرب ضد الإرهاب..!؟
وقبل الإجابة لابد من الاعتراف بأن الإرهاب تحدي دولي وليس قطرياً، وأن الدول الكبرى التي تفوق اليمن بإمكانياتها المادية، والعلمية، وتمتلك أكبر ترسانة حربية في العالم ما زالت تتعرض لهجمات الجماعات الإرهابية.. غير أن الفارق هو أن تلك الجماعات قد تبرر استهداف بعض الدول باختلافات دينية، أو ثارات تاريخية، أو على خلفية سياساتها العسكرية وممارستها للعنف، في الوقت الذي تسقط كل هذه المبررات عندما يجري الحديث عن اليمن التي لم ترتكب ما يبرر الانتقام من شعبها أو مصالحها، وهو الأمر الذي يفند كل شعارات الإرهاب، ويؤكد أنها نزعة انتقامية حاقدة على الشعوب جمعاء باختلاف أديانها، وثقافاتها، وقدراتها السياسية والعسكرية والاقتصادية!!
إن النجاحات التي حققتها الأجهزة الأمنية، خاصة خلال هذا العام سواء في ضبط المتورطين، أو في إفشال العمليات الإرهابية قبل بلوغ أهدافها، أو في الضربات الاستباقية التي داهمت بها أوكارهم في العديد من مناطق اليمن - تؤكد حجم وفاعلية الجهد الأمني المبذول.. ومن هنا تتوجه أنظارنا إلى الاستراتيجية الوطنية في الحرب ضد الإرهاب، والتي سرعان ما يكتشف المرء مدى اختلال توازناتها، حيث أن هناك عبئاً أحادياً واضحاً على الجهات الرسمية وبالذات الأمنية دونما غيرها من التكوينات الوطنية والشعبية.
فقياساً إلى الواقع الذي تشهده الساحة اليمنية عقب أي نشاط إرهابي، نجد أن دور بعض الأحزاب والتنظيمات السياسية تنتهي بإصدار بيان إدانة من أربعة أسطر -أسوة بغير أبناء الوطن- ثم للأسف البعض يعقبها في اليوم الثاني بإصدار صحيفة مشحونة بالكامل بالتحريض ضد الدولة، وبتشويه كل ما تقوم به وتسيسه إلى شعارات حزبية تدخل في إطار مناكفاتها اليومية مع المؤتمر، بدلاً من شد أزر الأجهزة الأمنية، وتعبئة الساحة الشعبية للتعاون مع السلطات للقضاء على هذا الداء الخبيث.. وهي بهذا الخطاب المسموم، إنما تلتمس المبررات والذرائع للجماعات الإرهابية، وتحول فعلهم إلى تصرف عادي بينما تجعل ردود فعل الدولة هو التصرف السلبي الذي تحرض على إدانته.
ومن يطالع بعض الصحف المعارضة يكتشف أيضاً أن هناك خطاباً موجهاً لهذه العناصر لطمأنتها أو إرشادها إلى ما يجب فعله في المرة القادمة وإن كان ذلك مغلفاً ومبطناً لكنه مفهوم القارئ الحصيف.. وبالتالي فإن استراتيجية الحرب ضد الإرهاب أغفلت هذا الدعم اللوجستي المقدم للإرهاب، في نفس الوقت الذي فقدت العنصر الأهم في المواجهة وهو بعض القوى السياسية الوطنية، التي ينتظر منها أن تكون الرديف للأجهزة الأمنية في الدفاع عن الوطن، وحماية الأرواح والمصالح العامة.. فما جدوى أن ينصب البعض نفسه متحدثاً باسم 23 مليون مواطن، ويعجز عن تقديم شيء للشعب أكبر من بيان مؤلف من أربعة أسطر يدين به الإرهاب!؟
عندما نتحدث عن حرب بمواجهة الإرهاب، يجب أن نتساءل أولاً: هل الذين سقطوا في العمليات الإرهابية هم رموز النظام والحزب الحاكم؟ وهل يسأل الإرهابيون عن هويات وانتماءات من يقتلونهم، أم أنهم يستهدفون كل أبناء الشعب اليمني!؟ فإذا كان الأمر كذلك فهي إذن حرب الجميع، وعلى جميع القوى الوطنية والأفراد أن يكونوا في خندق واحد مع الدولة.. أن يمارسوا أدوارهم في المساجد، والمدارس، والجامعات، والندوات، ومكاتب العمل، وحتى الاجتماعات الحزبية، ويرفعوا الوعي الاجتماعي المناهض للتطرف والعنف، ويشحنوا الهمم للتعاون مع أجهزة الدولة في الكشف عن أوكار هذه الجماعات الإجرامية..
إن هذا الدور الذي يتنصل منه الكثير ممن تقع على عاتقهم مسؤوليته هو موضع الخلل في مواجهتنا مع الإرهاب، وما لم نتجاوزه، ويترفع الجميع عن ممارساته غير المسؤولة، ومكايداته الحزبية، فإن هذه العناصر ستجد في ظروف كهذه بيئة مثالية للبقاء، وتهديد أمننا وحياة مواطنينا الآمنين، والإضرار بمصالح الجميع..

تمت طباعة الخبر في: السبت, 27-أبريل-2024 الساعة: 05:29 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/62709.htm