المؤتمر نت -
جمـيل الجعـدبي -
فتنة الانتخابات ومأزق أحزاب المشترك
*حينما كانت روائح الفتنة والنزعات الانفصالية وبث الفرقة والكراهية بين أفراد المجتمع تنبعث في عدد من المحافظات بعد انحراف مسيرة النضال السلمي لأحزاب المشترك في اليمن خلال أعمال الشغب والعنف والاعتداء على الممتلكات العامة خلال العامين الماضيين .لم يكن فقهاء أحزاب المشترك يرون في ذلك ما يستوجب حتى النصح على الأقل بأخذ الحيطة والحذر من محاولات إشعال الفتنة . وكانت بيانات تلك الأحزاب مليئة بألفاظ التشفي و لا تخلو من تبرر تلك الأعمال وهو الأمر ذاته حينما كان دخان فتنة صعدة يتصاعد على مشارف أمانة العاصمة وعلى مقربة من منازل العديد من قيادات المشترك .

*وعندما أنتصر نواب الشعب للدستور والقانون على مبدأ التقاسم ولغة المحاصصة وقطعوا الطريق امام (المفتونين ) بالفراغ الدستوري و(اللبننة. والصوملة) في جلسة 18 أغسطس بإقرار قانون الانتخابات النافذ بعد تخلف أحزاب المشترك عن تقديم أسماء ممثليها للجنة الانتخابات. و صدور قرار رئيس الجمهورية بتشكيل اللجنة العليا في الموعد المحدد احتراماً وتنفيذاً للمواعيد الدستورية والقانونية . ومن ثم شروع هذه اللجنة في ممارسة مهامها بالتجهيز والإعداد للاستحقاق الديمقراطي المرتقب في 27 أبريل من العام القادم. فإن ذلك كله ووفقاً لبيان أحزاب المشترك الصادر الاربعاء الماضي يخالف الدستور والقانون (وسير إلى الاتجاه الذي لن يؤدي إلا إلى الفتنة) وهو ما سيتطلب إضطرار أحزاب المشترك لاتخاذ الموقف المناسب.. فاذا كانت تلك الاجراءات وفقا لبيان المشترك (مسرحية هزلية ) فلماذا استغفلتنا قياداته بلعب ادوار البطولة في هذه المسرحية والتي استهلها الانسي بمشاهد حوارات الجدران المضلمة واختتمها بافضل بمشهد اليمين المعلقة على قبة البرلمان.؟

• وكما هى عادة مواقف قيادة المشترك غامضة ومتذبذبة لايمكن فهم معنى (الفتنة) في بيان المشترك غير من زاويتين: الاولى مثلما حاول البيان طرجها كوجهة نظر تعتبر ماتقوم به لجنة الانتخابات من تحضير للانتخابات القادمة (فتنة) . فاذا كانت كذالك فلماذا تبدى قيادات احزاب المشترك حرصها على المشاركة فيها .!؟ وفي الزاوية الثانية لمحاولة فهم (فتنة الانتخابات) في فقه المشترك يبدو التهديد واضحا من احزاب المشترك باتخاذ مواقف تحريضية وأعمال عنف وقطع طرقات وكلها تدفع لإشعال الفتنة بين افراد المجتمع اذا لم يستجاب لمطالبها بتفصيل قانون الانتخابات وفق المقاسات المطلوبة. غير ان التهديد هنا بهدم المعبد لاينسجم مع ايحاءات عديد من قيادات المشترك تقلل من أهمية قضية الانتخابات أخرهم الاستاذ / عبدالوهاب الانسي – رئيس المجلس الاعلى للمشترك-والذي يقول في أخر حوار صحفي أجرته معه صحيفة الخليج أواخر سبتمبر الماضي أن موضوع اللجنة العليا للانتخابات آخر ما يمكن الحديث عنه في هذه المنظومة وأنهم أثناء الحوار مع المؤتمر خلال العام والأشهر الماضية لم يكونوا يركزون على قضية لجنة الانتخابات على حساب قضايا أخرى تهم الشعب . فلماذا اليوم اصبح موضوع لجنة الانتخابات هاما لدرجة تستدعي وتجيز اقتتال الناس هكذا إشباعا لأمزجة قادات الاحزاب.

*واذاكان من حق أحزاب المعارضة استخدام وسائل ضغط على السلطة ترى أنها مناسبة. فهل يحق لها استغفال الناس وشحن قواعد تلك الأحزاب وراء مواقف عدمية متشنجة خاضعة لأمزجة وأهواء قيادات تلك الأحزاب التي ترى " الفتنة " حلالاً حينما تكون نكاية بالسلطة وتراها "حراماً " حينما لا يتحقق لها مصالح شخصية أو مكاسب عبر المساومات غير المشروعة خارج إطار الدستور والقانون .؟! وإن كان رئيس مجلس المشترك يقول أنهم لم يكونوا يركزوا علي قضية تشكيل لجنة الانتخابات أثناء الحوار " بمعنى ليست ذات أهمية " فماذا يفهم من بيان المشترك الاخير الذي يرى في تحضيرات لجنة الانتخابات وتنفيذ مهامها الدستورية " فتنة " سيضطر المشترك لاتخاذ الموقف المناسب إزاءها .

*و لا شك أن الموقف المرتقب والذي لوح به المشترك في بيانه الأخير تجاه الاستحقاق الديمقراطي المرتقب سيزيد الطين بلَّه ويكشف بوضوح المأزق الحقيقي الحاصل امام قيادات هذه الأحزاب. حينما حشرت نفسها بين فتنتين لامحالة . سواء شاركت في الانتخابات او قاطعتها . وسواء اجريت الانتخابات بالقانون النافذ ام اخذ بالتعديلات .! ولا فتنة باعتقادي اشد من اختلاف احزاب المشترك على رئاسة لجنة الانتخابات .. فلا لا يزال المتابعون بما فيهم أساتذة جامعة عاجزون عن فك شفرات مواقف قيادات المشترك من الانتخابات ، فهذا الأستاذ عبد الوهاب الآنسي على سبيل المثال يقول مؤخراً في تصريح لموقع " نيوز يمن " أنهم لا يمكن أن يقاطعوا الانتخابات استجابة للسلطة ولا يمكن أن يدخلوا الانتخابات بشروط السلطة ، وأنهم لا يفكرون بالمقاطعة لأن سلبياتها سيئة ، فيما يرى القيادي في المشترك محمد قحطان أن المشترك يمكن أن يشارك ويمكن أن لا يشارك وستكون مقاطعته إيجابية .

*وهكذا تجر قيادات أحزاب المشترك نفسها إلى زوايا ضيقة وتحاصر نفسها بين جدران فتنتي المشاركة أو المقاطعة للانتخابات .فهي كما يبدوا تريد أن تلعب دورين في هذا الاستحقاق الانتخابي فإن حققت نجاحا ما قالت انه بفضل شعبيتها . وإن أخفقت تكون قد بررت ذلك بالتشكيك في شرعية الإجراءات الانتخابية والتباكي على مشروع التعديلات ، وهي مسرحية باتت مفضوحة ومملة ومعرف نهايتها " مثل الفيلم الهندي " و تشبه إلى حد كبير مسرحية إسقاط التعديلات المتفق عليها على قانون الانتخابات بمجلس النواب ، وفقاً لبيان أحزاب المشترك الأخير الذي اعتبر تشكيل لجنة الانتخابات وإقرار نواب الشعب العمل بقانون الانتخابات النافذ بعد تخلف ا لمشترك عن تقديم أسماء ممثليهم للجنة الانتخابات اعتبر تلك الإجراءات " مسرحية هزلية " تقتضي الأمانة هنا ذكر ابرز مبدعيها من (ممثلينا ) في البرلمان حيث لعب فيها الدكتور عبد الرحمن بافضل – رئيس كتلة الإصلاح في البرلمان ومن وراء الكواليس الاستاذ/ عبدالوهاب الانسي –رئيس المشترك وأمين عام الاصلاح – دور البطولة والتنفيذ والإخراج . واستحقوا عن جدارة جائزة الاوسكار عن مسرحيتهم (الفتنة الممتنة. في إعاقة تشكيل اللجنة) .!

*[email protected]
*عن صحيفة الثورة
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 10-نوفمبر-2024 الساعة: 10:26 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/63189.htm