المؤتمر نت - عبدالعزيز الهياجم
عبدالعزيز الهياجم -
قوّة القانون
شَهِدَ الأسبوع الماضي حادثة اختطاف خبير أجنبي قبل أن يتم الإفراج عنه مقابل استجابة الجهات المعنية لمطالب الخاطفين التي قيل أنها تتعلق بالإفراج عن سجين ينتمي إلى قبيلة الخاطفين وأن تخضع قضيتهم مع غرمائهم لمحاكمة عادلة.
ترى بأي أخلاقيات قبلية أو دينية أو إنسانية يتم خطف هذا الخبير الأجنبي وزجّهِ في مشاكل وخلافات وثارات وتصفيات حسابات ليس له فيها ناقة ولا جمل.. ثم أن السؤال الأهم هو هل أن الاستجابة لمطالب الخاطفين هي معالجة لمشكلة أم تشجيع لهكذا ممارسات لا تقل خطورة عن الأعمال الإرهابية التي هزّت سمعة البلد وأثّرت سلباً على الاقتصاد الوطني وتشجيع السياحة والاستثمارات الأجنبية.
صحيح أن الخاطفين ليسوا كالإرهابيين وهم عندما يفكرون في خطف أجنبي يعتبرون ذلك "العلاج بالكي" لمشكلتهم ويبدون لهذا الشخص المخطوف كل معاني الأسف والتقدير والاحترام ويعاملونه معاملة حسنة ويضيّفونه ضيافة لم يحلم بها، ويطمئنونه بأن حياته ليست في خطر، وأن المسألة لا تعدو عن كونها وسيلة ضغط على الدولة والحكومة للحصول على مكاسب أو امتيازات أو مشاريع تنموية وخدمية أو الإفراج عن سجناء أو إنهاء ملف شائك من الخلافات والثأرات مع هذه القبيلة أو تلك.. لكن كل ذلك لا يبرر مثل هذه الجرائم التي هي أشبه بجرائم القرصنة البحرية التي بَرَزت ظاهرتها بشكل لافت مؤخراً في منطقة خليج عدن من قبل قراصنة صوماليين يطالبون بفدية مقابل إطلاق هذه السفينة أو تلك.
وصحيح أن الدولة أو الحكومة أو أي من الجهات الرسمية عندما تستجيب لمطالب الخاطفين هي ليست راضيةً بهكذا معالجة، وإنما يظهر ذلك حرصها الشديد على ضمان حماية أرواح هؤلاء الأجانب سواءً كانوا خبراء أو سياحاً أو دبلوماسيين عاملين في هذا البلد كالتزام قانوني وأخلاقي ومنطقي، لكن ينبغي التفكير في أن المعالجات لا تقتصر على حادثة واحدة وإنما تكون معالجة مشكلة واحدة من هذا النوع بهذه الطريقة فاتحة أبواب مشرعة لحوادث مماثلة تضغط بهذه الوسيلة لتحقيق أهداف أو مطالب أو مكتسبات، كما أن تلك الحادثة المشار إليها آنفاً كمثال ليست الأولى حتى تنعدم الحلول والمعالجات الأخرى، فبلادنا شهدت حالات اختطاف كثيرة وخصوصاً في النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي، والتي وإن بدا أنها تعود لمناطق وجهات قبلية معينة للضغط على الدولة للاستجابة لمطالبها، إلا أن تكرارها حينها بشكل لافت وبروزها كظاهرة جعل من غير المستبعد أن أصابع وأيادي خفية تقف وراءها وتشجعها في إطار إقلاق الأمن والاستقرار والسكينة العامة في هذا البلد وشل أي حركة اقتصادية أو تنموية أو سياحية ناهضة يمكن أن يشهدها هذا الوطن.
وبالتالي فإن على الجهات الرسمية أن تضع من التشريعات الحاسمة والإجراءات الأمنية والقانونية والقضائية الصارمة والرادعة أساساً لمعالجة ظاهرة الاختطاف لا الاكتفاء بالمعالجات الآنية والاستجابة لمطالب الخاطفين التي تنتقص من هيبة الدولة وتهز ثقة الناس وخصوصاً الأجانب الذين يأتون لهذا البلد في مهمات وأعمال تخدم مصالحنا أكانوا ديبلوماسيين أو خبراء وعاملين في شركات نفطية وغيرها أو سياحاً ينفقون من العملة الصعبة ما يرفد الاقتصاد الوطني وينوع مصادر الدخل ويرفع حصة القطاعات غير النفطية في الدخل القومي.
وإذا ما اعتبرنا أن الاستجابة لمطالب خاطفين تُعَدُّ انتصاراً لقانون القوة فإننا سوف نستشعر خطر هذا الأمر ليس على حياة الأجانب الذين يأتون إلينا وحسب وإنما على حياة مجتمع وبلد بأسره، ولا مجال لتدارك مثل هذه الأخطاء سوى برفع وتجسيد شعار "قوة القانون" التي لا ينبغي أن يطولها أحد ولا مجال لأن يكون أحد فوق القانون أكان ذلك لعناصر متمردة أرادت الخروج عن الدستور والقانون ورفع السلاح في وجه الدولة أو بالنسبة لشخصيات تمارس نفوذها لتعطيل القانون وتحقيق مصالحها أو عناصر ترتكب جريمة الخطف للضغط والابتزاز للحصول على مكاسب أو الاستجابة لمطالب معينة لها.
[email protected]

تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 29-أبريل-2024 الساعة: 06:34 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/66767.htm