المؤتمر نت - حنان محمد فارع
حنان محمد فارع -
العلم سلاح الفقراء
لسنا بحاجة إلى جدل لنقر أن مؤسساتنا التعليمية تعاني قصوراً في مختلف جوانب أدائها العلمي وضعفاً في علاقتها بالبيئة وعجزاً عن إشاعة المعرفة والاستنارة داخل المجتمع...

مع بداية كل عام دراسي جديد دائماً تدور أسئلة حول جدية أنظمة التعليم ومدى جدوى المؤسسات التعليمية ، ونسأل أنفسنا : متى ستؤهلنا المنظومة التعليمية للسير قدماً في مصاف التقدم والرقي والحضارة وتعود بالفائدة على المجتمع ؟ متى سيتحول التعليم من ( الكم ) إلى (الكيف) ونكتشف جوانب قصورنا ونعمل على غربلة واقعنا التعليمي؟.

إن التعليم يعد من أهم المؤشرات التي يقاس بها تقدم الأمم في العصر الحديث، وهو مطلب ضروري للمجتمعات كافة بالذات الفقيرة التي تعاني تأخراً في مجالاتها الحيوية المختلفة ، فالتعليم يعد سلاحاً لتغيير الواقع ومواجهة تحديات المستقبل ، وقد أثبتت التجارب بما لا يدع مجالاً للشك أن التقدم الحقيقي يكمن في التعليم، لهذا وظفت الكثير من الدول في أولوياتها تطوير برامجها وسياساتها التعليمية وانعكس ذلك على التحولات والتغييرات المجتمعية وخرجت من حالة التقوقع والعزلة وتخطت الزمان والمكان ووجدت الحلول لمعظم مشكلاتها وتم إعداد الإنسان القادر على التعامل مع مستجدات العصر وأرست نمط حياة مغايراً، لذلك نجد الكثير من الدول تنفق أموالاً طائلة على قطاع التعليم وتعقد عليه الآمال العريضة في دعم عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتنظر إليه على كونه استثماراً مستقبلياً بحاجة ماسة لعائداته المباشرة وغير المباشرة على مستوى الفرد والمجتمع .

أما في مجتمعنا بعد أن فاتنا الكثير ومكثنا عقوداً طويلة في واد والعلم في واد آخر ما نزال لا نؤمن بقيمة العلم في بناء الإنسان ومكانته في نهضة وتقدم الشعوب ، وتشهد مدارسنا حالات عديدة ومتكررة من التسرب ومغادرة طلابها لمقاعد العلم في المراحل الدراسية الأولى والتسكع بالشوارع وخاصة من أبناء الطبقات الفقيرة والمهمشة الذين من المفترض أنهم أكثر إيماناً بأهمية العلم في تحسين أوضاعهم ومستوياتهم لكن القصور في الوعي الثقافي عند الأهل وضعف إدراكهم لمنافع التعليم لعب دوراً في قبول رغبة أبنائهم وتعريض مستقبلهم للضياع ما يضطرهم - الأبناء- للعمل في سن مبكرة للغاية بمهن شاقة لا تتناسب مع أعمارهم وأجسادهم .

لعل المدرسة أيضاً شكلت عاملاً محورياً مساعداً في ظاهرة التسرّب؛ إذ لم تغرس في نفوس طلابها حاجتهم للعلم كفرصة للحصول على المعرفة والمهارة وخلت المناهج التعليمية من الجانب العملي والافتقار لوسائل وأساليب التعليم الحديثة لجذب الطلاب والاعتماد على الحفظ والتلقين ويبدو واضحاً أثناء تأدية الامتحانات الأمر الذي يخلق عند الطلاب جواً يسوده الخوف والترقب والارتباك ، بالطبع لا ننسى سوء معاملة مدرسي وإدارة المدرسة لطلابها خاصة بطيئي الفهم والاستيعاب، مما يجعل الطالب يشعر بالخجل نتيجة تعرضه للاستهزاء والانتقاص أمام زملائه ما يدفعه للتخلي عن الدراسة والارتماء في أحضان الشارع .

يظل المطلب الأساسي للنهوض بالتعليم هو التدقيق المهني في اختيار مزاولي تلك المهنة السامية حسب شروط واختبارات كافية يقرر خلالها مدى صلاحية المتقدم لمزاولة التدريس ، وإجراء إصلاحات شاملة لتحديد أهداف واستراتيجيه التعليم وخلق مجتمع يؤمن بأهمية العلم في نموه وحصانته وتفعيل العلم كعقيدة ولا تستقيم الحياة إلا به ومن ثمة نستطيع أن نجمع الحصاد الوفير .
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 01-مايو-2024 الساعة: 10:24 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/68778.htm