المؤتمر نت - فيصل الشبيبي
فيصل الشبيبي -
إلاّ الوحدة ،، أيُّها التائهون ..
حالةٌ من الدهشة والمرارة والألم تجتاحُ كلَّ من يستقرئ فصولاً من المشهد السياسي في أجزاء من وطننا ، ومستوى التباين الذي وصل إليه فرقاءُ العمل السياسي، والكيفية التي يتعاطى الكثيرُ منهم في قضايا لا غبار عليها ، إلى جانب الفهم المعكوس لمصطلح السياسة ، وما إذا كانت تعني المكر والخديعة واستغلال المواقف وتصّيدُ الثغرات ؟ أم أنها الحكمة وفن الإدارة في تسيير أمور أي جماعة و قيادتها و معرفة كيفية التوفيق بين التوجهات الإنسانية المختلفة و التفاعلات بين أفراد المجتمع الواحد ؟؟ أعتقد ـ ومن خلال قراءتي المتواضعة لما جرى ويجري في بلدنا ـ أن ثلة منهم يتعاطون مع السياسة تعاطياً سلبياً لتحقيق مصالح مُشبعة بالآنية المقيتة ، حتى وإن كان ذلك على حساب القيم والأخلاق والثوابت ، كنوع من الانتقام ورد الفعل على أي عمل أضر بمصالحهم .

وهذا يؤكدُ أننا بحاجة لمراجعةٍ متأنيةٍ لمواقفَ مُشابهة حتى نصل إلى مرحلة النضج والوعي المطلوب وكيف نوظف الأدوات المطلوبة لبلوغ ذلك والمرتبطة في الأصل بالواقع الثقافي والمحيط الاجتماعي وتراكمات الماضي وآثارها السلبية .

وعلى العكس من ذلك تماماً يجد المتتبعُ للسياسيين الناجحين على مر التاريخ أن أدواتهم في سياساتهم ، هي القيم النبيلة والوفاء للأرض والناس وخدمتهم ، والتنافس الشريف البعيد عن المكايدات والمماحكات التي تعصف بما هو أكبر في حال اعتُملت كأدوات لتنفيذ تلك السياسات .

ما أريد الوصول إليه هو أننا نسمع بين الفينة والأخرى أصواتاً نشازاً لَفَظَها الشعبُ والتاريخُ نتيجةً لمواقف مخجلة تنمُ عن ضيق أفق وحقد دفين ، يصل حد التضحية بالوطن ، مادام وأن مصالحها الشخصية قد تقلصت أو تضررت لسبب أو لآخر ، رامية بالثوابت المعروفة خلف ظهورها ، وتحاول نفث سمومها للنيل من وحدة الوطن واستقراره ... ولهؤلاء جميعاً نقول كان يكفيكم ـ لو كنتم تعقلون ـ أن تستوعبوا الدروس والعبر التي خلفتها الحرب القذرة التي أشعلها بعض ضعفاء النفوس في صيف 94 عندما التفَّ الشعبُ اليمنيُ خلفَ الشرعية ودافع عن الوحدة من أقصى الوطن إلى أقصاه وبذل ماله وروحه فداءً لليمن الواحد الموحد ، كما كان يكفيم أن المزايدة على أبناء المناطق الشرقية والجنوبية والتحدث باسمهم لن تجدي نفعاً ، لأنهم جميعاً وحدويون أكثر مِنّي ومنكم ـ ولا أعتبر نفسي سوى نقطة في محيط وحدويتهم ووطنيتهم ـ ولن يفرطوا بوحدة وطنهم مهما كان الثمن ومهما حصل ويحصل من أخطاء لا يُنكرها إلا مزايدٌ أو مكابر ، وتستدعي وبإلحاح معالجتها والوقوف بوجهها من قبل الجميع ، وأن تستشعر السلطة والمعارضة واجباتها تجاه كل الاختلالات الإدارية والمالية .

وكان الأجدى والأحرى بكم أن تنتقدوا الفساد ومظاهِرَهُ وأبطاله وتُقدّموا الحلول الناجعة لاستئصاله وتساهمون في بناء وطنكم لا هدمه ، إلا إنكم ـ وهذا ما تتحدثون به أنتم وتكشفه نفوسكم المريضة بين الحين والآخر ـ لا تريدون لهذا الوطن أن ينهض ويتعافى من جراحه التي تسببتم في أغلبها وها أنتم تنكئونها بين الفينة والأخرى .

الغريب من هذا كله أن العالم يتجه نحو الوحدة والتكتل ونجد من ينتمون – مع الأسف – إلى هذا الوطن يحيكون له الدسائس ويخططون لتمزيقه ، ويتناسون أنه محاطٌ بسياجٍ منيعٍ هو الشعب اليمني الذي لا ولم ولن يبخلَ بنفسه وماله للدفاع عن حياضه .

كما أني أتساءلُ أيضاً هل أن المناخ الديمقراطي المتاح جعلكم تستثمرونه في غير ما هُيئ له ؟ أم أن التعددية كانت أمراً مفاجئاً لكم لأنكم تعودتم على سياسة القمع والتهجير في ظل الشمولية التي جمدت أفكاركم وخدّرت عقولكم وجعلت المرأة عيناً وجاسوساً على زوجها والأخَ على أخيه ؟؟ ، أفيقوا من سباتكم فاليمن للجميع ، وناضلوا نضال الشرفاء ، وتخلصوا من تلك القيود والأفكار التي عفا عليها الزمن ، كما أنكم بهذه الدعوات الماحقة ، تسحبون البساط من تحت كل من يملك حقاً ضائعاً في المطالبة به.

وختاماً .. أقول لكم : زايدوا علينا في أي شيء غير الوحدة والوطن وعودوا إلى رشدكم ، واتركوا هذه التُرّهات فلن تستطيعوا من خلالها تحقيق أي شيء يذكر سوى الازدراء من جميع أبناء الوطن ، واطلبوا العفو من الله والشعب على حماقاتكم النكراء واعلموا أن المكر السيئ لا يحيق إلا بأهله ، وتذكروا أنتم ومن يدفع بكم أن الشعب اليمني قالها ولا يزال يُردّدُها ( إن مُجردَ التفكير بالمساس بالوحدة ضربٌ من المستحيل ، إن لم يكنِ المستحيلَ عينه) .



[email protected]
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 02-مايو-2024 الساعة: 12:55 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/77849.htm