|
دراسة حديثة تنقل مآسي ومعاناة يمنيات من أحداث13يناير رصدت دراسة مدنية حديثة عددا من الحالات الأسرية التي تعرضت لشتى المعاناة أثناء وعقب أحداث 13 يناير 1986م التي شهدتها المحافظات الجنوبية قبل إعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة. وشرحت الدراسة عمق المعاناة التي تعرضت لها النساء والأطفال والشيوخ منها: أم فقدت ابنها وزوجة فقدت زوجها ومعيلها وأخت فقدت أخاها وسندها وغيرهم ممن تجرعوا تلك المآسي والتشريد والتدمير والرعب، لكن بعضا من أولئك الرجال فقدوا ولم يكونوا في عداد الموتى وأصبحت نسائهم وأبناءهم في ترقب دائم لإمكانية ظهورهم مما يؤثر سلبا على الوضع النفسي وعدم الشعور بالأمان. وقالت الدراسة الخاصة بـ"تأثير الحروب الأهلية والصراعات المسلحة على الأسرة العربية – دراسة حالة اليمن"- التي أعدتها الدكتورة حسينة القادري- حصل الموتمرنت عليها - إن أحداث13يناير وحرب المجازر الدموية ليست بين دولة ودولة أخرى ولا بين عدو وآخر وإنما بين من كانوا يؤمنون بنفس الفكر. وأضافت: إن تلك الحرب الأهلية المدمرة بدأت بتصفيات القيادات الكبرى في الحزب الحاكم في جنوب الوطن ولم يتوقف الصراع المسلح عند هذا الحد بل استمر النزاع الدائر في عدن بمختلف الأسلحة الخفيفة والثقيلة في كافة الأماكن بما فيها المأهولة بالسكان.. مشيرة إلى أنها تعد من أشرس معارك العصر وأكثرها دموية عبر تأريخ اليمن. وبينت أن الإحصاءات التي نجمت عن تلك الأحداث التي وصفتها بـ(انتحار الحزب) والتي استمرت (12) يوما - بلغت 12ألف قتيل من عسكريين، ومدنيين، وتدمير أسحله ومعدات عسكرية ودمار لحق بأهالي مدينة عدن الكبرى ومنازلهم بقيمة تقدر بـألفي مليون دينار. وذكرت الدراسة المدنية أن حرب (المجازر الجماعية) تلتها حملات تصفيات دموية طالت المحافظة الثالثة لتستمر لمدة عامين بذريعة استهداف مواليد المحافظة الثالثة لينزح آنذاك بسببها الآلاف من المواطنين إلى الشطر الشمالي. وتؤكد الدراسة أن حرب يناير صاحبها تعذيب جسدي بشع للمعتقلين والمصابين بآلات حادة ومواد كيميائية قاتلة إلى جانب ماشملته من إبادة واسعة للأطفال والنساء والمسنيين من المدنيين. وبحسب الدراسة – لم تسلم الضروريات الحياتية والمعيشية الخاصة بالمدنيين من التدمير والإتلاف، حيث تم تدمير خزانات للمياه المتواجدة على قمة جبل حديد مما أدى إلى انقطاع المياه كليا عن محافظة عدن وتعرض المواطنون المدنيون للقتل من القناصة الذين كانوا يطلقون ا لنار من بنادقهم على النساء والأطفال الذين خرجوا من منازلهم للبحث عن الماء، ليضطر بعض من نجا منهم إلى استخدام مياه البحر للشرب التي أسفرت عن وفاة عدد كبير منهم . وتابعت الدراسة: كما تم تدمير أجزاء كاملة من مدينة القلوعة المعروفة بحي الطبقة العاملة وتدمير خزانات الوقود لشركة النفط ونسف العديد من المباني الحكومية وغيرها. وأوردت الدراسة حالات عديدة لربات أسر تجرّعنَ مذاق المعاناة والمآسي بمختلف أشكالها وصورها منها: أم اعتدال تقول: ما حصل في 13يناير 1986م شيء لا أستطيع نسيانه كوني رأيت بأم عيني أصدقاء كانوا يأكلون ويشربون من نفس المائدة ثم يقاتلون بعضهم البعض في الشوارع، لأن الحرب تحول من انقلاب إلى حرب شوارع . وتضيف: واستغرب من أنهم جميعاً من نفس البلاد ومن نفس المكان وفي بعض الأحيان يكونوا أقارب، ولم يأتنا أي طامع أو غازٍ من الخارج. وتتابع: لم أستطع استيعاب لماذا الحرب؟ من نحارب؟ ولماذا؟.. أبناء الريف يقتلون أبناء الحضر واليسار المتوسط يقتل اليسار المتطرف. كما تؤكد أم معاذ لمنفذة الدراسة قائلة: توضح لنا الأمر في الأخير فحرب 13 يناير التي خلفت الكثير من الدمار كانت نتيجة للسيطرة على الكرسي وعلى القوة، ولم يكن هناك منتصر أو منهزم من قبل المتقاتلين بل كان الخاسر الوحيد هو الشعب. وتشير إلى أن تلك الحرب خلقت تصدعا بين الشعب والحاكم في الشطر الجنوبي من اليمن الأول لأنة لم يجد الجواب على السؤال لماذا حدث كل هذا، والثاني لفقدان العزيز والغالي سواء الأم التي فقدت الأنباء والبنات، أو الزوجة التي ترملت لفقدان عائلها أو الأخت التي فقدت مساندها، أو الأبناء والبنات الذين حرموا من التعليم أو غيره نتيجة فقدان الأب. وفي الحالة الثانية تفيد(خميسة): رغم أنني تعلمت مبادئ وتنظيرات الاشتراكية في المدرسة ولكنني لم أكن في يوم ما عضوة في الحزب الاشتراكي. وتضيف:"حرب 1986 كانت كارثة أو زلزال لكل أبناء الجنوب عامة وسكان عدن خاصة ويعود السبب في حدوث هذه الحرب نتيجة حادثة مؤلمة حصلت في أواخر السبعينات، وهي اغتيال الشهيد علي سالم ربيع ولكن حينها كانت الخسارة محدودة رغم أنه كان انقلاب دموي قتل فيه كل من كان متواجد مع سالم ربيع حينها دك مكتب على سالم ربيع وبعض الأبنية المجاورة له". معتبرة أن ذلك كان دليلا واضحا على أن الوضع السياسي لم يكن مستقرا آنذاك في الجنوب. وتؤكد خميسة أن ذلك الحدث لم يخلق الانقسام بين الشعب كما حصل في حرب 1986 باستخدام السكاكين و الفؤوس و المتفجرات لإزهاق الأرواح وإرهاب الأهل،حيث لا يصدق أن المواطنين صنفوا على حساب البطاقة الشخصية التي كانوا يحملونها هذا من أبين، لازم يقتل ولكن هذا من يافع لازم يعيش كان لدي إحساس بأن عدن ذهبت بلا عودة. أما الحالة الثالثة فهي لأم فقدت ابنها، حيث وصفت يوم 13يناير بـاليوم الأسود الذي حطم حياتها وضيع ابنها. وتضيف: ذكرياتي من أحداث الحرب مؤلمة وسوداء كالفحم، وبداخلي نار مايطفيها إلا مفارقتي للحياة كوني فقدت فلذ كبدي والمتبقي لي من الأسرة كلها. متسائلة عما إذا كان ولدها على قيد الحياة أم قد فارقها. وتقول: كل يوم كنت أنزل أبحث عليه في كل الأقسام والمستشفيات والسجون والمعسكرات وكل مكان و أبحث عن ابني في كل مكان ولكني ما لقيته في أي بقعة، وأتمنى من الله تعالى أن يرجع لي ولدي ولو بعد حين. وتحكي امرأة أخرى لهيب معاناتها وفقدانها لمعيلها وأطفالها قائلة: أنا زوجي اختفى بعد أحداث (13) يناير بثلاثة أيام من الحرب تلك السنة كان أطفالي صغار الولد 4 سنوات والبنت 3 سنوات ومع زوجي ثلاثة أولاد من زوجته الثانية وكلهم أطفال. وتضيف: لم يستطع الأطفال مواصلة دراستهم بسبب الظروف التي تغيرت، إلى جانب ما مرينا به من صعوبات معيشية قاسية. وتتابع: نحن لم نفعل أي شيء بخصوص مصير زوجي فهو مفقود فقد بحثنا عنه في كل مكان ولم نجده. أما اعتدال فقد صدمت من مشاهدتها لمنظر الصراعات والمجازر والوجبات الدموية التي كانت بين الأصدقاء والأقارب وأزهقت من خلالها الأرواح البريئة، ودمرت عدن دون هدف واضح وجلي، وبجانب ذلك كله تأثرت تأثراً شديداً عندما تعرضت للفصل التعسفي من عملها وشبهت الوضع بإرسالها للموت. وخلصت الدراسة – حصل الموتمرنت عليها - إلى أن الحرب الأهلية والنزاعات المسلحة الداخلية لها عواقب ونتائج طويلة المدة إذا تتجاوز النتائج الآنية مثل فقدان الأهل، والأمن، والتأثير علي حياة المجتمع سواء لمن تحملوا البقاء في موطن الصراع أو من فروا. واعتبرت ان المرآة والطفل هم أكثر شرائح المجتمع تأثرا بالحرب أو الصراعات المسلحة، كون نتائجها تفقد الأسرة مصدر الدخل، والسكن، والدعم الاجتماعي مما ينتج عنه على وجه الخصوص فقدان المرأة والطفل للشعور بالأمان. وأضافت : بالرغم من الاعتراف بوجود العنف ضد المرأة في كل مكان فإن درجته وطبيعته قوبلت بتجاهل كبير من المؤرخين وصناع السلام وحتى الجمهور العام ، ما أدى إلى تهميش تجارب المرأة في جدول الأعمال السياسية والحقوقية وفي أوقات الطوارئ والنزاع. |