المؤتمر نت -
محمد حسين النظاري -
المحليات وخيبة المتشائمين
اليوم يسقط المتوهمون , ويخيب المتشائمون , نعم أولئك الذين يظنون أنهم يستطيعون ان يوقفوا مسيرة التطور في هذا البلد بشتى أنواعه ومن ذلك النهج الديمقراطي الحكيم وتماديهم في الانتقاص من وطنهم ومقدرته على السير في هذا الميدان لأبعد حدود , وهم بذلك كاملون في النقص نظير ما يقترفونه بحق وطنهم وأمتهم , ولان الوطن كلٌ لا يتجزأ ولان حبه أيضا جزءٌ واحد فقد طفا على السطح قلة لا يعرفون من حبه إلا بمقدار ما سيستفيدون فحسب , نسوا أو تناسوا بأن الوطن ليس سلعة تباع وتشترى ولكنه حب وقر في القلب فصدقته الأعضاء بالعمل على النهوض به وتعميره وتشييده .

ديمقراطية الثاني والعشرين من مايو التي انطلقت أولى حلقاتها في السابع والعشرين من ابريل 1993م هي اليوم تواصل التحليق عاليا في سماء الحرية بغية الوصول للتطور المنشود منه إرساء النهج الديمقراطي كنهج وحيد للحكم المحلي الرشيد , لن ندعي الكمال , ولن نقول أننا الأفضل في من حولنا , ولكن نستطيع ان نجزم بأننا وضعنا أقداما صلبة في هذا الطريق الذي قد لا يعجب الكثيرين لكنه سيكون خيار اليمن الوحيد في الحاضر والمستقبل , ولعل الأشهر القادمة كفيلة بان توضح مدى قدرتنا على ولوج إحدى أهم طرق التطور , فعربة الشورى في يمننا الحبيب تسير على قضبان الحرية , ومحطة الوصول هي اليمن السعيد عبر بوابته الاقتراع عبر الصندوق والاحتكام إليه , وبما أن العربة بدأت تسير فعلا وأقلعت من محطتها الأولى والمتمثلة في الانتخابات النيابية لدورات عدة وكذا الانتخابات الرئاسية والمحلية , ولتوطيد هذا النهج الحكيم فإن أعضاء المجالس المحلية على موعد مهم يوم الأربعاء الخامس من مايو حيث ستشهد( 350) وحدة إدارية محلية على مستوى المحافظات والمديريات إجراء الانتخابات الداخلية للمجالس المحلية كتجسيد عملي للمشاركة الواسعة للشعب في إدارة مسؤولياته، وعلى طريق الانتقال إلى نظام الحكم المحلي واسع الصلاحيات تنفيذاً للبرنامج الانتخابي الرئاسي لفخامة الأخ علي عبدا لله صالح - رئيس الجمهورية – حفظه الله والذي حاز بموجبه في الانتخابات الرئاسية عام 2006م على الإجماع الشعبي.. والتي شهد العالم بنجاحها . من المؤلم ان يجمع العالم هؤلاء ويقروا بأننا ماضون في الطريق الصحيح في حين انه يوجد بيننا من يتنكر لوطنه , حيث ينكر قدرتها على حسن تنظيم الانتخابات المحلية , رغم معرفته الحقة في قرارة نفسه ان اليمن قادرة على إكمال المسيرة التي بدأتها بلادنا الحبيبة .

ان ما يحدث اليوم من هرج ومرج القصد منه لفت انتباه الآخرين الى أننا عاجزين عن القيام بأي شيء , من قبل البعض ممن لم يحلوا لهم ان بلدنا وبالرغم من حداثة التجربة إلا أنها قطعت أشواطا مهمة في هذا المضمار الديمقراطي وهو الأمر الذي أغاض الكثيرين ممن في نفوسهم مرض , ولديهم عقدة كبيرة تتمثل في عدم مقدرتهم على حب وطنهم .

ان العيد هذا العام عيدان ففي هذا الشهر المبارك اطلت على العالم بأسره الوحدة اليمنية الخالدة , والتي جاءت والعالم في خضم انقساماته وتشتته ولتكون نقطة الضوء الكبيرة في الوقت المعاصر , والعيد الثاني هو تعميق النهج الشوروي والذي اتسم به اليمنيون من عهد الملكة بلقيس . الانتخابات المحلية يجب ان تجسد النضج الذي وصلنا إليه , فهي ليست ممارسة بحد ذاتها ولا غاية ومنتهى لآمالنا , بل بوابة من بوابات التصحيح واختيار الكفاءات القادرة على التغيير الذي يقود للأفضل بإذن الله تعالى , فلنسر سويا يدا بيد نحو يمنٍ مشرق وضاء ويحدونا الأمل في تطويره وتعميره , من خلال رفده بمرشحين جديرين بهذا التكليف ,

علينا ان نضع الوطن فوق كل شيء ان نجعله بين حدقات أعيننا وفي سويداء قلوبنا لأنها اليمن فهي تستحق ذلك . اليوم الكرة في ملعب أعضاء المجالس المحلية فالاقتراع سري وبين اليد والصندوق ورقة وزنها المادي خفيف غير ان ثقلها عند الله عظيم , فهي ستهوي بأناس وسترفع آخرين , ستقرر مصائر المتقدمين , ستحد من أحلام البعض , وستشرع الأبواب لدى البعض الآخر , بيضاء في وجه الفائزين سوداء في أوجه الخاسرين , لكن الفائز الأكبر هو الوطن . لهذا كله نقول للمنتخبين اتقوا الله في أصواتكم , راقبوه في اختياراتكم , تحروا حسن الاختيار , لان من تختارونه لا يمثل نفسه بل يمثل دائرته ومديريته ومحافظته ومن ثم الوطن بكامله , وطن يحمل أحلام الغد المشرق , لا تظنوا أبدا ان الأمر هين وانه مجرد اختيار أو ان الأمر يختص بكم فحسب , لا والله فانتم مندوبون ومفوضون عن الجماهير العريضة التي اختارتكم لتكونوا ممثلين لها في المجالس المحلية.

ثق أيها المنتخِب ان لصوتك تأثير , وانه سيقلب الموازين , فرب مرشح لا يحتاج إلا لصوت واحد للفوز , ربما يكون هذا الصوت هو صوتك , أيقن بأنك جدير باختيار من اختاروك , لا تكن امعة تجري خلف هذا وتهرب من ذاك وما بين الأمرين تفضل مصلحتك الشخصية دون غيرها من مصالح الوطن , اجعل الجميع سواسية , كمشط تساوت أسنانه , لا تفضل أحدا عن الآخر إلا بمقدار ما يمتلكه من خبرات وإبداعات ورؤى تصب في خدمة الجمهورية اليمنية , نعم انظر للجميع وكأنهم إخوتك وهم بالتأكيد كذلك فأنت لست في خصومة مع احد منهم , انظر إليهم بعين واحدة لا تغمضها في وجه س وتفتحها في وجه ص , ضع س في عين وص في العين الأخرى , واجعل في راسك حسن التقييم ومن ثقلت كفة عطاءه وعلا سهم ابداعه وفاق شوط عمله وتفوق منسوب نجاحه فاختره بلا تردد فهو الأمثل ان شاء الله تعالى , قل نعم لمن سيعمل لا من سينجح اليوم ليكون عبئا غدا , قل نعم لمن يسعى للتطوير , لمن ينتهج التغيير .
علينا ان لا نلقي باللوم مستقبلا على الدولة وان نكيل التهم للحكومة وان نحمل رئيس الجمهورية المسؤولية , ان من يتحمل المسؤولية هو انتم وليس سواكم , فأنتم من اخترتم , ولهذا فما عليكم إلا حسن الاختيار واستبعاد كل من ثبت فشله , لان التجريب في المجرب خطأ , ولا مجاملة أو استحياء في حقوق المواطنين لأنهم وحدهم من سيحاسبونكم على كل تقصير يصدر منكم.
* باحث دكتوراه بجامعة الجزائر
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 17-مايو-2024 الساعة: 05:10 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/80361.htm