المؤتمر نت -
يحي علي نوري -
المناكفة‮ ‬إلى‮ ‬متى؟‮!‬
تحرص القيادة السياسية على تجديد دعوتها لأحزاب المشترك إلى إجراء حوار مسؤول من وقت لآخر، لا نلمس له سوى نتيجة واحدة من قبل المشترك وهي المزيد من المناكفة السياسية وبصورة جعلته لا يكتسب أية أهمية ولا يعول عليه في أن يخلص الى نتائج إيجابية تدفع بعملية الحوار‮ ‬خطوات‮ ‬الى‮ ‬الأمام‮.‬
ونتساءل هنا عن جدوى تجديد مثل تلك الدعوة، في الوقت الذي يعلم المؤتمر الشعبي العام رد فعل أحزاب المشترك غير الإيجابي، ما يجعلنا نتساءل أيضاً عن سر اهتمام المؤتمر بتجديد دعواته للحوار، وما إذا كان يعتقد أنه سيلقى التفاعل المنشود..؟!

تساؤلات عدة تفرض نفسها على كل متابع وراصد للتفاعلات المرتبطة بعملية الحوار.. وقد لا يجد هؤلاء الإجابات الناجعة لها أو حتى تمكنهم من تشكيل صورة بسيطة يستشرفون من خلالها مستقبل الحوار على المدى القريب.
ذلك أن ما يعتمل في الساحة بشأن الحوار قد خرج تماماً عن المنطق والموضوعية أو حتى عن أبسط أبجديات الممارسة الديمقراطية التي يمكن الاعتماد عليها في تشكيل تلك الصورة، ما يعني أن الاوراق قد اختلطت تماماً وأن الموضوع برمته لم يعد قضية حوار بين الاحزاب، وإنما أصبح يمثل قضية أخرى غير معلنة على الرأي العام.. وأن الاحزاب والتنظيمات السياسية باتت تتحدث عن الحوار كشماعة تخفي من ورائها تطلعات وآمالاً خاصة بها لا علاقة لها من قريب أو بعيد بعملية الاصلاحات للنظام السياسي أو بحاضر ومستقبل بلادنا.

نقول ذلك ليس من باب الشطط وإنما انطلاقاً من المنطق والموضوعية التي تشكلت لدينا من خلال متابعتنا لمجريات عملية التهيئة والإعداد للحوار الوطني، وهي معطيات قدمت خلالها القيادة السياسية كل ما يعمل على إنجاحه كالتنازلات مثلاً، ومع ذلك لم يجد الحوار طريقه الى التبلور‮ ‬على‮ ‬الواقع‮ ‬وهو‮ ‬ما‮ ‬يعني‮ ‬صراحة‮ ‬أن‮ ‬القضية‮ ‬لم‮ ‬تعد‮ ‬قضية‮ ‬حوار‮ ‬واصلاحات‮ ‬سياسية‮!!‬

إذاً هناك مصالح ما تسعى إليها أحزاب المشترك، والمؤتمر الشعبي العام يدرك ذلك جيداً ومع ذلك يظل يجدد دعوته للحوار المسؤول، في الوقت الذي يدرك مسبقاً طبيعة ردة الفعل الباهتة واللامبالية للمشترك بل وتعمدها السخرية بكل دعوة، الأمر الذي جعل الرأي العام لا يجد أفقاً‮ ‬لأي‮ ‬انفراج‮ ‬لعملية‮ ‬الحوار‮ ‬حتى‮ ‬لو‮ ‬استمر‮ ‬المؤتمر‮ ‬يجدد‮ ‬دعوته‮ ‬بشكل‮ ‬يومي‮.‬
فما‮ ‬الذي‮ ‬تريده‮ ‬أحزاب‮ ‬المشترك‮ ‬من‮ ‬الحزب‮ ‬الحاكم،‮ ‬والتساؤل‮ ‬الأكثر‮ ‬منطقية‮: ‬ما‮ ‬الذي‮ ‬يريده‮ ‬المؤتمر‮ ‬من‮ ‬أحزاب‮ ‬المشترك؟‮!‬
هذا‮ ‬التساؤل‮ ‬يتطلب‮ ‬من‮ ‬كل‮ ‬متابع‮ ‬ومهتم،‮ ‬بلوغ‮ ‬الاجابة‮ ‬الناجعة‮ ‬له‮ ‬حتى‮ ‬نتمكن‮ ‬من‮ ‬الاقتراب‮ ‬من‮ ‬طبيعة‮ ‬المشهد‮ ‬الراهن‮ ‬للساحة‮ ‬السياسية‮ ‬في‮ ‬بلادنا‮.‬
‮ ‬وهو‮ ‬تساؤل‮ ‬سيظل‮ ‬يضع‮ ‬نفسه‮ ‬بقوة‮ ‬ولا‮ ‬يمكن‮ ‬لأحد‮ ‬أن‮ ‬يتجاهله‮ ‬أو‮ ‬يسير‮ ‬باتجاه‮ ‬تحليل‮ ‬المشهد‮ ‬السياسي‮ ‬دون‮ ‬الاستعانة‮ ‬بإجابته‮ ‬الشافية‮.‬

وعلى كل حال فالمؤتمر الشعبي العام طالما هو مؤمن بعظمة الجماهير التي منحته ثقتها في مختلف الاستحقاقات الانتخابية، هو وحده من سيقرر الخروج من هذه المعمعة التي باتت تسيئ للممارسة الديمقراطية وتمثل مصدر إزعاج وخوف لدى الرأي العام في الداخل والخارج من أن يقود هذا‮ ‬الوضع‮ ‬المتردي‮ ‬لسلوك‮ ‬الاحزاب‮ ‬والتنظيمات‮ ‬السياسية‮ ‬إزاء‮ ‬الحوار‮ ‬الى‮ ‬حدوث‮ ‬ما‮ ‬لا‮ ‬تُحمد‮ ‬عقباه‮ ‬من‮ ‬تأثيرات‮ ‬على‮ ‬حاضر‮ ‬ومستقبل‮ ‬اليمن.‬

نقول ذلك ونحن مدركون لفهم واستيعاب المؤتمر لمواقف احزاب المشترك والاهداف والتطلعات التي تسعى الى تحقيقها ولا تجد لها صدى إيجابياً.. ما يعني بصريح العبارة أن على المؤتمر الشعبي العام أن يسير بخطوات واثقة في اتجاه تنفيذ برامجه الانتخابية على الواقع وأن يحقق رؤيته للإصلاحات السياسية الهادفة الى تطوير وتحديث البناء المؤسسي للدولة، وان يسير في الوقت ذاته باتجاه الاستحقاق الانتخابي سواء شاركت أحزاب المشترك أم لا، وان يحشد مختلف القوى الوطنية باتجاه هذا الاستحقاق ليؤكد الوقفة الشعبية العارمة مع كافة المنطلقات والمبادئ‮ ‬التي‮ ‬عبرت‮ ‬عنها‮ ‬برامجه‮ ‬الانتخابية‮ ‬ونال‮ ‬من‮ ‬خلالها‮ ‬ثقة‮ ‬الجماهير‮ ‬الراغبة‮ ‬في‮ ‬ولوج‮ ‬المستقبل‮ ‬الافضل‮ ‬الذي‮ ‬وعد‮ ‬به‮ ‬الشعب‮ ‬بعيداً‮ ‬عن‮ ‬كافة‮ ‬المنغصات‮.

وبما أننا نثق بقدرة المؤتمر على السير في هذا الطريق والذي يؤكده بصورة مستمرة من خلال تصريحات قياداته وإعلانها الصريح التزامها بالموعد الدستوري للاستحقاق الانتخابي البرلماني، فإن الرأي العام بدوره سيقف الى جانبه وبالتالي ستجد أحزاب المشترك نفسها بعيدة عن دائرة الفعل الديمقراطي وستخسر كل شيء بل وستندم على كل ما اقترفته من مواقف متعنتة ومخزية إزاء عملية الحوار وانتصارها لمصالحها على حساب المصالح الوطنية العليا وما ارتكبته من أخطاء فادحة دفعتها اليها حساباتها الخاطئة.. وخلاصة إن الرأي العام اليمني بحاجة الى السير نحو المستقبل الافضل شاء من شاء وأبى من أبى.. ويدرك تماماً أنه إذا ما تعثر المؤتمر الشعبي العام عن السير باتجاه تنفيذ ما وعد به فإن الخاسر الاول والاخير سيكون المؤتمر وسيُعتبر بالتالي تعثره نجاحاً لأحزاب المشترك وتأكيداً على أن مواقفها المتشنجة والمتمترسة‮ ‬من‮ ‬عملية‮ ‬الحوار‮ ‬كانت‮ ‬مواقف‮ ‬سليمة‮ ‬لا‮ ‬يشوبها‮ ‬شائب،‮ ‬وأن‮ ‬المؤتمر‮ ‬كان‮ ‬هو‮ ‬المراوغ‮ ‬وغير‮ ‬الراغب‮ ‬في‮ ‬إدارة‮ ‬الحوار‮ ‬بل‮ ‬والخوف‮ ‬من‮ ‬خوضه‮ ‬وما‮ ‬سيؤول‮ ‬اليه‮ ‬من‮ ‬نتائج‮.‬

استخلاصات عدة سوف تفتح شهية كل المحللين المأزومين لمزيد من تشويه المشهد السياسي وأدوار المؤتمر.. وإزاء ذلك بات المؤتمر أمام خيارين إما السير باتجاه تحقيق ما وعد به، أو أن يقدم المزيد التنازلات لأحزاب المشترك إذا لم يعد قادراً على السير لوحده دون شريك فاعل‮ ‬له‮ ‬في‮ ‬الحياة‮ ‬السياسية‮.‬
وهو‮ ‬أمر‮ ‬لابد‮ ‬أن‮ ‬تقدم‮ ‬الايام‮ ‬القليلة‮ ‬القادمة‮ ‬الاجابة‮ ‬الشافية‮ ‬له‮ ‬والتي‮ ‬نأمل‮ ‬أن‮ ‬تكون‮ ‬منتصرة‮ ‬للموقف‮ ‬الشعبي‮ ‬العارم‮ ‬الملتف‮ ‬حول‮ ‬القيادة‮ ‬السياسية‮ ‬والمؤمن‮ ‬بأهدافها‮ ‬وتطلعاتها‮.
تمت طباعة الخبر في: الثلاثاء, 21-مايو-2024 الساعة: 03:17 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/80498.htm