المؤتمر نت - عبد الجبار سعد
عبد الجبار سعد -
أولياء الشيطان وعباد الرحمن
كنا نقرأ في أخبار أولياء الرحمن قصصا عن نفر اعتزلوا الدنيا ومافيها وتفرغوا لعبادة الله في خلواتهم فهم ركّعٌ سجّدٌ وقيامٌ لله ليلهم ونهارهم يمسي أحدهم عابدا مستغفرا وجلاً بين يدي الله، ومن فرط خشيته لله وهو في مثل هذا الحال بين الحين والحين يمد يده ليتحسس مواضع من جسده هل مازال على آدميته أم قد مسخه الله قردا أو خنزيرا .. كما فعل بأمم من قبله .
وكنا نقرأ عن نفر اعتزلوا في خلواتهم وتركوا الدنيا وأهلها فجل وقتهم يبكون بين يدي مولاهم ويذكرون ذنوبهم وخطاياهم ويرجون رحمة من ربهم تخرجهم من حال سخطه إلى حال رضوانه وهم أهل التقوى و الصلاح وممن يتبرك الناس بحبهم ويتوسلون إلى الله بصالح أعمالهم ومع هذا فقد كانوا إذا أصابت الناس سنة مجدبة وتأخر عنهم الغيث من السماء و قصدهم الناس يطلبون دعواتهم إلى الله بنزول المطر يقولون لهم يا قوم والله إنكم تستبطئون نزول الغيث ونحن نستبطئ نزول الحجارة علينا من السماء مما نحن فيه من الخطايا والذنوب .. لا يرون لأنفسهم عند الله مقاما بل ويرون أنهم أهل لكل عقوبة وسخط ونقمة من ربهم ..
****
هذه هي أنماط من أولياء الله الذين عمر الله بهم الأرض وجعلهم زينة الدنيا وأهلها في كل الأعصار وفخرا للبشرية على اختلاف الملل والأديان وقد أشهدنا الله في هذا الزمان أنماطا أخرى يتزيون بزي الصلحاء والعلماء من شيوخ الرسوم والتصنع وأصحاب الدعوى في الدين يبتنون لأنفسهم القصور الفارهة ويقتنون لمواكبهم العربات الفخمة و المدرعة وتحرسهم كتائب من الجند اتخذوا المتاريس والخنادق بينهم وبين خلق الله.. وجيشوا الجيوش ليس لكي يحموا دين الله وعباده المؤمنين أو يدافعوا عن حرمة الإسلام والفضيلة من أعداء الله ولكن لكي يروّعوا عباد الله وينشروا القتل والخراب في ديار المسلمين وبين طوائفهم ويكرهونهم على أن يكونوا لهم ولأطماعهم عبيدا ويكونون خولا ودولا بينهم كلما يمم أحدهم شطر وجهة من أرض الله أشعل الحرائق فيها وأثار الفتن والنزاعات ودبّج الفتاوى باستباحة دم هذا و محومقام هذا وانتهاك حرمات أولئك .. ينازعون الأمر أهله.. ويغرقون الناس في الفتن والبلايا ومع هذا فإن أحدهم بين الحين والحين يتحسس مقامه في أهل السموات وموقعه من عرش الرحمن.. وليته يقنع منه بميمنة وميسرة ولكنه ينازع الله في سلطانه في السماء بعد ما نازعه إياه في الأرض ويحل نفسه محل رب العرش ويريد أن يكون في موضع من لا يسأل عما يفعل والناس غيره يسألون و في مقام من يقول للشيء كن فيكون ويشرع للناس من الشرائع مالم يأذن به الله ولا ترده حرمة ولا ورع عن فعل كل موبقة ومنكر.. يوالون رأس الكفر والطغيان العالمي وينفذون أوامره ويحققون مشيئته ويعادون الأبرار من أهل ملتهم .. ويضعون أنفسهم عبيد كل ذي مال وجاه.
أولئك هم أولياء الشيطان وعباد الهوى وأهل المكر والخداع وعبيد الدنيا وأهلها قاتلهم الله أنى يؤفكون
****
ومع أن أهل العلم والصلاح غير هؤلاء كثيرون، لكن كثيرين منهم تحت طاغوت وجبروت هؤلاء مروعين وخائفين ووجلين ويحق لأحدهم أن يخاف ويجبن من طواغيت اتخذوا الدنيا سلما لمآربهم ووظفوا الدين لأهل الدنيا وطلاب السلطان ورؤوس الشياطين.. لا يخشون الله ولا يحفظون لغيرهم حرمة ولا يرقبون في مؤمن إلاًّ ولا ذمة ناهيك عن بقية البشر ..
ولكن سلطان الباطل ساعة وسلطان الحق حتى قيام الساعة ولئن جبن القليل من العلماء وأهل الصلاح فإن الكثرة من عباد الله وأهل الفطرة السليمة لم ولن يجبنوا وستبقى جموعهم تنصر الحق وتحمي الحرمة حتى بالدعوات التي تخترق السموات والله يرقب من عليائه وإنما هي بلاءات يمحص الله فيها المؤمنين وثباتهم على الحق الذي أقام عليه الأرض والسماء، وسيعلم الذي ظلموا أي منقلب ينقلبون ..
اللهم انصر الحق وأهله واخذل الباطل وحزبه ..
اللهم أظهر حجة أحبابك وأوليائك على القوم الفاسقين
اللهم أظهر دينك على الدين كله ولو كره المجرمون ..
واقمع الكفر ومن والاه من عباد الشياطين ..


تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 29-مارس-2024 الساعة: 02:40 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/91277.htm