بقلم- مطهر لقمان: -
عندما يكون إصلاح خطاب الحركة الإسلامية شرطاً لازماً لأي عملية إصلاح شامل في منطقتنا العربية
على نحو مفاجئ وغير مفهوم ركبت ا لحركات الإسلامية – وباندفاع عجيب- موجة الإصلاح الشامل المطروحة على الساحة السياسية العربية في هذه اللحظة الفارقة من تاريخ المنطقة العربية وقفزت إعلامياً –بالتشديد على كلمة إعلامياً- إلى منطقة المربع الأول في ساحة الفكر السياسي المعاصر سالخةً منه الكثير من المصطلحات والمفردات المتصلة بالشأن العام.
وشرعت في استخدامها بشره عجيب ضمن خطابها الإعلامي الجديد "جداً" حتى يكاد المتابع لهذا الخطاب الإعلامي أن تذهب به الظنون إلى الاعتقاد بأن الجذور التاريخية لفكر هذه الحركات ربما تعود إلى "توماس جيفرسون".
في مقابل هذه الظاهرة نرى التيارات السياسية العربية الأخرى الأكثر "عصرنة" لا تزال في حالة تردد "محسوب" من استخدام هذه المصطلحات والمفردات ضمن خطابها الإعلامي والسياسي نظراً لعدم توفر قدر كبير من مقومات اعمالها في واقع الحياة العربية، على شتى الأصعدة ولا سيما منها فرقاء العمل السياسي في العالم العربي، التي لا يزال الكثير منها يحمل في ثنايا بنيته الأيدلوجية والسياسية والتنظيمية، الرفض والإنكار القطعي لمعظم شروط ومكونات الحياة المعاصرة بسبب بقائها فكرياً وشعورياً في عصور الدولة اللا هوتية والذي يجعلها تؤمن بقوة – في عقيدتها المستترة- أن ممارستها للحكم عند وصولها إلى سدة الحكم هو تجسيد للحاكمية الالهية والنص القرآني.
وأمام هذه النزعة الإصلاحية التي فاجأتنا بها الحركات الإسلامية العربية بتبنيها إعلامياً خلال مرحلة التحولات التاريخية هذه التي تشهدها المنطقة العربية،الخطاب الفكري والسياسي المعاصر جدا.

فإن الحركات الإسلامية مطالبةً اليوم بإثبات استعدادها وصدقيتها فيما تتبناه إعلامياً في هذه الآونة من مطالب لإرساء شروط ممارسة التداول السلمي للسلطة والحرية، والمساواة وحقوق ا لمرأة وحقوق الإنسان؟

وذلك عبر وقفة صادقة مع نفسها أولاً، ومع مجتمعاتها ثانياً؛ لمراجعة خطابها في كل مكوناته التي يعرفون ويعرف الجميع أنها لا تمت بصلة إلى هذا العصر، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر:
1-الانتقال من مرحلة الاعتقاد – السائد لديها- إن الشريعة هي مصدر الشرعية، إلى مرحلة الاعتقاد الصريح والأكيد بأن رضا المحكومين – عبر الآليات الانتخابية- هو مصدر ا لشرعية.
2-التخلي عن الاستمرار في ممارسة الأزدراء والتجني ضد مجتمعاتهم وغيرهم في التيارات السياسية الأخرى عن طريق الرمي –الممنهج- بعدم الرغبة في الدين، وعدم الغيرة عليه واعتبار أنفسهم في موقع الفرقة الناجية.
3- عدم الرهان –باستمرار- في اعتماد أساليب العمل التكتيكي من خلال الظهور بخلاف المبطون عملاً بما يُعرف "بفقه الضرورة".
4- التخلي عن عقلية وسلوك الإدعاء بالتمثيل الحصري للدين سياسياً واستغلاله في خطابهم الإعلامي والدعائي للتلاعب بمشاعر وعقول مجتمعاتنا العربية الغيورة –صدقاً- على دينها.
5- بدء التجسيد الفعلي والعملي لمبادئ وآليات الديمقراطية داخل تنظيماتهم عبر السماح لأعضائها في التناوب الدوري "التغيير" في جميع مواقع ومسميات رئاستها وقيادتها عبر صناديق الاقتراع – الاقتراع السري الحر والمباشر- داخل أحزابها.

(ما حفزني على كتابة هذا الموضوع هو قراءتي لموضوع نشر في جريدة الحياة يهتم بذات المقاصد بإصلاح الحركات الاسلامية والملفت للانتباه هو التطابق الكبير في مواطن الخلل المثير للجدل والريبة بين جميع تجارب ونماذج الحركات الإسلامية في جميع بلدان عالمنا العربي وربما العالم الإسلامي.)
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 01-مايو-2024 الساعة: 01:40 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/9799.htm