المؤتمر نت - نبيل عبدالرب
نبيل عبدالرب -
على هامش موازنة الدولة
أنجزت حكومة الوفاق موازنة الدولة للعام الجاري، بتأخير ثلاثة أشهر عن بداية السنة المالية. وكان المتوقع أن ينجم عن التأخير موازنة على الأقل تتجاوز اختلالات رافقت الموازنات السابقة وتتضمن تنبؤات مستخلصة من ظروف المرحلة ولها خصوصية ذات علاقة بنتائج المباحثات الحكومية للدعم الخارجي.

وإلا ما الداعي للتأخير، إذا لم يكن سياسياً، فالموازنة بالأصل كأرقام ومؤشرات هي عمل فني، يعدها الاختصاصيون، وصبغتها السياسية ناجمة بالمقام الأول عن الموجهات العامة التي غالباً ما تعتمد بناءً على معرفة السياسيين بالوضع الاقتصادي ذي الارتباط بالمجال السياسي خصوصاً ما يتصل بمؤشرات الاستثمار، والنمو، والمساعدات الخارجية.

الموازنة عكست استيعاب الحكومة –لحد ما- متطلبات هذه السنة لناحية رفع مخصصات الجانب الاستثماري إلى 613 مليار ريال، مقارنة بـ363 ملياراً العام الماضي وبزيادة نسبتها (69%) وهذا شيء يحسب لحكومة الوفاق، إذ أن حالة الركود التي عاشها الاقتصاد اليمني السنة السابقة تقتضي برنامجاً إنعاشياً يقوم على حزمة سياسات مالية، ونقدية، واقتصادية تفضي إلى زيادة السيولة والإنفاق في الاقتصاد، والموازنة مكون مهم في أدوات إدارة الاقتصاد. ويمثل حجم الإنفاق، الواصل تريليونين و673 مليون ريال (ما يقارب 12 مليار دولار) خطوة إيجابية في ضخ السيولة للاقتصاد، وإنعاش النشاط التجاري، وتشغيل الأيدي العاملة، وبالنتيجة تخفيض معدلات البطالة، والفقر، مع عدم إغفال الأعراض الجانبية في التضخم (ارتفاع الأسعار).

بالمقابل حجم الإنفاق في موازنات اليمن على مدى عمر دولة الوحدة، مازال يعاني الاختلال الهيكلي، المزمن بين الإنفاق الجاري والاستثماري.
رغم التحسن في الإنفاق الاستثماري فإنه مازال يمثل أقل من ربع الإنفاق العام، في حين النفقات الجارية (أجور ودعم مشتقات نفطية فقط) تقترب من نصف الموازنة، تريليون و199 مليار ريال ولو أخذنا فقط أجور موظفي الدولة فإنها تبلغ 886 ملياراً، بمعنى أن البلد لا تستفيد حقيقة من النفط كأهم مورد وقابل للنضوب، في التنمية، وبإضافة دعم فاتورة المشتقات النفطية المباعة محلياً يكون إجمالي الإيراد النفطي بـ 956 مليار ريال عاجزاً عن تغطية الدعم والأجور، أما إيرادات الدولة من مختلف أنواع الضرائب فتكفي لتغطية أجور أقل من ثلثي موظفي الدولة.

ومن مفارقات الموازنة، أنها في الوقت الذي حسنت نسبة الإنفاق الاستثماري، وهي خطوة في معالجة الاختلال الهيكلي، فإنها أضاعت من وقع المعالجة بزيادة الإنفاق الجاري في جانب أجور موظفي الدولة، بعدم إسقاط حوالي 25 ألف وظيفة وهمية ومزدوجة، إلى جوار اعتماد مخصصات لتجنيد 21 ألف فرد جديد. وتقارب تكاليفهما على الموازنة الثلاثين مليار ريال سنوياً.

ولا ندري ما إذا كنا بحاجة للمزيد من الجنود الذين يداوم نسبة لا بأس بها منهم في منازلهم، أو برفقة شخصيات اجتماعية ومسؤولين. وهل جهاز الدولة ناقص فساد وتضخم وظيفي.

يتفهم الناس فارق أجور عن العام الماضي بنحو 287 مليار ريال، كونها تغطي التزامات العلاوات والإستراتيجية والمساهمة في حل مشكلة اجتماعية واقتصادية تتعلق ببطالة الشباب المؤهلين، إضافة لكونها بالنهاية تزيد من السيولة في السوق، الضرورية بعد فترة الركود، أما استمرار التجنيد والوظائف الوهمية فأمر يصعب فهمه.

*******
تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 06-مايو-2024 الساعة: 05:17 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/98371.htm