المؤتمرنت - علامة مبكرة لتطور مرض السكري كشفت دراسة علمية حديثة أعدّها باحثون من جامعة فلوريدا الأمريكية عن مؤشر بيولوجي مبكر قد يساهم في فهم آليات تطوّر داء السكري من النوع الأول قبل ظهور أعراضه السريرية، ما يفتح آفاقًا جديدة للتشخيص المبكر والوقاية.
وأظهرت نتائج الدراسة، التي نُشرت في مجلة Diabetes، أن أولى الخلايا التي تتعرض للتدمير في المراحل الأولى من الإصابة بالسكري من النوع الأول ليست جزر لانغرهانس الكبيرة المعروفة بدورها الأساسي في إنتاج الإنسولين، بل التجمعات الصغيرة جدًا من خلايا بيتا المنتِجة للإنسولين، إضافة إلى الخلايا المنفردة المنتشرة في أنسجة البنكرياس. وتكمن أهمية هذا الاكتشاف في أن هذه العملية المناعية تبدأ بصمت، أي قبل أن تظهر أي أعراض واضحة على المصاب، ما يجعل المرض يتقدم خفيًا في مراحله الأولى.
ووفقًا للباحثين، تمثل هذه المرحلة المبكرة نقطة تحوّل أساسية، إذ يبدأ الجهاز المناعي بمهاجمة هذه الخلايا الصغيرة أولًا، قبل أن ينتقل لاحقًا إلى استهداف جزر لانغرهانس الأكبر حجمًا، المسؤولة عن إنتاج الجزء الأعظم من الإنسولين في الجسم. وعندما تصل الهجمة المناعية إلى هذه الجزر الكبيرة، يكون المرض قد دخل مرحلة أكثر تقدمًا يصعب عندها التدخل العلاجي الوقائي.
وتشير الدراسة إلى أن القدرة على رصد هذه التغيرات المبكرة، وحماية جزر لانغرهانس الكبيرة في الوقت المناسب، قد تسهم في إبطاء تطور المرض أو حتى منعه في بعض الحالات. كما يوفّر هذا الاكتشاف تفسيرًا علميًا لسبب تطور السكري من النوع الأول بوتيرة أسرع لدى الأطفال مقارنة بالبالغين، إذ يمتلك الأطفال عددًا أكبر من الجزر الصغيرة في البنكرياس، ما يجعلهم أكثر عرضة للهجوم المناعي المبكر.
واعتمد الفريق البحثي في دراسته على تحليل عينات أنسجة دقيقة مأخوذة من قاعدة البيانات الدولية nPOD، وهي من أكبر المصادر العالمية المتخصصة في دراسة أمراض البنكرياس والسكري. وقد أتاح هذا التحليل العميق تتبّع التغيرات الخلوية في مراحل مختلفة من المرض، ما عزز موثوقية النتائج.
ويأمل الباحثون أن تُمهد هذه النتائج الطريق أمام تطوير استراتيجيات جديدة للكشف المبكر عن السكري من النوع الأول، إضافة إلى ابتكار تدخلات علاجية وقائية تستهدف المراحل الأولى من المرض، بما قد يخفف من عبئه الصحي على الأطفال والبالغين على حد سواء. |