السبت, 09-يوليو-2005
المؤتمر نت - إنَّ حراكاً ملموساً قد حدث في ثقافة حقوق الإنسان، وإنَّ كثيراً من الانتهاكات التي كانت تُمارس سابقاً خاصةً قبل الوحدة أخذت في التلاشي والاختفاء، وإن هامش الحرية والتعبير عن الرأي بات كذلك واسعاً... صنعاء/المؤتمر نت -
أمة العليم: حقوق الإنسان كلٌّ لا يتجزأ
قالت وزيرة حقوق الإنسان أمة العليم السوسوة " إن حراكاً ملموساً قد حدث في ثقافة حقوق الإنسان- فى اليمن - وأنَّ كثيراً من الانتهاكات التي كانت تُمارس سابقاً خاصةً قبل اعادة توحيد شطرى البلاد أخذت في التلاشي والاختفاء. وإن هامش الحرية، والتعبير عن الرأي اليوم بات واسعا". غير ان السوسوة اعتبرت فى حوار مع المؤتمر نت ان تنامى وتطور ثقافة حقوق الإنسان يظل طموحا مشروطا تحققه " بتفاعل كلِّ مكوِّنات حقوق الإنسان الحكومية وغير الحكومية، وتنامي مستوى وعي المواطن بحقوقه المكفولة دستوراً وقانوناً، واقتناع الجميع أنَّ حقوق الإنسان كلٌّ لا يتجزأ، وغيرُ قابلة للتصرُّف". ورأت وزيرة حقوق الإنسان ان ابرز الصعوبات التى تواجه وزارتها تتمثل فى " عدمُ بتِّ بعض جهات الاختصاص في الشكاوى والبلاغات التي ترفعها الوزارةُ، أو التأخير في معالجتها".
الا أنها قالت " إنَّ جهاتٍ أخرى لا تتوانى في تحريك القضية، والتحقيق في مضمون الشكوى وإلزام مختصيها بسرعة البت والمعالجة". فى مايلى نص الحوار:

س / هل كانت الصفةُ الحكوميةُ للوزارة على أنشطتها أم عاملاً مساعداً لها؟
ج/ تمارس الوزارة أنشطتها وأهدافها وفقاً للدستور ووفقاً لبرنامج الحكومة الذي حصلت بموجبة على الثقة، بمعنى أن الوزارة تضطلع بكامل اختصاصاتها المحدَّدة بلائحتها التنظيمية، واستطعنا بجهود كادر الوزارة المتواضع، وشراكة تعبيرات المجتمع المدني، والأجهزة الحكومية ذات العلاقة، استطعنا أن نحقق جملةً من الأهداف نحسبها تصبُّ في خدمة حقوق انساننا اليمني، وإشاعة قيم ومبادئ الحقوق والحريات، ومعالجة بعض الانتهاكات التي نتلقى بها شكاوى من المواطنين، أو بلاغاتٍ من الصحف الأهلية والخاصة من خلال جهاز الشكاوى والبلاغات الذي أنشأته الوزارةُ للتعاطي مع الخروقات والتجاوزات غير القانونية التي قد يرتكبها موظفٌ أو مسئولٌ في الجهاز الرسمي. فضلاً عن إسهامنا في لفت انتباه جهات الاختصاص عن أي اختلالات أو أوجه قصور تقع أعباؤها على حقوق الناس وحرياتهم العامة. ومنها تكليفُ فريقٍ مختصٍّ من الوزارة لزيارة السجون في المحافظات ودُور الإحداث، والعجزة، ودور الرعاية، لتفقُّد أحوال النزلاء وبيئة المنشأة العقابية أو الرعائية ومدى توافر الشروط الصحية والغذائية المناسبة لنزلائها. وهو أمرٌ نوليه عنايةً خاصةً، وكذا قضايا الحقوق المدنية والسياسية والقضائية وحقوق المرأة والطفل والفئات الأخرى.
ونرفع نتائج أعمالنا إلى الوزارات والهيئات المعنية وعلى وجه الخصوص مجلس الوزراء الذي وقف أمام كثير منها وأصدر بشأنها قرارات.

س/ بماذا تصطدم غالباً برامجُ الوزارة لتعزيز حقوق الإنسان في اليمن؟
ج/ من الصُّعوبات التي تواجهنا عدمُ بتِّ بعض جهات الاختصاص في الشكاوى والبلاغات التي ترفعها الوزارةُ، أو التأخير في معالجتها مما يسبب لنا حرجاً مع أصحاب هذه الشكاوى الذين يرون على الوزارة رفع أي ظلم واقع عليهم. وأقول بعض الجهات وليست كلها، إذا أنَّ جهاتٍ أخرى لا تتوانى في تحريك القضية، والتحقيق في مضمون الشكوى وإلزام مختصيها بسرعة البت والمعالجة. بحكم حداثة التجربة وافتقار البعض إلى الوعي بالقوانين، ومتطلبات إعمال حقوق الإنسان. نثق أن كثيراً من أوجه القصور سيتمُّ تجاوزُها مع الأيام، من خلال برامج التوعية والتدريب والتأهيل التي تعدُّها الوزارة للمشتغلين في الأجهزة المرتبط نشاطُها بحقوق الناس وحرياتهم.


س/ كيف تقيمون حجم النمو فى ثقافة حقوق الإنسان في اليمن مقارنةً بما يتطلعون إليه؟
ج/ أنا أؤمن بمبدأ المقارنة العادلة عند تقييمي أيَّ وضع راهن. المقارنةِ بين ما كان وبين ما هو كائنٌ وأظنُّك تشاطرني الرأيَّ في أنَّ حراكاً ملموساً قد حدث في ثقافة حقوق الإنسان، وأنَّ كثيراً من الانتهاكات التي كانت تُمارس سابقاً خاصةً قبل وحدة أرضنا والإنسان – أخذت في التلاشي والاختفاء. وإن هامش الحرية، والتعبير عن الرأي قد بات واسعاً – رغم التجاوزات التي قد تحدث هنا وهناك – لكن الواقع يشهد بأنَّ هناك فارقاً كبيراً بين أمس النظام الشمولي، وسياسة احتوائه كلَّ حقوق الإنسان وتكميمه الأفواه، وبين يوم التعددية السياسية والحزبية، وتأسيس الصحافة الأهلية وزيادة المشاركة من قبل فئات المجتمع كافة المعبرة عن توجهات الطيف السياسي. أقصد أنَّ ثقافة حقوق الإنسان آخذةٌ في النمو، وستشهد إنَّ شاء الله – بحرص كلِّ الطامحين إلى إنشائها وإعمالها – نصَاً وممارسةً – مزيداً من التنامي والتطور. وهذا طموحٌ مرهونٌ تحقيقُه بتفاعل كلِّ مكوِّنات حقوق الإنسان الحكومية وغير الحكومية، وتنامي مستوى وعي المواطن بحقوقه المكفولة دستوراً وقانوناً، واقتناع الجميع أنَّ حقوق الإنسان كلٌّ لا يتجزأ، وغيرُ قابلة للتصرُّف. وما نتطلع إليه يفوق المتحقِّق بكثير، ولكن بالتدريج، وبخطىً هادئة سنحقق معاً المنشود.

س/ أين تكمن الإشكاليةُ في عدم ظهور مبادرات عملية شراكة مع الإعلام على غرار ما هو كائنٌ مع منظمات المجتمع المدني، رغم أهمية الإعلام في نشر ثقافة حقوق الإنسان؟
ج/ أسمح لي أخي العزيز أن أختلف معك في هذه النقطة؛ باعتبار الحاصل مخالفاً لما ذهبتم إليه. فالإعلامُ بكلِّ وسائطة المقروءة والمشهودة، والمسموعة من أهم شركائنا في ميدان إعلاء حقوق الإنسان، وصونها، وكشف منتهكيها – ولا نستطيع إنجاز المهام الأساسية بدون مؤازرة الإعلام الذي بفضله ننشر رسالة حقوق الإنسان، ونعرِّف بأهدافنا والجهود المبذولة للتوعية بالحقوق والحريات.
كما نعتبر الإعلام نبض الناس، ومرآتهم التي نرى على صفحاتها ما هو خافٍ علينا، وكلَّ ما يبصرنا بالانتهاكات والخروقات.
وحقيقةً أقول أنا من المتابعين والمهتمين بكلِّ ما تنشره صحفُنا اليومية والأسبوعية، وأتعاطى معه بجدية واهتمامـ وأعتبره مُرشداً أساسياً لعملنا، ولا يمكن بحال الاستغناء عما يتناوله أعلامُنا اليمنيُّ، وهو ما دفعنا إلى إنشاء إدارة عامَّة للإعلام، لما يحظى به الإعلامُ في حياتنا اليومية من أهمية بالتوعية بحقوق الإنسان، وإرشاد المواطن إلى شامل استحقاقاته المشروعة. وسنسعى في قادم الفترة إلى تعزيز عُرى الشراكة مع الإعلام، باعتباره وسيلتنا المُثلى للتواصل مع الناس، والاقتراب من همومهم ومشكلاتهم التي ما أُنشئت وزارةُ حقوق الإنسان، إلا لتلمُّسُ معاناتهم، وترجمة حقوقهم وحرياتهم، والارتقاء بها إلى المستوى المأمول.
كما أن الإدارة العامة للبلاغات والشكاوى في الوزارة ترصد بشكل يومي ما تنشره الصحف المحلية وتتعاطى مع أي حالة انمُّ عن أي انتهاك لحقوق الإنسان باعتبارها بلاغاً يتم عرضه على الجهات ذات الاختصاص ومتابعة مدى تفاعل هذه الجهات مع مضمون البلاغ وإبلاغ أصحاب الشكوى بالردود والحلول التي تبت تلك الجهات فيها.
س/ هل تمخض الاجتماعُ الأخيرُ للهيئة الاستشارية للوزارة عن أيِّ اتجاهات جديدة؟
ج/ كما تلاحظ من التسمية إنِّها هيئةٌ استشاريةٌ آثرنا تشكيلها إيماناً بأن حقوق الإنسان، وقضاياه المتشابكة يمكن أن تضطلع بها أجهزةُ الوزارة بمفردها.
فكان أن شُكلت هذه الهيئةُ – التي نعتزُّ كثيراً بجهود أعضائها التطوعية – من ممثلي منظمات المجتمع المدني، والشخصيات الأكاديمية المستقلة والحزبية، والمختصين في حقل المحاماة، لتكون لنا عوناً في إنجاز الأهداف الوطنية. وهي هيئةٌ يلتئم شملها كلَّ ثلاثة أشهر، وكلما اقتضت الحاجة. للاستئناس بآرائهم والاستفادة من خبراتهم الثمينة من ناحية، وإشراكهم في رسم سياسات الوزارة، وتطلعاتها.
وفي الحقيقة إنَّ الوزارة لا تقطع أمراً من الأمور الهامَّة دون الاستماع إلى مشورتهم، وآرائهم التي أشهد أنَّها مثلت لنا خيرَ معينٍ وحافزاً على الخوض في عدد من المسائل الحيوية. منها على سبيل المثال إعدادُ التقرير الوطني الثاني لحقوق الإنسان، ومشروع قانون الصحافة والمطبوعات وغيرها من القضايا الهامة، التي أبلوا في إثرائها وتنقيحها بلاءً محموداً. لا يسعني – عبر صفحات مؤتمر نت – إلا أزجيهم شكراً وتقديراً خاصين نظير جهودهم المتميزة التي بذلوها وما زالوا في سبيل إنجاح أهداف الوزارة، وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها.

س/ هل تلعب الوزارةُ حتى الآن على صعيد التوفيق بين الأحزاب؟
ج/ نحن نتعامل مع الأحزاب السياسية بوصفها شريكاً أساسياً في عملنا، في إطار منظومة المجتمع المدني. وقد عقدنا معها أكثر من لقاء لتلمُّس الأدوار التي تضطلع بها، والتعرُّف عن قرب على خططها وبرامج عملها المستقبلية والأهداف التي بإمكاننا تنفيذها معاً في إطار اختصاصات ومهام الوزارة المحددة بلائحتها التنظيمية. لكننا في الوقت ذاته لا نتدخل في الخلافات أو المشكلات التي قد تصيب العلاقات فيما بينها، فهذا شأن لجنة الأحزاب التنظيمات السياسية المنوطة بها مهمةُ التوفيق، ورأب أي صدع قد ينشأ. وهو في الأساس شأنٌ داخليٌّ من شئون الأحزاب تستطيع أن تعالجه دون الحاجة إلى طرف ثالث.


س/ لم تنفتح الوزارةُ حتى الآن على العمل الطوعي للراغبين من أفراد ومؤسسات. فهل لديكم نيةٌ بذلك؟
ج/ ربما كان العكسُ صحيحاً. فالوزارةُ لديها كيانانِ وطنيان أولهما / الهيئةُ الاستشاريةُ، وثانيها : اللجنةُ الفنيةُ جميعُ أفرادها، والمؤسسات التي ينتمون إليها يقدمون للوزارة خدماتٍ طوعيةً جليلةً، ونحن نرحب بأيِّ مبادرة أو استشارة أو أي جهد خلاًّق يرغب فردٌ أو مؤسسةٌ تجسيده في نشاط الوزارة. فالوزارةُ حقيقةً قد تلقت عدداً من المبادرات الطوعية القيمة التي أخذناها بالاعتبار في خطط الوزارة وتوجهاتنا الوطنية والدولية.
والبابُ سيبقى مفتوحاً لأيِّ عمل تطوعي، من فرد أو مؤسسة ما دام يصبُّ في خدمة الأهداف التي أُنشئت الوزارة من أجل تحقيقها، مع تقديرنا سلفاً لجهود المتطوعين التي تعتزُّ بها أيَّما اعتزاز.

س/ أي نوع من القضايا تعتقدون أنَّها تتصدر قائمة انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن؟
ج/ أظن أن قضايا حريات الرأي والتعبير، وحرية الصحافة من أكثر القضايا التي تردنا شكاوى من أصحابها، وتُحدث أصداءً دوليةً جمعُنا في غنىً عنها.
ولكن عزاءنا أنَّ القضاء هو الفيصلُ الوحيدُ في هذا النوع من الانتهاكات، وهو توجُّه صحيٌّ ونثقُ كثيراً في قدرة القضاء على معالجة هذه الإشكاليات العارضة بعد ترسُّخ ثقافة حقوق الإنسان، وارتفاع مؤشرها الإيجابي في المستقبل.
وهناك نوعٌ آخُر من الانتهاكات يقع بين المواطنين أنفسهم، مثل ما يعرف بمشكلة (البسط) على أراضي الغير، والاعتداء على ممتلكاتهم وغيرها من الانتهاكات المماثلة التي يجب على القضاء أن يلعب دوراً سريعاً وحاسماً في إبطال مفعولها بقوة الحق ولا قانون، لما لها من تداعياتٍ سلبيةٍ تقود إلى جرائمَ أكبرَ مثل القتل والثأر وما يعقبهما من ردود فعل يصعب تطويقُها أو احتوائها.

س/ بصفتكم طرفاً حكومياً : هل انتم ملزمون بخطوط حمراء في تناولكم للانتهاك؟
ج/ كما أخبرتك في معرض ردي على سؤالكم الأول، أنَّنا نمارس مهامنا وفقاً لخطوط الدستور والقانون، ووفقاً لوظيفة الوزارة المحددة بقرار إنشائها، وضميرنا هو المحدِّدُ الأساسُ في كل تعاملتنا مع الحقوق ولا تحيز، ولا ميل لأيِّ طرفٌ.

س/ ما مستوى الدعم والتشجيع الذي تحظى به اليمنُ من قبل المجتمع الدولي لتعزيز حقوق الإنسان؟
ج/ لا شكَّ أنَّ هناك دعماً وتشجيعاً دولياً، لكنَّه يبقى محدوداً، فالفقر كما ترى في حالة تنامٍ مطرد، ويهدد حقوق الإنسان، بل ويصيبها في مقتل وإذا استطعنا معالجة هذه الآفة الضارية، لشهد ملفُ حقوق الإنسان في بلادنا تطوراً غير مسبوق.
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 22-ديسمبر-2024 الساعة: 03:50 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/2014x/22922.htm