الإثنين, 15-أغسطس-2005
المؤتمر نت - الناقد والقاص هشام شمسان صنعاء/ المؤتمرنت/حوار صالح البيضاني -
الناقد شمسان..الحداثة بدأت تنحسر لدينا
ناقد شاب ولكنه استطاع أن يصنع لنفسه اسما بارزا في المشهد الثقافي اليمني، من خلال مثابرته الإبداعية وإصراره على قول آرائه التي قد تغضب الكثيرين .
هشام سعيد شمسان شاعر وقاص وناقد ولكنه في هذا الحوار يقول: إن النقد هو الأقرب إلى نفسه ،كما يصرح بأنه لا يشجع على التناثر الإبداعي الذي يعاني هو منه. فإلى نص الحوار .
أديب شامل
·تجد نفسك أقرب إلى أي الفنون الإبداعية بحكم أنك تكتبها جميعا .. شعر وقصة ونقد .. وهل تتفق مع المقولة إن الشاعر ناقد فاشل ؟
- المقولة ليست مضطردة ونحن لسنا مجبرين على أن نأخذ بأي مقولة، إذنجد الكثير من الشعراء هم في الأصل نقاد، باعتبار أن الشاعر عندما يدلف مجال الشعر يستطيع أن يدخل إلى مكامن الشعر وجمالياته وإلا لماذا نقول عنه بأنه يستطيع أن يبدع قصيدة .. ومادام يستطيع أن يبدع القصيدة ويدخل إلى جميع مداخلها الفنية،و اللغوية،و التراكيب الإبداعية فيها فهو إذا يستطيع أن يمارس النقد ،وبالتالي ليس بالضرورة أن نقول إن الشاعر هو ناقد فاشل . وعن أقرب الفنون اليَّ ..لقد وجدت نفسي أمارس الشعر مبتدئاً في بداية الثمانينيات وكتبت الشعر في البداية لكن كنت أجد إلى جانب كتابتي للشعر ميلاً إلى النقد فكانت لي محاولات في الثمانينيات تحديداً في كتابة النقد لكنها كانت مجرد ملاحظات وربما مجرد خواطر حول بعض النصوص سواءً كانت شعرية أو قصصية. لكن مع الوقت وجدت نفسي بأنني أدلف إلى مجال النقد بقوة فتراجع لدي مجال الشعر عندما وجدت نفسي في النقد، ووجدت بأنه الأقرب اليَّ من كتابة الشعر. لذلك أقول بأن النقد هو الأقرب اليَّ حاليا من كتابة الشعر، يلي ذلك طبعًا كتابة القصة، وكا تعرف لي مجموعة قصصية صدرت قبل المجموعة الشعرية .
· هل أنت مع مفهوم الأديب الشامل ؟
- لا أشجع على ذلك، لا أشجع على التناثر أنا أفضل أن يكون المبدع- لكي يبدع حقاً وحتى لا يتناثر، فلايستطيع القارى ان يقول عنه شاعر أوقاص أوصحفي أ وناقد - أفضل ان يكون لديه مجال محدد. أما أن يكون ناقداً وشاعرا أو قاصًا، أنا ضد التناثر، وإن كنت أحد الذين يعانون من هذا التناثر، لكني لا أشجع عليه أبداً .
معارك نقدية
· دخلت في عدة معارك نقدية .. هل كان ذلك لدوافع نقدية أم لأسباب شخصية؟
-لم أفكر يوما بالدوافع شخصية أبدًا، كان الدافع هو أدبي إبداعي، أنا قرأت المعارك الأدبية التي كانت تدور في الخمسينيات والثلاثينيات، بالذات بين العقاد وخصومه فوجدت بأن المعارك التي كانت تدور رحاها ذلك الوقت ليست كما يجب .. وأنا أرجح بأن معظم تلك المعارك الأدبية القديمة كانت لخصومات شخصية ،بدليل أن بعض تلك المعارك لاتلتزم بأدبيات النقد، وبعضها ردود شخصية . بالنسبة لي لم أفكر أبدًا بالنقد الشخصي. أنا أنقد الفكرة ولا أنقد الشخص. ومن يقرأ ماكتبته سيجد عدم تركيزي على الشخوص، بالرغم من أن معظم من كان يرد عليَّ -وتحديدا الزميل محيي الدين علي سعيد -كان دائما يشطح عن النص ويخرج عن الفكرة ليرد عليَّ رداً شخصيا وكأن بيني وبينه خصومة أو ثأراً لا أدري. ومع ذلك كنت أتجنب الرد عليه في مرات لاحقة.نحن نناقش أفكاراً. الأدب أفكار ،إذا ما أردت أن تناقش ناقش الفكرة وادخل إليها وفضها لتكتشف بحورها، أما أن تخرج عن الفكرة فهذا ليس مجالي ابداً .
· هل تعتقد أن المعارك الأدبية تثري الساحة الثقافية ؟
- بالتأكيد.. وأجزم أن المعارك الأدبية هي نوع من إضفاء اختلافات على الابداع، الإبداع لا بد أن يكون فيه اختلافياً، لكن ليست اختلافات شخصية -كما قلنا- وإنما اختلافات أفكار. وعندما تختلف الأافكار وتتعدد الرؤى نجد بأن الأدب يثرى وتتعدد منابعه أكثر .. أنا مع هذه المعارك بشروطها لأنها -برأيي -تجدد الإبداع. مدرسة نقدية
· هل هناك برأيك ملامح لمدرسة نقدية في اليمن .. أم أنها مجرد امتداد لمدارس نقدية أخرى ؟
- ليس لدينا مدرسة خاصة بنا ,وكلما نبدعه هو تابع لقراءات ومؤثرات خارجية سواءً كانت عربية،أوغربية، وهذه العربية أيضًا لها مؤثراتها الخارجية من المدارس الأوروبية تحديداً. ونحن في معظم ما نكتب تابعون- وبالذات في ما نكتبه من حداثة الآن-للغرب. لكن- في الوقت الحالي- أظن بأن الحداثة بدأت تنحسر لدينا. ومن ينظر الآن وإلى ماقبل سبع سنوات-مثلاً- سيجد أنه كان ثمة نوع من السعي الدءوب نحو الحداثة وإشكالياتها .. أما الآن فنجد بأن الأدب بدأ ينحسر كمدرسة. كانت لدينا اتجاهات كثيرة وكلها التقت عند حداثة .كنا نحاول أن تكون لنا مدرسة خاصة -أنا أسميتها ذات يوم بالتركيبية- وهي مدرسة مشتركة بيننا وبين المبدعين العرب، لكن لأن لدينا خصوصيتنا ،فقدحاولنا أن نركبها –قدر المستطاع من بيئة الإبداع العروبي المشترك ؛فهي تأخذ من معظم المدارس الأدبية :تأخذمن الرومانسية وتأخذ من الواقعية وتأخذ من الانطباعية، من المدرسة السريالية ومن مدارس كثيرة،تتضام كلها في نص إبداعي واحد ، على اعتبار أنها مركبة من عدد من الاتجاهات،وأؤكد بأن لا لدينا خصوصية لأننا منقطعون عن الأدب الأب -في السبعينيات مثلا- نحن لا نجرد أي أثر لهؤلاء بيننا الآن .. فكل واحد يكتب متأثرًا بالتيارات الغربية وما بعد الحداثة.والغريب ظهور ما يسمى الآن بـ كتاب الزمن الجديد وهؤلاء ليسوا سوى امتداد للتيار التسعيني ولكنهم يحاولون أن ينفصلوا بمايكتبونه عبر هذه الحذلقة الوصفية بالرغم من عدم وجود ما يميزهم حتى الآن عمن سبقهم.
الحداثة
· هل أنت من اعداء الحداثة ؟
-أنا حداثي من الوريد إلى الوريد؛لكن للحداثة شروطها ،فعندما يأتي كاتب ليبدع نصاًينتمي إلى قصيدة النثر وليس لديه خبرة أو مفهوم عن قصيدة التفعيلة أو القصيدة العمودية ،فهذا أقف ضده ،أنا مع الكاتب الذي يلتزم شروط الحداثة ؛مارًّ بثوابتها،ومن شروط الحداثة أن تقرأ –أولاً- نتاج غيرك، لننظر لحداثي مثل أدونيس كتب القصيدة العمودية وكتب النص التفعيلي ثم كانت كتابته للنص النثري هي انتقاله تالية ؛هل نستطيع أن نقول إن أدونيس مقلد أو أنه تابع أو مخرب للحداثة -كما يدعون- ومن يدخلون الان إلى الشعر من باب قصيدة النثر أو ما يسمى بالنص المرسل ، هؤلاء لا ينتمون إلى الحداثة ولا إلى شروطها ولا يدركون ما الفرق بين الشع الحديث ،أووالشعر التقليدي ،ولا يدركون الفرق بين التفعيلة والنص النثري والخاطرة.إنهم يخلطون الحابل بالنابل -كما يقال- لذلك فمعظم الحداثيين الموجودين الآن بيننا عائمون على السطح ومخدرون فقط بما يسمى بالحداثة، إذالحداثة –براي- أن تكون منغمسًا من رأسك حتى أخمص قدميك بالتراث، سواءً كان قديًما أو كان متوسطًا لأي ينتمي إلى عصر النهضة الحديثة أو ينتمي إلى هذا العصر ؛ولذلك فهجومي على الحداثيين ليس لكراهتي للحداثة بل لأنهم يتعدون على الحداثة بمناظير خاصة فاسدة.إنهم يحاولون أن يركبوا حداثة على حداثة وهم لا يدركون الفرق بينها وبين الأصالة .
الحداثة والنقد
· هل انسحبت الحداثة على النقد ؟
- بالتأكيد، بماأن النقد ملازم للنصوص سواءً كانت شعرية أو قصصية، فمطلوب منه أن يأتيه وفق ما يكتب، لأن انفصال النقد عن النص ،هو انفصال إنساني بالضرورة. فالنص الحديث يحتاج إلى ناقد يجيد الحداثة ولا نستطيع بالتالي أن نركب نقدًا تقليدياً على نص حديث .
· أخيراً من خلال قراءاتك للمشهد الإبداعي التسعيني ،ماهي الخلاصات التي خرجت بها ؟
- المشهد التسعيني للأسف يعاني من انحسار وتلاشٍ. المشهد التسعيني تعالى وتعالى ثم وجدنا بأنه ينحسر وينحسر تدريجيا، و لو استمر في عمقه ودفقه ذاك الذي وجدناه سابقًا لكنا الآن قد كونا مدرسة خاصة بنا لكن بانحسار كثير من الأدباء. البعض تراجع إلى الخلف والبعض منهم بدأ يتراجع من كتابة النص إلى نص آخر أو بدأ يتخلف عن كتابة الابداع والبعض حاول أن يجعل إبداعه مقصورًا على مجموعات إصدارية خاصة دون أن يدرك القارئ ما بداخل هذه المجموعات. لقدكنا ننشر نصوصنا عبر الصحف والمجلات فكان القارئ معنا ولكن بانحسار هذا المد بدأ الأدب التسعيني يتراجع. نحن بحاجة إلى انتفاضة وإلى نهضة لنعيد لهذا الأدب رونقه ودفقه ودفأه- أيضًا .
* نقلاً عن الثورة


تمت طباعة الخبر في: الأحد, 22-ديسمبر-2024 الساعة: 03:10 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/2014x/23537.htm