الجمعة, 16-مايو-2003
المؤتمرنت -
خاتمي وعلي عبد الله صالح احتراف السلام.. في زمن التحديات



حين تأتي القيادة بما هو مقدر منها في كل أوان ومكان، فإن ذلك لا يعد إلا عطاء ومحض خلق سياسي مخلص.. إلا إنها حين تأتي بالسلام في زمن الحرب والدمار، والتنمية في مواسم الكساد، والتعامل في عصر العولمة فإن ذلك لن يكون إلا احترافاً سياسياً محنكاً، وتألفاً فذاً وانتصاراً للإرادات الإنسانية الصادقة والنبيلة على كل مظاهر عهود التردي والانحطاط، وكل نوازع الهيمنة والاستبداد..
فزيارة فخامة الدكتور سيد محمد خاتمي- رئيس الجمهورية الإيرانية الإسلامية للجمهورية اليمنية تؤكد أكثر من معنى، وتترجم دلائلا ناضجة من الوعي السياسي، والاستباق الأدراكي لواقع الظرف الإقليمي والدولي، وترسي دعائماً راسخة لرؤى مستقبلية متقدمة واضحة للمرحلة القادمة وما ينبغي على دول المنطقة عمله من أدوار سياسية وتنموية ترتقي إلى مستوى التحدي أو الإقليمي والدولي..
وعلى الرغم من الرصيد الاستراتيجي للعلاقات اليمنية- الإيرانية، والتنامي الحاصل في الصيغ المبلورة لهذه العلاقات خصوصاً في الفترة التي أعقبت الزيارة التاريخية لرئيس الجمهورية اليمنية فخامة الأخ/ علي عبد الله صالح لإيران في عام 2000م، إلا أن تعاقب ا لمتغيرات الدولية السريعة، وتصاعد وتيرة الأحداث في المنطقة، وتفاقم الأخطار المحدقة بشعوبها ومصالحها الوطنية كانت تستدعي الكثير من العمل الجاد، والحركة المسئولة من جميع القيادات السياسية للحيلولة دون تفاقم الوضع الإقليمي والدولي وانجرا ر أثره على مستقبل العلاقات بين دول المنطقة.. وهو ا لأمر الذي تترجم محاوره العملية إرادة القمة اليمنية- الإيرانية، وجدول الأعمال المرسوم لها من قبل قيادتي البلدين.
لقد حرصت قيادة الأخ الرئيس علي عبد الله صالح على توثيق جسور العلاقات الأخوية، ومشابكة المصالح المختلفة مع جميع الدول الإسلامية.. ولا شك أن الأهمية المعطاة لزيارة الأخ الدكتور سيد محمد خاتمي- رئيس الجمهورية الإيرانية- إنما تنطلق من واقع النهج السياسي المتطابق إلى حد كبير في المواقف السياسية والقراءات الاستراتيجية للمتغيرات والتحديات الماثلة أمام دول وشعوب المنطقة.
فالبلدان يلتقيان في خندق واحد على سواتر القضية الفلسطينية بمواجهة الكيان الصهيوني الإرهابي.. وكلاهما يضع غاية السلام في مقدمة أولويتهما السياسية، ولا يألون جهداً من أجل تعميمه وترسيخ قواعده.. ويرفضان أي تواجد أجنبي أو تدخل خارجي بشئون دول المنطقة،ويؤمنان بحق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها.
ولعل ما يلتقي عليه الزعيمان علي عبد الله صالح ومحمد خاتمي هو أن كلاهما يرى في التنمية الشاملة والمتوازنة منطقاً حيوياً لامتلاك أسباب القوة وآليات مواجهة التحديات.. ويعدان أي تشابك بالمصالح بين الدول هو بمثابة تعزيز لفرص السلام والأمن والاستقرار في المنطقة.. وهو الأمر الذي سيكون له النصيب الأوفر من هذه الزيارة التاريخية للرئيس خاتمي للجمهورية اليمنية..
إن الجمهورية الإيرانية الإسلامية تحتفظ في ذاكرة الشعب اليمني بصورة متألقة من العطاء الإسلامي، والمواقف السياسية والإنسانية، وإحدى ركائز السلام الشرق- أوسطي، والأمن الإقليمي.. وأن تطلع قيادتي اليمن وإيران لمزيد من التعاون والتضامن وتبادل وجهات النظر لابد وأن يعنى مزيداً من فرص السلام والاستقرار لجميع شعوب المنطقة.. ولا شك أن صناعة السلام في الزمن العصيب لا يعني إلا احترافاً سياسياً محنكاً لقيادات حكيمة سيحفظ لها التاريخ هذا الأثر.

تمت طباعة الخبر في: الأحد, 22-ديسمبر-2024 الساعة: 01:58 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/2014x/3169.htm