المؤتمر نت - وصف الشيخ عمر بن حفيظ رئيس دار المصطفى للدراسات الإسلامية المساجد بأنها أماكن تهذيب وتطهير للأرواح ، وأن الإمامة والخطابة فيها منزلة رفيعة ينبغي ألا تنحرف لتبني النعرات الحزبية في بيوت الله .
وقال الشيخ عمر بن حفيظ في مقابلة (للمؤتمر نت) أن تجنيب استعمال العقل والحوار لإزالة المفاهيم الملتبسة عند بعض العلماء للوصول إلى نتائج طيبة هو الذي يدفعهم للتسرع إلى تكفير الناس وتفسيقهم بالباطل .

الإثنين, 20-أكتوبر-2003
المؤتمر نت / حاوره في سيئون : محمد طاهر -
الشيخ عمر بن حفيظ / فتاوى التكفير دعوة لاستحلال دماء وأموال الناس بالباطل وأزمة الخطاب الديني بالانزلاق في مهاوي السياسية(1-2)
وصف الشيخ عمر بن حفيظ رئيس دار المصطفى للدراسات الإسلامية المساجد بأنها أماكن تهذيب وتطهير للأرواح ، وأن الإمامة والخطابة فيها منزلة رفيعة ينبغي ألا تنحرف لتبني النعرات الحزبية في بيوت الله .
وقال الشيخ عمر بن حفيظ في مقابلة (للمؤتمر نت) أن تجنيب استعمال العقل والحوار لإزالة المفاهيم الملتبسة عند بعض العلماء للوصول إلى نتائج طيبة هو الذي يدفعهم للتسرع إلى تكفير الناس وتفسيقهم بالباطل .

- المسجد مدرسة لتربية النفوس وتهذيبها وصياغة الأخلاق للمجتمع المسلم كيف ينظر الشيخ عمر بن حفيظ للقائمين على أداء هذه الرسالة؟
* المساجد أماكن تهذيب للنفوس وتطهير للأرواح وربطها بالخالق تبارك وتعالى وإرشاد للناس والإمامة في المساجد والخطابة فيها وكذلك التدريس منزلة رفيعة يأخذها من تأهل لها وتلقاها عن رجال الخشية وهم العلماء ولذلك يصبحون أمناء على إرشاد الناس إلى الخير وتطهير قلوبهم وقربهم إلى ربهم وما هو أوفق لجمع الشمل ولم الشعث، فينبغي للخطباء أن يجعلوا من رسالة المسجد زاداً تزود منه الأوراح معاني الاشتياقات والتعظيم لما عظم الله تعالى ليتجاوز عقبات كثيرة بفعل الخطابة التي تتحول إلى مشكلة بدلا ان تكون حلا للمشاكل، فإذا خرج الأمر عن طوره وأدبه في الشريعة المطهرة تأتي الأهواء واستغلال الشيطان لنبرات المذاهب والعصبية والحزبية فيدخلها إلى المساجد، ولذلك ينبغي على الخطباء في المنابر الابتعاد عن ذلك والاتجاه لربط القلوب بالله وتسهيل تقارب الناس فالمسجد رسالة تقريب بين الناس ببعضهم وتقريبهم إلى ربهم ورسالة قيمة تزود المسلم باشرف المزاد.
- بعض الخطباء انحرفوا برسالة المسجد نحو مزالق السياسة وأصبحت بعض المنابر أبواق للدعاية الحزبية والتحريض.. بماذا تفسرون هذا الاتجاه؟
* يقول الله عز وجل "ألا لله الدين الخالص" لكن هناك من يتصور أن نصر الدين موقوفا على نصرة حزبه ورأيه حيث يجلب العصبية ويتبنى النعرة الحزبية في المساجد "بيوت الله" ويخيَّل إليه الشيطان القيام بهذه الدسائس الحزبية التي تؤدي إلى إبطال رسالة المسجد وتثير أزمة الخطابة الدينية على وجهها وتصبح المساجد والحضور إليها مشكلة بدلاً، أن تحل المشاكل، فالواجب على الخطيب ومهما كان منتمياً إلى أي حزب أن يستشعر انتمائه للحق تبارك وتعالى وشريعته وأدائه البلاغ عن الله وينأى بنفسه عن أن يكون مأسوراً أو محصوراً بتلك العصبية وذلك الغرض الذي يفسد الطاعة، قال تعالى "وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين" وأن لا تتحول الخطابة من دعوة إلى الله إلى دعوة إلى حزب والانزلاق في السياسة فمنزلة الدين فوق جميع الأحزاب، فعلى الخطيب أن يتحفظ بمأمونيته على الدعوة وخطاب الكل بمنهج رب الكل بما يتفق مع المقصد الأسمى من دون أن يحول أو يحوَّر معاني بعض الآيات والأحاديث ليشكلها فتظهر صورة إلى هيئة مخصوصة وحزب مخصوص وذلك يرجع إلى خلة في الأمانة في البيان عن الله ورسوله الكريم، وإذا كان مطمئناً أن حزبه على طاعة الله فلا بد أن يربط الناس بطاعة الله ليطمئنوا لحزبه أما أن يتحول الخطيب إلى داعي حزب فهذه خلة في الأمانة، فيجب على الخطباء أن يكونوا مخلصين وأن لا يحولوا بيوت الله إلى مقرات للتحزبات فهي أماكن تقريب إلى الله تعالى.
- شهدت بعض المساجد أحداث عنف (لحج- عمران) يرجعها البعض إلى تنامي خطاب العنف الديني.. باعتقادكم ماهي الأسباب الحقيقية لارتكاب هذه الحوادث؟
* سبب ذلك ضياع التربية الإيمانية وأصولها وتربية الروح وفتح المجال للأغراض والمماحكات الحزبية والشحناء في القلوب للانتقال إلى أروقة المساجد بحيث يتحول أهل الإسلام أعداء لبعضهم ويرجع ذلك إلى التساهل في مسألة العلم وأخذه عن غير أهله وجهل بتلقي دلالات الحق تبارك وتعالى ودلالات رسوله بالسند الذي وصل إلينا، فيتجاوز هذه الاحتياطات بفقد العلم والتربية التي تتسبب في ظهور مثل هذه الكوارث، فالخطباء والقائمين على الخطاب الديني يجب عليهم حماية المساجد من أن تتحول إلى مواطن نزاعات وخصومات وميادين قتال والعياذ بالله، فالمسجد يجد فيه المؤمن طمأنينة وسكينه إذا انتهى من تعب الحياة في الخارج ومشاكلها فيأوي إلى بيت ربه باحثا عن الطمأنينة والروحانية والصفاء، وهو الحال الحقيقي الذي يجب أن تكون عليه المساجد، لا أن يدخل الإنسان إلى المسجد وهو هادئ فيجعله الخطيب يثور ويثور ويتحول مجيئه إلى مشكلة فيكون حاله بعد الخروج أسوأ منه قبل دخول المسجد، فيجب أن يكون المسجد مأوى للهرب من تعب الحياة وقساوتها ليتداوى من هذه الأمراض بالقرب إلى الله بدلا من الاستغلال السياسي، فيجب أن نتساعد على عودة المساجد إلى هذا المضمار.
- قاتل جار الله عمر ارتكب جريمته لجهاد العلمانية في اليمن.. باعتقادكم ماهي المرجعية الحقيقية التي تدفع هؤلاء لارتكاب جرائم بشعة بحجة حماية الدين؟
* دائماً ما يؤدي ضعف العلم والتربية إلى التسرع في الحكم على الناس وتفسيقهم وتكفيرهم فقاعدة الإسلام فيمن نطق بالشهادتين لا يجوز إخراجه عن الملة حتى يصرح تصريحاً واضحاً بمخالفته لأوامر الله والشريعة كلية وإنكار مجمع عليه معلوم من الدين بالضرورة وتصريحه بالارتداد والتكذيب بما جاء عن الله ورسوله وبغير هذا لا يجوز تكفيره فحسن البيان والتفاهم مع تلك الفئات التي يتهمونها سيخلق سعة لتلافي كثير من الأمور وتقييم ما عندهم بمجالسته والاتصال به لتتضح الصورة وتظهر نتائج طيبة وحسنة للحوار بدلاً من استعمال أسلوب التكفير والحكم على الأخريين بالخروج عن الملة والدين وبالتالي يتأتى على ذلك استحلال الدم والمال بالباطل فهذه أمور خطيرة جداً وشريعة الله لا توجد فيها النصوص إلا محذرة منها ولا نجد نصاً يفتح باب التساهل لا بجانب التكفير ولا بجانب استحلال الدم والمال بل نجد النصوص صريحة عن رسولنا الكريم تحذر التحذير القوي حتى من تناول دم آخر مع وجود الشبهة كحال أسامة بن زيد عندما هوى بسيفه على الكافر المشرك لكنه بعد الهوى بالسيف قال المشرك "لا إله إلا الله" فغلب على ظنه أنه لم يفعلها إلا خوفاً من السيف فقتله، فعاتبه النبي صلى الله عليه وسلم العتاب المر وردد عليه الأمر حتى تمنى أسامة أنه لم يكن أسلم قبل ذلك اليوم، فالنصوص أتية بعكس هذا الاتجاه الذي يقع فيه كثير من الناس بالتكفير واستحلال لدماء الناس وأموالهم وهذا يبين غياب أخذ العلم الصحيح والتربية الإيمانية، فمثل هؤلاء لا يريد القرب إلى الله فيصادف تربية خاطئة فيقع في مثل ذلك وتتذرع بهذه الذرائع لاستحلال دماء الناس فهو لم يجد التوجيه الصحيح مع كون معلمه والموحى إليه بمثل تلك التعاليم يتحمل مسؤولية كبيرة ولا يجب أن تهمل فتح المجال لظهور هذه الأصوات لنتفادى وقوع مثل ذلك، فالمفاهيم الخاطئة التي يتشبث بها البعض وهي بعيدة عن الله تعالى.
- في غمار مرحلة سياسية صدرت وما تزال العديد من فتاوى التكفير لشخصيات سياسية في الحزب الاشتراكي يطالبون أصحابها حالياً بالتراجع عنها.. ماهو موقف الدين من هذه الفتاوي وهل يمكن التراجع عنها؟
* قلنا أن مسألة التكفير لا تصح وفقاً لقاعدة الشريعة الإسلامية التي تشترط "من هو الذي يحكم بكفره؟" فهو ذلك الذي يصرح بإنكار ما بينه الله ورسوله بما لا يحتمل التأويل وإنكار معلوم من الدين بالضرورة ويعلن تكذيبه بالمرجع إلى الله وبرسالة رسوله أما عدا ذلك فلا يجوز التكفير فيه.
وإذا صدر التكفير على غير هذه القاعدة فواجب وليس من الجائز واجب عليه أن يتراجع ويعترف أنه كان تهوراً منه وتسرع وإذا صدر التكفير على القاعدة الشرعية المبنية فالواجب على من صدر حكم التكفير عليه أن يرجع عن إنكاره للمعلوم من الدين بالضرورة ويقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله.. (لأنكر وجوب صلاة ولا صيام ولا أمر مجمع عليه في الدين كما أني لست ملزماً باتباع مذهب من المذاهب) وبواحد من هذين يستثنى الأمر، ولكن نقول أن التسارع في التكفير ممنوع وإذا صدر فالواجب تدارك هذا المتسارع خطاءه، ويتوب إلى الحق تبارك وتعالى ويصرح أنني اخطأت في هذا وما صدر كان على عجلة.
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 22-ديسمبر-2024 الساعة: 03:03 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/2014x/3706.htm