المؤتمر نت - نائب رئيس الوزراء للشؤون الداخلية صادق ‏أمين أبو رأس

الأربعاء, 20-يناير-2010
المؤتمر نت -الخليج-حاوره: صادق ناشر -
أبو رأس: اليمن لن يقبل أي تدخل أجنبي ولديه القدرة على ملاحقة عناصر القاعدة
حذّر نائب رئيس الوزراء للشؤون الداخلية صادق ‏أمين أبو رأس من إمكانية تحول اليمن فعليا إلى ‏قاعدة لتنظيم "القاعدة" في حال أقدمت الولايات ‏المتحدة على التدخل المباشر في اليمن وتكرار ‏أخطائها في غزو العراق وأفغانستان، مؤكدا أن أي ‏وجود أجنبي في البلاد بحجة ملاحقة عناصر تنظيم ‏‏" القاعدة" سيجابه بمقاومة عنيفة من قبل الجيش ‏ومعه 23 مليون يمني.‏

ونفى أبو رأس في حوار مع صحيفة "الخليج الإماراتية" ‏ما تردد عن مصرع زعيم جماعة الحوثيين عبد ‏الملك الحوثي، مشيراً إلى أنه أصيب إصابات بالغة، ‏ويتواجد حاليا في أحد الجروف الجبلية بمسقط رأسه ‏بمنطقة "مران" بصعدة، منوها بأن الحرب القائمة ‏حاليا مع الحوثيين لن تتوقف قبل بدء المتمردين ‏بتنفيذ النقاط الست التي اشترطتها اللجنة الأمنية ‏العليا. ‏

وأوضح أن الحوار مع نائب الرئيس السابق علي ‏سالم البيض وقوى الحراك الجنوبي أمر مرحب به ‏شرط أن يتم تحت سقف الوحدة، مؤكداً أن فك ‏الارتباط مصطلح تجاوزه الزمن؛ لأن اليمنيين ‏مستعدون لتقديم آلاف الضحايا للحفاظ على وحدتهم.‏

وتناول الحوار مع نائب رئيس الوزراء صادق أبو ‏رأس عدداً من القضايا المتصلة بالحوار السياسي ‏في الداخل، خاصة مع أحزاب المعارضة الرئيسية ‏ورؤية اليمن لمؤتمر لندن المقرر عقده في لندن ‏أواخر الشهر المقبل، مجدداً رفض اليمن لأي شكل ‏من أشكال الابتزاز.

وتالياً نص الحوار: ‏

‏* كيف تقيّمون ما يعتمل اليوم على الساحة اليمنية ‏من أحداث، خاصة الحرب على القاعدة ‏والمواجهات مع الحوثيين والوضع في الجنوب؟

ـ المشهد اليمني له صور متعددة، سواء ما يتعرض ‏له البلد من نتوءات أكانت في صعدة أو بعض ‏مديريات المحافظات الجنوبية أو في المواجهات مع ‏تنظيم القاعدة، كلها أمور محسوسة ومتابعة من قبل ‏الدولة، وكلنا نعرف ماذا يجري في صعدة، فهناك ‏مجموعة حاولت أن تحل محل الدولة في ممارسة ‏سلطتها في المديريات والإضرار بمصالح الناس في ‏هذه المديريات من خلال إنشاء نقاط تفتيش مسلّحة ‏وغيرها، حتى إنها وصلت أخيراً إلى التدخل في ‏أمور القبيلة وقضايا الثأر بين القبائل بشكل عام ‏فتحولت عداوة لها، ما دفع الدولة إلى أن تمارس ‏حقها وسلطاتها في تنفيذ القوانين وهذا واجب الدولة.‏

أما ما يجري في بعض مديريات المحافظات ‏الجنوبية فهذا ناتج عن أمور بدأت مطلبية وتدّعي ‏حقوقاً وحلت مشكلتها ثم تطوّرت فيما بعد إلى أن ‏وصلت إلى هذه المرحلة من أعمال التقطّع ‏والمعاملة بالهويّة، وهذه أمور نعتبرها خارجة عن ‏نطاق القانون والدستور ويجب أن تتابع كقضايا ‏جنائية.‏

ولدينا مواجهات مع تنظيم القاعدة، وبرأيي فإن ‏الولايات المتحدة وتسليطها الإعلامي الكبير والمبالغ ‏فيه على القاعدة يضاعف من حجمها ويهوّل من ‏شأنها، فالإعلام والدعاية التي يغطي بها مساحة ‏القاعدة يزيدها انتشارا في المناطق التي تسودها ‏الأمية، والأمر هذا ليس متوقفاً على اليمن، بل ‏والدول الأخرى، ولا أبالغ إن قلت إن الناحية ‏الإعلامية تستفيد منها القاعدة أكثر مما تضرها بهذا ‏الشكل والحجم.‏

ما يتصل بالحوارات مع القوى السياسية، فإنها تسير ‏بوتيرة عالية، وكان آخر اجتماع عقد الأسبوع ‏المنصرم بين حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم ‏وأحزاب اللقاء المشترك المعارض، ونأمل من الله ‏سبحانه وتعالى أن تستمر هذه اللقاءات كي تزيل ‏الغشاوة، سواء كانت لدينا أو لديهم بما يفيد مصلحة ‏اليمن، لأن اليمن يتعرض لتحديات كبيرة تستدعي ‏تكاتف كافة القوى الوطنية لمواجهتها. ‏

** الحرب ضد الحوثيين

‏* ما الذي أرجأ حسم المواجهات المسلّحة مع التمرد ‏في صعدة؟ ما الذي قوى شوكة الحوثيين برأيكم؟‏

‏- ما قوى شوكة الحوثيين هو التوقف المتكرر ‏للحروب من قبل الدولة، ابتداء من الحرب الأولى ‏وحتى الخامسة، على اعتبار أننا نتعامل مع الأمر ‏كدولة وكمسؤولين، حيث تتوقف الحرب سواء ‏لأغراض إنسانية، أو كي نبدأ المفاوضات أو ‏لغرض حل المشاكل، فإن الحوثيين يتعاطون مع ‏توقف الحرب بطريقة معاكسة ومخادعة.‏

هم يعتقدون أن سبب توقف الحرب هو الخوف منهم ‏أو أنهم يمكن أن يحققوا مكاسب كبيرة؛ لأن توقف ‏الحروب مرة بعد مرة أدى إلى تقويتهم وبلطجتهم ‏من خلال ممارسة التقطعات وقتل المشايخ وتهديد ‏كل من يعارضهم، حتى وصلت الأمور إلى حد ‏نسف المنازل وطرد أسر كاملة من هذه المناطق. ‏لكن الحرب القائمة هي الحرب الحاسمة، والحسم ‏يمكن أن يتم لكنه سيتم بخسائر كبيرة، وأظن أنه في ‏الحرب الأخيرة عرف الحوثيون أن هناك دولة وأن ‏هناك من يقاتل بشراسة، وضيّق عليهم الخناق، وهم ‏الآن يطالبون بوقف الحرب بأية وسيلة كانت.‏

‏* تتحدثون منذ بداية الحرب السادسة عن عدم ‏التفاوض مع الحوثيين، واليوم هناك دعوة من ‏الرئيس صالح بالتفاوض معهم، إذا ما ألقوا السلاح؟‏ ‏- الدولة لا تتعامل مثلهم كعصابة، نحن يحكمنا ‏دستور ونظام وقانون، ومن الطبيعي أن تضع الدولة ‏شروطا، ومن قبل بهذه الشروط ضمن إطار ‏الدستور والثوابت الوطنية فنحن نرحّب بالحوار ‏معه، الآن الحوثي قبل بالنقاط الست التي طرحت ‏عليه، لكننا نريد بوادر حقيقية منه، وأن يبدأ بالتنفيذ، ‏لكن ليس بتنفيذ ما يتصوّره الحوثي من أن نوقف ‏الحرب أولا.‏

أنا أقول إن الدولة لن توقف القتال إذا لم يبدأ ‏الحوثيون فك الحصار على المديريات وفتح الطرق ‏لمرور المساعدات للمواطنين؛ لأن الحوثيين ‏يحاصرون مديريات، والمديرية الواحدة يقطنها بين ‏‏60 -70 ألف نسمة، وعلى الحوثيين فتح الطرقات ‏وإزالة الألغام التي زرعوها فيها.‏

أما ما يخص المطالب التي يدّعون بها فليست هناك ‏مطالب واضحة حتى نستمع إليها كمطالب حقوقية، ‏فالدستور كفل لكل مذهب أن يمارس معتقداته ‏بحرية، ونحن لسنا ضد المذهبية؛ لأننا جزء من ‏الزيدية والحوثيون يمثلون شريحة معينة من مذهب ‏جاء من خارج اليمن ويستغلون النطاق الجغرافي ‏تحت شعار الزيدية، والزيدية لا علاقة لها بهذا ‏الأمر.‏

مثلا في المديريات التي يحاصرها الحوثيون وصل ‏سعر اسطوانة الغاز فيها إلى 3500 ريال، وكيس ‏القمح إلى خمسة آلاف ريال، إذ هم فارضون ‏الحصار عليها، وليس الدولة، وعليهم أن يثبتوا ‏حسن نيتهم بقبولهم البدء بعملية فتح الطرقات ‏وتأمين المسافرين، هناك أشياء كثيرة مطلوب منهم ‏البدء بتنفيذها.‏

‏*هل تقبلون بالتفاوض معهم مباشرة؟

‏- تحت الثوابت الوطنية والنقاط الست التي أعلنها ‏الرئيس علي عبد الله صالح، والالتزام بالدستور ‏نحن على أتم الاستعداد، وليس لدينا مانع من ذلك. ‏

‏* هل لديكم معلومات حول مصير زعيم جماعة ‏الحوثيين عبد الملك الحوثي؟ هل قتل أم لا يزال حيا ‏يرزق؟

‏- الرئيس أوضح ذلك أكثر من مرة، وقال إن عبد ‏الملك الحوثي تعرّض لإصابات ضارة، وأنه موجود ‏الآن في أحد الجروف الواقعة بعزلة مران، التابعة ‏لمديرية حيدان بمحافظة صعدة.‏

‏* برأيكم من أين يحصل الحوثيون على السلاح ‏والمال؟

‏- بالنسبة للسلاح من الصعوبة أن يصلهم، لكن من ‏السهولة أن يصلهم المال السائل، فهو يمكن أن ينتقل ‏عبر الأشخاص ومن خلال هذه الأموال يستطيعون ‏أن يشتروا السلاح، وكلنا نعرف أن الأسلحة ‏موجودة، ويمكن أن يشتروها من الأسواق كسوق ‏الطلح أو جحانة أو مارب، وهذه الأسلحة هي من ‏مخلفات حرب صيف 94، حيث كان هناك الكثير ‏من الأسلحة التي تم أخذها من المعسكرات وظهرت ‏الآن.‏

أضف إلى ذلك، هناك أسلحة كثيرة في صعدة من ‏أيام المصالحة بين اليمنيين في العام 1970، وهذه ‏الأسلحة كانت موجودة مع الملكيين وخزنت في ‏البيوت في صعدة وضحيان وخرجت هذه الأيام، ‏بالإضافة إلى السلاح الذي تم السطو عليه من قوات ‏الأمن المحلية وأخذه بالغدر.‏

‏* لكن على حد علمي، وبحسب ما أعلنته وزارة ‏الداخلية، فإن كافة أسواق السلاح في البلاد تم ‏إغلاقها؟

‏- ما أقصده أنه كان متاحاً للحوثيين أن يشتروا ‏الأسلحة في السابق، أما حاليا فأسواق السلاح ‏أصبحت تحت سيطرة الدولة، لكن الإعداد للحروب ‏من قبلهم تم منذ وقت مبكر.‏

‏* وماذا عمّا يتردد عن دعم الحوثيين من قبل ‏الإيرانيين، وبعض الجماعات الشيعية في العالم ‏العربي؟

ـ رئيس جهاز الأمن القومي علي الآنسي عرض ما ‏بيد الدولة من وثائق تخصّ هذا الأمر في مؤتمر ‏صحفي عقده في البحرين مؤخراً. أما بالنسبة للدعم ‏الإيراني فإننا نسمع الإذاعات والفضائيات الإيرانية ‏تتبنّى مواقف الحوثيين، وهذا يدلّ على أنهم ‏مدعومون منهم، أما الجوانب المالية فالتبرعات ‏تنهال عليهم من كل جانب وتصلهم مبالغ كبيرة ‏بالدولار وبقيّة العُملات.‏

‏* سياسياً، هل تم التخاطب مع إيران في ما يتعلق ‏بهذه القضية؟ وماذا كان رد الإيرانيين؟‏

ـ إيران تتحدث رسمياً بشيء، لكن في الإعلام وفي ‏الواقع شيء آخر، هم أنفسهم يقولون إن الحكومة ‏الإيرانية ليست مع هذا الأمر، وأن هناك مراجع ‏دينية خارجة عن نطاق النظام هي التي تقوم بدعم ‏الحوثيين، لكننا لا نعرف هذا الكلام، نحن نعرف أن ‏هذا الشيء داخل إيران وإيران هي المسؤولة عن ‏هذا، سواء كان هذا الدعم قادم من مرجعيات دينية ‏أو غيرها، فكلها توجد داخل إيران.‏

‏* هناك دخول قوي للقبائل في الحرب ضد الحوثيين ‏وبالذات في الحرب الدائرة الآن، ما الذي دفع ‏الحكومة للاستعانة بالقبائل؟

‏- هذا الأمر ليس جديداً في هذه الحرب، فهي في كل ‏الحروب التي تدور في اليمن؛ لأنه يوجد رديف ‏للقوات المسلحة، المتمثل في الجيش الشعبي؛ إذ يتم ‏استدعاؤه للقيام بأعمال قتالية مساعدة للقوات ‏المسلحة، وهذا شيء سار في اليمن منذ القدم وليس ‏جديدا ويعتبر الجيش الشعبي هو رديف للقوات ‏المسلحة .‏

‏* ألا تخشون من استحقاقات لرجال القبائل بعد ‏انتهاء الحرب؟

‏- لا، هذا الأمر ليس واردا، لأنهم في الأساس ‏يحصلون على نفس الحقوق أو أقل قليلاً من تلك ‏التي يتقاضاها أفراد القوات المسلحة.‏

‏* ماذا عن خارطة الحرب القائمة في صعدة، أين ‏يتواجد الجيش وأين يتواجد الحوثيون؟

‏- صعدة تتكون من 15 مديرية، والمعارك الدائرة ‏الآن تدور في ثلاثة محاور هي: محور الملاحيظ، ‏وهذا المحور يشمل مديرية شذا ومديرية رازح ‏وغمر وحيدان، والمحور الثاني في مدينة صعدة ‏نفسها بشكل كامل، أي مديريات مجز وساقين ‏والصفراء، والمحور الثالث يشمل مديرية حرف ‏سفيان، وهذه المديرية تعتبر متوسطة ما بين الجوف ‏وصعدة وعمران، أضف إلى ذلك أن هناك مديريات ‏لا تزال هادئة كالحشوة وكتاف والبقع، لكن الشيء ‏الذي أؤكد عليه أن معظم المديريات الموجودة في ‏الجزء الشمالي الغربي من صعدة كلها محاصرة ‏ومطوقة بنقاط حوثية، وهي التي تمنع عنها دخول ‏الإمدادات والتموين والعلاج لهذه المديريات.‏

‏* هل هناك فترة زمنية محددة وضعتها السلطات ‏لإنهاء التمرّد في صعدة؟

ـ نعم، هناك فترة زمنية محددة، وهذه الفترة واضحة ‏المعالم والآن تم تحقيق ما يزيد عن حوالي 60 ‏بالمائة منها، ولم يتبقَ إلا 40 بالمائة منها، ونأمل أن ‏تسير بحسب البرنامج الزمني المعد لها.‏

‏* في الحرب الأولى كانت المعارك تنحصر في ‏مناطق محدودة في صعدة، لكن الجيش يقاتل اليوم ‏في ثلاث جبهات هي صعدة، وعمران والجوف، ‏فلماذا امتدت المعارك إلى عمران والجوف في ‏الفترة الأخيرة؟

ـ عمران لا يوجد فيها سوى مديرية واحدة تجري ‏فيها المعارك، وهي حرف سفيان، وهي مجاورة ‏لمحافظتي صعدة والجوف، ومديرية المراشي ‏والعنان والأخيرة مجاورة للمحافظتين، التوغل ‏والضغط الذي مارسه الحوثيون عن طريق التعليم ‏والمذهب الذي بدأوا فيه استطاعوا أن يوجدوا لهم ‏قاعدة شبابية في هذه المناطق، وبنفس الأمر ‏يحاولون استغلال تواجدهم بفرض أنفسهم وكأنهم ‏دولة، مثل القيام بجباية الزكاة والضرائب التي لا ‏تسلم إلا لهم والمدارس يجب أن يشرفوا عليها بشكل ‏كامل .‏

هذا كان سببه الفراغ الذي تركته الحكومة خلال ‏الفترة الماضية بالديمقراطية وانتشار الديمقراطية ‏من دون تطبيق القوانين، وقد أدى ذلك إلى وجود ‏هذه النتوءات وتطوّرت فيما بعد إلى مواجهات ‏شاملة.‏

‏* البعض يقول إن الحوثيين هم صنيعة السلطة؛ ‏فلماذا تحاربونهم إذا؟

ـ حين قامت الوحدة اليمنية في العام 90 كان هناك ‏حزب اسمه "حزب الحق" وهذا الحزب أنشئ ‏بحسب القوانين والأنظمة المعتمدة، هناك عناصر ‏في الحزب اختلفت في ما بينها وأدى ذلك إلى أن ‏يفرخ الحزب تنظيم "الشباب المؤمن"، وهو الجناح ‏المسلح في الحركة.‏

أما بالنسبة للحديث عن أن الحوثيين هم صنيعة ‏السلطة فإن السلطة تتعامل مع كافة الأحزاب ‏الموجودة باعتبار أن لها حقوقاً وعليها واجبات ‏تنظمها القوانين، فلماذا لا يفعل الحزب الاشتراكي ‏مثلا ما يفعله الحوثيون؟ ولماذا لا يقوم حزب ‏الإصلاح أو الناصري بنفس ما يقوم به الحوثي؟ ‏فالأمر شتان بين الحوثيين وهذه الأحزاب، ‏فالحوثيون تربوا على هدف معيّن يريدون تحقيقه، ‏وأنا أتمنّى من الإخوة الحوثيين أن يعلنوا سريعا ‏تمسّكهم بالدستور والنظام الجمهوري والنقاط الست ‏التي طُرحت عليهم بشكل كامل، نأمل أن يكون هذا ‏سريعا كي نستطيع أن نتحاور ونتحادث معهم.‏

‏* لكن الحوثيين أعلنوا أنهم موافقون على النقاط ‏الست والخلاف القائم هو حول من يبدأ بوقف ‏الحرب؟

ـ فليبدؤوا هم بفتح الطرقات وإزالة الألغام لإيصال ‏المعونات والتموينات إلى المواطنين في المديريات ‏المحاصرة.‏

** الوضع المقلق في الجنوب

ـ هناك توترات واحتجاجات في الجنوب تصل لحد ‏المطالبة بالانفصال، فهل يقلقكم ما يجري في هذه ‏المناطق؟

نعم، الوضع هناك يقلقنا جدا، ونحن على أتم ‏الاستعداد للجلوس والتحاور حول ما يخرج البلد من ‏هذه الأزمة تحت سقف الوحدة.‏

‏* هناك مطالب تدعو لفك الارتباط والعودة إلى ‏صيغة الجنوب العربي؟

‏- في ما يخص الجنوب العربي أريد أن أقول ‏لأصحاب هذا الطرح إننا في الأساس يمنيون، ‏ونعتبر أن اليمن مساحته كبيرة، وعرفنا آباءنا ‏وأجدادنا، ودرسنا تاريخاً إسلامياً وعربياً، وكل ذلك ‏يقول ويؤكد إن اليمن واحد من صعدة إلى سقطرى ‏ومن المهرة إلى أقصى الجزر اليمنية في البحر ‏الأحمر.‏

ما يتعلق بمطلب فك الارتباط فإننا لا نعترف بهذه ‏الأشياء ولا يمكن أن نقبل بها، وفك الارتباط ‏مصطلح تجاوزه الزمن؛ باعتبار أن هناك دستوراً ‏وقوانين تم إقرارها، مثل دستور دولة الوحدة ‏واتفاقية إعلان الوحدة، وحدث تغيير شامل في ‏الأنظمة على ضوئها، وإذا كانت هناك أية مطالب ‏فإننا على أتمّ الاستعداد للتحاور حولها، لكن في ‏إطار الوحدة والجمهورية والديمقراطية.‏

‏* هل طرحت لكم وساطات من دول عربية وأجنبية ‏لحلحلة ملف الجنوب، خاصة وأن أمين عام جامعة ‏الدول العربية عمرو موسى زار صنعاء قبل فترة ‏بسيطة؟

ـ لم تطرح علينا أية وساطات وجامعة الدول العربية ‏موقفها واضح من الأزمة، فهي معترفة بدولة واحدة ‏هي الجمهورية اليمنية.‏

‏* هل تقبلون بالحوار مع علي سالم البيض، الذي ‏كان شريكا في تحقيق دولة الوحدة؟

‏- إذا كان في إطار الوحدة والثوابت الوطنية فلا ‏يوجد أي مانع أن يكون الحوار معه ضمن ‏الحوارات التي دعا إليها رئيس الجمهورية.‏

‏* قيام الناس في المناطق الجنوبية بمظاهرات ورفع ‏أعلام دولة الجنوب السابقة وترديد الشعارات ‏الشطرية، ألا يعني لكم ذلك أن الناس بدأت تراجع ‏موقفها في هذه المناطق من دولة الوحدة؟

‏- نحن نعتبر مثل هذه السلوكيات والأفعال قضايا ‏جنائية، كالتقطّع في الطريق ونهب السيارات ‏والاستيلاء على المجمّعات الحكومية ورفع علم غير ‏علم الدولة، هذه قضايا جنائية يتم إحالتها إلى ‏المحاكم والنيابات أولاً بأول، أما القضايا المطلبية ‏والحقوقية فنحن على أتم الاستعداد للجلوس ‏والتحاور ومناقشتها مع الجميع وأن يأخذ كل حقه.‏

‏* لماذا ترتفع برأيكم هذه الأصوات في الجنوب، هل ‏لغياب الدولة أم لغياب الحزب الحاكم أم لغياب ‏العدالة؟

ـ الدولة موجودة في كل مكان، لكننا نعتبر ما يحدث ‏امتدادا لنتائج حرب عام 94، فبعد الحرب تم تغيير ‏الخطط في اتجاه آخر، أما بالنسبة لمن يريدون ‏استغلال مثل هذه المواقف بالمناداة بعودة الجنوب ‏العربي فهذه مرفوضة رفضا تاما ولا يمكن التعامل ‏معها بل إننا مستعدون لتقديم آلاف الضحايا لتثبيت ‏الجمهورية وحماية أمن اليمن وسيادته وحدوده ‏المعروفة .‏

‏* برأيكم ما الحلول للوضع القائم والمتأزم اليوم في ‏الجنوب؟

‏- الحلول أن نترك التشنجات والمظاهرات غير ‏الهادفة، وأن نعلن أننا يمنيون تحت نطاق الوحدة، ‏ونجلس لنتحاور لنصل إلى نتيجة لتحقيق المطالب ‏التي يمكن أن تتحقق في إطار الدستور والقانون.‏

**الحرب ضد القاعدة

‏* ملف "القاعدة" بدأ يكبر بشكل لافت في الآونة ‏الأخيرة إلى حد أن بعض وسائل الإعلام الأجنبية ‏صار يشير إلى الحاجة لتدخل أجنبي لمحاربة ‏القاعدة ، فكيف تتصورون أنتم خطر القاعدة في ‏اليمن؟

ـ القاعدة موجودة، وكلنا عايشنا أعمالها، خاصة بعد ‏أحداث 11 سبتمبر في الولايات المتحدة الأميركية، ‏ونأسف طبعا لما تم في عملية الاعتداء على ‏نيويورك من قبل القاعدة، وهذا يسيء لنا جميعا ‏كمسلمين، لأن الإسلام ليس وسيلة للقتل والذبح، كما ‏أنه لا يعني التفجير والتلغيم فالحديث يقول ادع لربك ‏بالحكمة والموعظة الحسنة.‏

مع ذلك فإننا نجد أن سياسة الولايات المتحدة نفسها ‏أخطأت في التعامل مع القاعدة بشكل كامل لأنها لا ‏تتعامل مع القاعدة على اعتبار أنها مجموعة ‏أشخاص لا يتجاوزون المئات، بل حولت ملياراً ‏ونصف مليار مسلم إلى إرهابيين، أسلوب التعامل ‏الأميركي وتسليطهم الإعلامي الكامل على القاعدة ‏يزيدها حجما وكبرا وهي ليست بهذا الحجم أو ‏الكبر.‏

القاعدة الموجودة في اليمن هي نفس المجاميع ‏والعناصر التي خرجت من أفغانستان بعد الانتهاء ‏من الحرب ضد الاتحاد السوفييتي، حيث ذهبوا ‏لمقاومة المد الشيوعي في أفغانستان بدعم كامل من ‏الولايات المتحدة ومختلف الدول الإسلامية.‏

هؤلاء عادوا إلى بلدانهم ولديهم أفكار ومبادئ دخلت ‏في رؤوسهم في أفغانستان وما هو موجود في اليمن ‏تقريبا هو موجود في معظم الدول الإسلامية، واليمن ‏كان من ضمن الدول التي أعلنت الحرب ضد ‏الإرهاب والقاعدة بالتنسيق مع الولايات المتحدة من ‏وقت مبكر.‏

اليوم بدأت أجهزة الإعلام تسلط الضوء على اليمن، ‏وكأن اليمن هو بؤرة للقاعدة رغم أن ما حدث ‏بالنسبة لعضو القاعدة النيجيري عمر الفاروق عبد ‏المطلب يؤكد أنه لم يدرس فقط في اليمن، بل أيضاً ‏في بريطانيا ودول أخرى، لكن الحكاية انه لفت ‏النظر إلى كونه درس في اليمن، رغم أنه جنّد ‏للقاعدة في بريطانيا.‏

مع ذلك فإنني أستطيع القول إن اليمن لديه القدرة ‏على ملاحقة عناصر القاعدة في أي وكر لها داخل ‏أراضي الجمهورية اليمنية.‏

‏* كم تتوقعون عدد عناصر القاعدة في اليمن؟ وهل ‏هم بالمئات أم بالآلاف؟

ـ لا استطيع الجزم بالعدد بشكل محدد، لكنهم ليسوا ‏بالآلاف بل بالمئات.‏

‏* هل كان لدى السلطات اليمنية معرفة بهذه القواعد ‏والمعسكرات أم أنها تلقت معلومات من الخارج؟

‏- القواعد والمعسكرات ليست ظاهرة وثابتة، ‏المعلومات موجودة من قبل الاستخبارات اليمنية، ‏وهنالك طبعا تنسيق في هذا المجال الاستخباراتي ‏والمعلوماتي مع دول خارجية، وبالأخص الولايات ‏المتحدة.‏

‏* لكن هناك حديث أن الغارات التي نفذت كانت ‏بصواريخ أميركية، ما ردكم؟ ‏

ـ الغارات الأخيرة نفذت عن طريق الأجهزة اليمنية ‏المختصة الأمنية والعسكرية بالتنسيق وعلم ‏الأميركيين.‏

** لا تواجد أجنبياً

‏* هناك جدل قائم ومتصاعد حول احتمالات تواجد ‏قوات أجنبية على الأراضي اليمنية لملاحقة عناصر ‏القاعدة، فهل يقبل اليمن بمثل هذه الأطروحات إذا ما ‏طرحت من قبل الغرب؟

ـ اليمن لا يقبل وجود أي جندي أجنبي داخل ‏أراضيه؛ لأن هذا يتعلق بسيادته على أرضه، ‏ويخطئ من يفكر بتدخل أجنبي في اليمن؛ لأنه سيجد ‏مقاومة ليس من الجيش اليمني فقط بل من 23 ‏مليون يمني يعارضون أي تدخل أجنبي في البلاد، ‏لكن إذا كانت هناك أي أشياء داخل اليمن تتعلق ‏بالقاعدة فاليمن قادر على ملاحقتها إلى كل وكر من ‏أوكارها.‏

الغرب إذا أراد أن يقدّم لنا مساعدات فيمكن أن تكون ‏مساعدات تنموية استخباراتية أو مساعدات في ‏التدريب، أما غير ذلك فهو مرفوض بشكل كامل، ‏والقاعدة في اليمن لا تشكل شيئاً وكلنا نذكر الدروس ‏التي حدثت في العراق وأفغانستان، فعندما فكر ‏الأمريكيون بغزو العراق كان لا يوجد فيها فرد أو ‏فردان من تنظيم القاعدة، لكن بعد الغزو تحولت إلى ‏‏"قاعدة للقاعدة".‏

والخطأ الذي تم ارتكابه في العراق ننصح ألاّ يتكرر ‏ارتكابه في اليمن؛ لأن اليمن لا يقبل بأي تدخل ‏أجنبي في أراضيه، وإذا كان هناك أشخاص يسيئون ‏لهذه الدول أو يمثلون تهديدا لها كالقاعدة فنحن ‏كفيلون بهم، واليمن قادر على مطاردة أعضائها إلى ‏كل وكر من أوكارهم. ‏

‏* هل تجدون تحالفاً بين القاعدة وقوى الحراك ‏الجنوبي رغم تباعد المواقف الفكرية بين الطرفين؟

ـ ربما أن لكل طرف هدفه، لكن تقاطعت مصالحهم؛ ‏فكل يريد أن يستغل الثاني لتحقيق هدف من أهدافه ‏التي يراها ولا يمانع أن يكون هناك تنسيقاً بين هذه ‏الجماعات، وأخص بالذكر محافظة أبين لأن ‏موضوع القاعدة مرتبط بالحراك في هذه المحافظة.‏

** مؤتمر لندن

‏* في ما يتعلق بمؤتمر لندن المقرر انعقاده أواخر ‏الشهر الجاري، ما هي معلوماتكم عن أجندة هذا ‏المؤتمر؟

‏- ما نعرفه أنه مؤتمر مخصص لدعم اليمن في ‏الجوانب الأمنية والتنموية؛ لأن الجوانب التنموية ‏جزء من الجوانب الأمنية وكيفية وضع سياسة لدعم ‏اليمن، ونحن نرحب بهذا الموقف، أما غير هذا فإننا ‏لا نرحب به ونرفضه جملة وتفصيلا.‏

‏* هل فاجأتكم دعوة رئيس وزراء بريطانيا ‏جوردون براون إلى مؤتمر دولي حول اليمن من ‏دون التشاور مع القيادة اليمنية، وحديثه أن اليمن في ‏طريقه ليكون دولة فاشلة؟

‏- لم تفاجئنا الدعوة بحد ذاتها، لكن لم نكن نتوقع ‏التوقيت الذي حدده براون، أما مسألة تقييمه بأن ‏اليمن دولة فاشلة فهو تقييم شخصي، وربما ‏المصادر التي يعتمد عليها ليست مصادر صحيحة، ‏فهو لا يستقي مصادره من مواقعها الصحيحة وإنما ‏عن طريق صحف أو أناس معادين للنظام ولهم ‏أهداف أخرى غير الأهداف التي تخص اليمن.‏

‏* وأنتم ما تقييمكم للدولة في اليمن؟‏

ـ الدولة قائمة بمؤسساتها وبحدودها وبكل ما يتعلق ‏بدولة بكل معنى الكلمة. ‏

‏* هناك حوار وطني من المقرر عقده نهاية الشهر ‏الجاري، هل في تقديركم أنه يمكن أن يخرج اليمن ‏من أزماته الداخلية؟ ‏

ـ الدعوة التي أطلقها الرئيس جاءت استجابة لمطالب ‏من الداخل والخارج بوجوب أن تفتح الدولة المجال ‏للحوار وهو حوار يشمل كافة اليمنيين بكل ‏توجهاتهم عدا الحوثيين وقوى الحراك؛ فعلى ‏الحوثيين أن يوافقوا ويلتزموا بتنفيذ النقاط الست ‏ويعلنوا تمسكهم بالدستور والنظام الجمهوري ‏وعندها أهلا وسهلاً بهم، ويمكن أن نتحاور معهم ‏والوضع نفسه ينطبق على الحراك في بعض ‏المحافظات الجنوبية شرط أن يكون في إطار الوحدة ‏والجمهورية والديمقراطية.‏

أما أحزاب اللقاء المشترك فقد وقعنا معها اتفاقية ‏فبراير لتمديد فترة مجلس النواب وسنبدأ -إن شاء ‏الله- حواراً جاداً خلال الفترة القادمة للتوصل إلى ‏آلية نفهمها جميعا في ترجمة هذا الاتفاق.‏

‏* هل أنتم متفائلون بالتوصل إلى نتائج ايجابية؟‏

ـ التفاؤل كبير. ‏

‏* وماذا عن الحوار مع تنظيم القاعدة؟

ـ القاعدة شيء آخر، فنحن لن نتحاور مع القاعدة إلا ‏بعد أن يترك التنظيم السلاح الموجود مع أعضائه، ‏وأن يُقدّم المتهمون بقضايا جنائية داخلية وخارجية ‏إلى القضاء. ‏

‏* في تقديركم ماذا يحتاج اليمن للخروج من أزماته ‏الراهنة؟

‏- يحتاج اليمن إلى تكاتف كل أبنائه، لأنهم جميعا في ‏سفينة واحدة، لذا يجب أن نتحاور ونعالج قضايا البلد ‏بروح المسؤولية وعدم المكايدة السياسية عن طرق ‏الحوار الهادف والبناء الذي هو مصلحة اليمن فوق ‏كل اعتبار ونترك المزايدات التي يمكن أن تقود ‏البلاد إلى كارثة -لا قدر الله.‏
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 22-ديسمبر-2024 الساعة: 03:04 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/2014x/77409.htm