الجمعة, 09-يونيو-2006
. اسلام اون لاين - أعلن مسئول عراقي ومتحدث عسكري أمريكي أن شريط الفيديو الأخير الذي ظهر فيه أبو مصعب الزرقاوي كان وراء تعرف المخابرات الأمريكية على مخبئه في بعقوبة، شمال بغداد، ومن ثم القضاء عليه، وأشارا إلى تعاون الأهالي مع أجهزة المخابرات في تحديد موقعه على وجه الدقة.

وأكد وفيق السامرائي مستشار الرئيس العراقي لشئون الأمن قول المسئول الأمريكي، في تصريحات صحفية مشابهة، أطلقها الخميس 8-6-2006 قائلا: إن شريط الزرقاوي الأخير الذي ظهر خلاله في 25 إبريل الماضي، ساعد المخابرات الأمريكية والقوات العسكرية في التعرف على مكان مخبئه.

من جهته أشار كلاد بيل المتحدث باسم القوات الأمريكية في العراق إلى أن شريط الفيديو ساهم في تحديد جغرافي لموقع الزرقاوي بجانب تعاون الأهالي؛ وهو ما سمح بشن غارة جوية عليه. وكانت القوات الأمريكية قد رصدت 25 مليون دولار مكافأة لمن يدلي بمعلومات تساعد في الكشف عن مخبأ الزرقاوي.

وعرض المتحدث خلال المؤتمر الصحفي صورا لجثة الزرقاوي، وشريطا مسجلا يصور مقاتلة أمريكية "إف 16" تلقي قنبلتين زنة كل واحدة 500 رطل على المنزل الذي كان يجتمع فيه الزرقاوي مع عدد من أتباعه. وأعلن المتحدث مقتل 7 أشخاص من بينهم امرأة وطفل في الغارة، مشيرا إلى أنه أمكن التعرف بسهولة على جثة الزرقاوي، من خلال تحليل البصمات.

اغتيال عبر الصورة

وكانت القوات الأمريكية قد وجهت انتقادات شديدة في وقت سابق لقناة "الجزيرة" الفضائية، لعرضها صورا للقتلى من الجنود الأمريكيين، بحجة أن عمل القناة يعد انتهاكا لاتفاقية جنيف الخاصة بمعاملة الأسرى.

وفي هذا السياق تستند القوات الأمريكية في نشرها لصورة جثة الزرقاوي على أن الإعلان عن الجثة بمثابة دليل على نجاح عملية اغتياله. واعتبرت ذلك تحفيزا لمعنويات الجيش الأمريكي، والمواطنين العراقيين على التعاون مع المخابرات الأمريكية.

وكانت القوات الأمريكية قد نشرت صورا لجثث عدي وقصي نجلي الرئيس العراقي صدام حسين عقب اغتيالهما في غارة أمريكية شمال العراق، عقب سقوط بغداد بعدة أسابيع، كما نشرت صورا لاعتقال الرئيس العراقي السابق صدام حسين، بعد إلقاء القبض عليه في مخبأ بأحد البساتين بالقرب من تكريت.

وفي المقابل تبرر قناة "الجزيرة" نشرها صور القتلى الأمريكيين بحق تداول المعلومات، وأهمية نقل الحقائق كاملة في ممارسة العمل الصحفي.

وكان الشريط الذي بثته الجزيرة الشهر الماضي بمثابة أول ظهر إعلامي للزرقاوي، واعتبره مراقبون رسالة إلى المتشككين في حقيقة وجود الزرقاوي. وحرص الزرقاوي خلال اللقطات التي استغرقت عدة دقائق أن يثبت لمشاهدي الفيلم أنه "حقيقة وليس أسطورة".

وظهر الزرقاوي في الشريط وهو يطلق النار من بندقية آلية أمريكية الصنع "إم 16" على هدف غير مرئي ويقف في منطقة صحراوية. ورجح خبراء عراقيون عقب عرض الشريط في الجزيرة أن تكون المنطقة التي جرى فيها التصوير تقع في محافظة الأنبار، وتضاربت التحليلات بعد ذلك حيث قال خبراء آخرون إن التصوير جرى في بعقوبة.

وبعد الإعلان عن اغتيال الزرقاوي في مكان قريب من بعقوبة، أصبح باديا أن بعقوبة كانت هي نفس المكان الذي شهد تصوير فيلم الزرقاوي، خاصة أن النبات الصحراوي الذي كان يبدو في الخلفية للصور، هو نبات "العاكول" المنتشر في محافظة ديالى التي تقع فيها بعقوبة. ويكثر هذا النبات بصفة عامة في الصحراء العراقية بمحافظتي الأنبار وديالى.

تحليل الصور

ولم تكن تحليلات الصور والأفلام عن الشخصيات التي تطاردها الولايات المتحدة منذ غزو أفغانستان عام 2001 هي الأولى من نوعها. فقد أعلنت وكالة المخابرات الأمريكية "سي آي إيه" منذ هجمات سبتمبر 2001 أنها تخضع الشرائط التي يبثها زعماء تنظيم القاعدة للتحليل على يد خبراء ومحللي صور وصوت للتأكد من شخصية من يظهرون بها.

وعقب بث أحد الشرائط التي ظهر فيها بن لادن في سبتمبر 2003 وهو يقف في منطقة جبلية، قامت قوات أمريكية بعملية عسكرية، في فبراير 2004 في إقليم بلوشستان الباكستاني. واستندت القوات في ضرباتها إلى تحليل الخبراء لموقع تصوير الشريط الذي أظهر أن بن لادن ونحو 50 من رجاله المقربين يختبئون في منطقة جبلية واسعة وعميقة، على بعد 16 كيلومترا شمال مدينتي خانوزاي وكويتا، في مقاطعة بلوشستان الجبلية غرب باكستان.

ولم تسفر العملية الأمريكية عن القبض على بن لادن، غير أن زعيم القاعدة، حرص بعد ذلك على الظهور في شرائطه وفي الخلفية ساتر لا يظهر معالم المكان الذي يجري فيه التصوير أو الموقع الجغرافي الموجود فيه. ومنذ أكثر من عام أصبح بن لادن يكتفي بإرسال تسجيلات صوتية له لفضائية "الجزيرة" ونشرها على بعض مواقع الإنترنت.

وتبعه في الحذر أيمن الظواهري الرجل الثاني في التنظيم، والذي كان يظهر في السابق أمام خلفية لمكان صخري أيضا، وبعد تعرض مخبئه في جبال تورابورا بأفغانستان للقصف أكثر من مرة، وإعلان الجيش الباكستاني في مارس 2004 محاصرته للظواهري في منطقة وزيرستان أصبح هو الآخر يظهر أمام خلفية لا تكشف المكان الذي يكون فيه

وفي السياق أكدت استطلاعات للرأي أجرتها "إسلام أون لاين.نت" عقب مقتل أبو مصعب الزرقاوي، وجود توافق بين الخبراء السياسيين، على أن تأثير مقتل زعيم تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، على عمل التنظيم في العراق سيكون محدودا، ولن يلبث أن يتعافى ويستعيد عمله بشكل طبيعي، مشيرين إلى أنه سيتلاشى دوره في استهداف الأردن.

وفي تصريحات لـ"إسلام أون لاين.نت" الخميس 8-6-2006 قال منتصر الزيات الخبير في شئون الحركات الإسلامية: "أعتقد أن موت الزرقاوي قد يسبب ارتباكا في صفوف تنظيم القاعدة في العراق، ولكن ذلك سيزول بعد وقت قصير ولن يستغرق وقتا طويلا". ويرى الزيات أن مجموعة الزرقاوي ستعاود عملها بمجرد أن تنتهي من هذا الارتباك، خاصة أن علاقة الزرقاوي بالقاعدة -حسب رأيه- في الأصل معنوية وليست عضوية. ويذكر الزيات أنه بمجرد أن ينتهي التنظيم من ارتباكه فسوف يبدأ في تنفيذ عمليات أخرى، بصورة عادية في الأراضي العراقية".

خصوصية الأردن

وفي السياق ذاته يؤكد الزيات أن الأردن سيخرج عن دائرة استهداف التنظيم بمقتل الزرقاوي. وأرجع الزيات ذلك التحول إلى أن استهداف الأردن كان له خصوصية لدى الزرقاوي نفسه؛ حيث إنه أردني-فلسطيني الأصل. ويقول الزيات: "لن يكون هذا البلد بعدا إستراتيجيا لعمليات مجموعة الزرقاوي من بعده لأن هذه الخصوصية انعدمت بموته". وكان تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين أعلن مسئوليته عن التفجيرات الثلاثة التي استهدفت 3 فنادق بالعاصمة الأردنية في نوفمبر 2005، وأسفرت عن مقتل العشرات من بينهم المخرج السوري مصطفى العقاد وابنته.

ويبين الزيات أن تأثير مقتل الزرقاوي سيكون محدودا، على المناطق الإقليمية التي شهدت عمليات تفجيرية خلال السنوات القليلة الماضية، مثل مصر والسعودية والمغرب. وأضاف أن هذه الجماعات التي نفذت عملياتها في سيناء مؤخرا وغيرها منفصلة تنظيميا عن مجموعة الزرقاوي. ويعتقد الزيات أن هذه الجماعات ستستمر في عملها متى سمحت لها الظروف، مشيرا إلى أنها ستستغل أي غفلة أمنية لتنفيذ أي عملية جديدة". وعن أثر مقتله على الجماعات المتعاطفة مع الزرقاوي قال الزيات: "إنها تختلف معه في الأجندة، وإن اتفقت معه في وسائل تنفيذ عملياتها، ولذلك لن تتأثر هي الأخرى بموته".

تأثيرات متفاوتة

ويتفق المحلل السياسي ياسر الزعاترة مع الزيات، في رؤيته حول أثر مقتل الزرقاوي على عمل التنظيم والمشتركين معه في نفس الأفكار. وقال الزعاترة: "إن تأثير مقتل الزرقاوي على المنطقة سيكون متفاوتا من بلد لآخر، غير أنه على المستوى العام، فإن التنظيم إما أن يتخذ خطابا أكثر اعتدالا أو يتبنى نهجا أكثر تشددا". ويؤكد الزعاترة أن تأثير مقتل الزرقاوي على تنظيمه في العراق سيكون محدودا، باعتباره أحد عناصر المقاومة في العراق، ويرتبط بنفس الظروف والأوضاع التي تحيط بالمقاومة وتؤثر فيها. ويعلق الزعاترة رؤيته أن تتوافق مع الواقع حسب رأيه في حالة أن تكون "هذه الظروف تتضمن تواصل الإمدادات من الرجال والدعم الخارجي، والاحتضان الشعبي للمقاومة، وبتواصل هذه الظروف، سوف يستمر التنظيم في مسيرته وإن كان سيؤثر مقتله في أعضائه معنويا".

رسالة اعتذار

ويعتبر الزعاترة أن عودة جماعة الزرقاوي للعمل في الأردن مستبعدة، مشيرا إلى أن "العمليات التي وقعت في الأردن وتبناها تنظيم الزرقاوي كانت عملا متسرعا ندم عليه في حياته، بعد شعوره من أن مثل هذه العمليات كادت أن تفقده تعاطف الجماعات السلفية الجهادية". وقال: "ربما تضمنت تصريحات له عقب هذه العمليات ما هو أشبه برسالة اعتذار". وكان أبو محمد المقدسي الزعيم الروحي للزرقاوي قد وجه انتقادات عديدة للزرقاوي بسبب استهدافه مدنين في عملياته.

ويرى الزعاترة أن باقي المناطق التي شهدت عمليات تفجيرية عليها بصمة القاعدة في مصر والسعودية والمغرب لن تتأثر بموته، مؤكدا أن العناصر التي نفذت هذه العمليات في تلك الأماكن هي شبكات منفصلة تماما عن الزرقاوي. وقال: "إن الجماعات المتعاطفة مع الزرقاوي في المنطقة لن تتأثر بمقتله، ولكن أظن أنهم سيستلهمون نموذجه بشكل أكبر، ليمثل بعد استشهاده صورة البطل".

ضربة موجعة


ويقدم الدكتور عمرو الشوبكي رأيا مختلفا عما أثاره الزيات والزعاترة، حول أثر مقتل الزرقاوي على عمليات تنظيمه في العراق، فقال: "أعتقد أن هذا النمط من الجهاد المتعولم والعابر للقارات سينحسر بعد أن تلقى ضربة موجعة باختفاء الزرقاوي، أحد أضلاع مثلث تنظيم القاعدة الذي يمثل بن لادن وأيمن الظواهري ضلعيه الباقيين". ويؤكد أن مقتله سيساعد في تصاعد دور التنظيمات المحلية، وهيمنة العراقيين على الساحة القتالية، وتنظيم القاعدة. ويشير إلى أن هذا الوضع سيجعل من خليفة الزرقاوي في قيادة التنظيم عراقيا في أغلب الأحيان. ويذكر أن هذا سينقل التنظيم من قيادة منغلقة، رافضة للحوار إلى قيادة يصفها بأنها أكثر انفتاحا، وأكثر قابلية للحوار".

في الوقت ذاته يشير الشوبكي إلى أن مقتل الزرقاوي سيكون له تأثير قوي، في حسر عملياته في الأردن، مشيرا إلى أنها كانت تنفذ بشكل مباشر من خلال عبور أعضاء التنظيم الحدود العراقية الأردنية. وشدد في رأيه على أن باقي المناطق الإقليمية التي استهدفت بعمليات تفجيرية في مصر والسعودية فإن "تأثرها بموت الزرقاوي سيكون شبه منعدم؛ لأنها مرتبطة أكثر بالبيئة المحلية وظروف كل بلد على حده".

ويحذر ضياء رشوان الخبير في شئون الجماعات الإسلامية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية بالقاهرة من التهوين من شأن جماعات المقاومة العراقية في العراق، بعد مقتل أبو مصعب الزرقاوي. ويقول في تصريحات لوكالة" رويترز: "إن الأمريكيين لجئوا بشكل متكرر إلى التهويل من شأن الآثار المحتملة لنجاحاتهم المتفرقة في العراق، وسيعيدون الكرة من جديد". واعتبر رشوان أن الزرقاوي لم يكن يمثل عنصرا مهما في عمليات العنف، على الأرض في العراق في الفترة الأخيرة. وأوضح أنه بالعراق جماعات أخرى غير متطرفة، وجماعات مقاومة ليست إرهابية، ازدادت قوة



تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 22-نوفمبر-2024 الساعة: 06:31 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/dostor/31459.htm