المؤتمر نت - يتعين على المشرع اليمني انشاء قضاء إداري مستقل يختص بالنظر في الدعاوى الإدارية كقضاء مختص بنظر الدعاوى التي يكون أحد أطرافها على الوجه الأدنى الإدارة ( مرفق عام ).

المؤتمرنت -الدكتور/جمال سلطان بن حريز -
بحث علمي جديد عن المنازعات القضائية والغاء الدعاوى في اليمن بجامعة عدن
إن الحديث عن المنازعات و الدعاوى القضائية بمختلف أنواعها يحتل مكانة خاصة في النظام القانوني, ونظراً لتميّز المنازعات والدعاوى الإدارية عن غيرها من المنازعات والدعاوى الأخرى بخصوصيات معينة, أهمها هو أن أحد أطراف الدعوى أو النزاع في الدعاوى والمنازعات الإدارية على الدوام هي الإدارة سواء أكانت طرف مدعي أو مدعى عليه, والتي تكون متمتعة بسلطات عامة وتجعلها الطرف الأقوى بين أطراف الدعوى أو النزاع.
وعادةً ما تتدخل الإدارة لتنظيم مناحي الحياة في كافة المجالات وذلك عن طريق إصدار القرارات الإدارية للمخاطبين بها, وهذا التدخل في كثير من الأحيان يحمل في طياته نوعاً من التعسف ذلك إن الإدارة تصبح أداة للتعسف في المجتمع.
وبناءً على ذلك وحفاظاً على حقوق الأفراد المتعاملين مع الإدارة, ولضمان المراكز القانونية للأفراد وحفظاً لمصالح المجتمع, كان لابد من تحديد الأسس اللازمة والكفيلة بضمان حقوق الأفراد, عن طريق فرض الرقابة اللازمة على أعمال الإدارة لمعرفة مدى ملامتها وتطبيقها لمبدأ المشروعية وسيادة القانون.
وهنا تبرز أهمية الحاجة إلى وضع أسس علمية وقانونية لصياغة أصول إجراءات التقاضي في المجال الإداري كأحد صور تفعيل الرقابة الإدارية على أعمال الإدارة وإخضاعها لمبدأ المشروعية وكذا ضرورة ملاءمة أعمال الإدارة وتصرفاتها مع الدستور والتشريعات القانونية السائدة.
ومن هنا تأتي هذه الدراسة في محاولة لتعزيز فكرة وضع الأسس العلمية والقانونية للجوانب الإجرائية للمنازعات, ولا سيما مع الاهتمام بتناول مواضيع القانون الإداري, وظهور توجهات نحو إنشاء محاكم إدارية متخصصة وذلك تمهيداً لإنشاء قضاء إداري مستقل, وبهذا فلاشك أن يقع الاختيار لموضوع اشتراط مدى استمرارية المصلحة في دعوى الإلغاء باعتبار المصلحة شرطاً أساسياً لقبول دعوى الإلغاء, ولكن قد تزول هذه المصلحة أثناء نظر الدعوى أو قبل الفصل النهائي فيها, ولمواجهة هذه الحالة اتجه القضاء الإداري في كل من مصر والأردن, وخلافاً لما استقر عليه قضاء مجلس الدولة الفرنسي إلى اعتبار الخصومة منتهية.
وما هو موقف المشرع اليمني من اتجاهات القضاء الإداري في كل من مص وفرنسا بالنسبة للمصلحة.
أولاً: مشكلة البحث:-
لقبول دعوى الإلغاء ينبغي أن يكون لرافعها مصلحة شخصية ومباشرة في إلغاء القرار الإداري المطعون فيه. وإذا كان لا يوجد خلاف على أن هذه المصلحة تتوافر إذا وجد الطاعن في حالة قانونية أو مركز قانوني أثر فيه القرار المطلوب إلغاؤه تأثيراً مباشراً فأن المشكلة التي تثور هناتتمثل حول الاختلاف في الاجتهادات القضائية والآراء الفقهية حول وقت توافر هذه المصلحة وطبيعة الدفع بانعدامها, وأثر ذلك على السير في الدعوى.
ثانياً: فرضيات البحث:-
يدور هذا البحث في هذا الموضوع حول عدة فرضياتتتمثل في الآتي:
هل لدعوى الإلغاء طبيعة خاصة انعكست على مفهوم شرط المصلحة فيها بالمقارنة مع شرط المصلحة في الدعوى العادية ؟
هل يكفي توافر هذه المصلحة عند رفع الدعوى ؟ أم يلزم استمرارها حتى الفصل النهائي فيها ؟
ما هو أثر زوال المصلحة أثناء النظرفي الدعوى بسبب زوال عدم المشروعية عن القرار المطعون فيه ؟
ماهي طبيعة الدفع بانعدام المصلحة وأثره على السير في هذه الدعوى؟
ثالثاً: أهمية البحث:-
لما كانت دعوى الإلغاء هي وسيلة الدفاع عن مبدأ المشروعية, ولما كان شرط المصلحة هو مناط هذه الدعوى وحجر الزاوية في إقامتها والسير بها إلى غايتها, فأن البحث فيه يغدو مهماً, خاصةً وأنه يتناول جانباً إجرائياً يتسم بندرة الأبحاث المتخصصة فيه, الأمر الذي دعانا إلى الكتابة فيه, لعلنا نسهم ولو بقدر يسير في دراسة هذا الموضوع الهام .
رابعاً: منهجية البحث:-
لقد اتّبعت في هذا البحث المنهج التحليلي التأصيلي المقارن, حيث قمت بتحليل مختلف الإحكام القانونية والاجتهادات القضائية والآراء الفقهية المتعلقة بموضوع البحث, كما قمت بتأصيل جزئيات هذه الدراسة في مجال الدعاوى العادية, وفي فقه القانون المدني وقانون المرافعات اليمني, باعتبار هذين القانونين يمثلان الشريعة العامة في مجال الإجراءات القضائية, وقارنت موقف القضاء الإداري المصري والأردني والمسائل المطروحة في موقفيهما, وتطرقت إلى بعض إحكام مجلس الدولة الفرنسي كلما دعت الحاجة إلى ذلك وبالقدر الذي يخدم أغراض هذا البحث, كما سنقوم في هذه الدراسة إلى بيان موقف المشرع اليمني من بعض القضايا المتعلقة بموضوع الدراسة ولا سيما أن المشرع اليمني قد اعترف بالخصومة الإدارية ولكن في إطار النظام القضائي الموحد, ولا يُعد إنشاء محاكم إدارية شبه مستقلة في كلٍ من العاصمة السياسية "صنعاء" أو العاصمة الاقتصادية والتجارية "عدن" بأن هناك قضاء إداري متخصص وإن كان من وجهة نظرنا المتواضعة نواة لتشكيل قضاء إداري مستقل .
وتشمل الدراسة على فصل تمهيدي وبابين وخاتمة, حيث نتناول في الفصل التمهيدي موضوع دعوى الإلغاء من حيث مفهوم الدعوى وتعريفها وكذا طبيعتها وخصائصها وشروط قبولها .
ومن ثم نتناول موضوع الدراسة الذي يتكون من بابين كل باب يتكون من فصلين, حيث نتطرق
في الباب الأول حول شرط المصلحة في دعوى الإلغاء حيث نتناول في الفصل الأول المدلول العام للمصلحة وذلك في مبحثين, حيث نتناول في المبحث الأول ماهية المصلحة مفهومها وتعريفها من حيث الدلالة اللغوية والاصطلاحية وذلك في مطلبين, ففي المطلب الأول نتناول مفهوم شرط المصلحة في اللغة العربية ومفهوم المصلحة من وجهة نظر الشريعة الإسلامية والنظم السياسية والقانونية, ومن ثم مفهوم المصلحة من وجهة نظر فقه القانون والقضاء, ونتطرق في المطلب الثاني عن شرط المصلحة كأساس لقبول الدعوى سواء أكانت الدعوى مقدمة إلى القضاء العادي أو قُدمت إلى القضاء الإداري وذلك استناداً للمبدأ العام " حيث لا مصلحة لا دعوى ".
أما المبحث الثاني نتناول فيه عن المصلحة في دعوى الإلغاء حيث نتطرق فيه إلى الطبيعة القانونية للمصلحة في دعوى الإلغاء وشروط قبولها وذلك من خلال مطلبين, ففي المطلب الأول نتناول مدى توسع شرط المصلحة في دعوى الإلغاء, وفي المطلب الثاني نتطرق إلى أنواع المصالح التي تبرر قبول دعوى الإلغاء مثال طعون الأفراد وطعون الموظفين وطعون الهيئات والجماعات, وكيف أن القضاء الإداري سمح لهذه الفئات برفع دعوى الإلغاء؟
وفي الفصل الثاني الذي نتطرق فيه إلى الأساس القانوني للمصلحة في دعوى الإلغاء ومدى استمراريتها حيث نتطرق إلى الطبيعة القانونية لدعوى الإلغاء وشروط قبولها وذلك من خلال مبحثين, حيث نتناول في المبحث الأول أوصاف شرط المصلحة في دعوى الإلغاء وذلك من خلال مطلبين, ففي المطلب الأول سنتناول فيه شرط المصلحة الشخصية والمباشرة مع التدليل على ذلك بأمثلة, وفي المطلب الثاني سنتناول فيه شرط المصلحة القائمة والمحتملة مع التدليل على ذلك بأمثلة .
وسنتناول في المبحث الثاني مدى توافر شرط المصلحة في دعوى الإلغاء حيث نتناول فكرة توافر المصلحة وذلك من خلال مطلبين, ففي المطلب الأول سنتناول فيه توافر شرط المصلحة وقت رفع الدعوى, وفي المطلب الثاني سنتناول فيه أثر زوال المصلحة وقت رفع الدعوى وأثناء مباشرتها.
ثم نتناول في الباب الثاني الوضع القانوني لاستمرارية المصلحة في دعوى الإلغاء وذلك من خلال فصلين, حيث نتناول في الفصل الأول المفهوم العام لاستمرارية المصلحة وذلك في مبحثين, حيث نتناول في المبحث الأول استمرارية المصلحة في الدعوى وذلك من خلال مطلبين, ففي المطلب الأول سنتناول فيه مفهوم الاستمرارية لغة واصطلاحاً وفي المطلب الثاني سنتناول فيه استمرارية المصلحة وقت رفع الدعوى وأثناء مباشرتها, وفي المبحث الثاني سنتناول فيه موقف القضاء والقفه من استمرارية المصلحة في دعوى الإلغاء من عدمها, وذلك من خلال مطلبين, ففي المطلب الأول سنتطرق فيه إلى موقف المشرع الفرنسي من اشتراط مدى استمرارية المصلحة في دعوى الإلغاء وذلك من وقت رفع الدعوى وأثناء مباشرتها دون أن يكون هناك ضرورة لاستمراريتها حتى الحكم النهائي فيها, وفي المطلب الثاني سنتطرق فيهإلى موقف المشرع المصري من اشتراط مدى استمرارية المصلحة في دعوى الإلغاء وذلك من وقت رفع الدعوى وأثناء مباشرتها وحتى صدور الحكم النهائي فيها بخلاف المشرع الفرنسي .
وفي الفصل الثاني الذي نتطرق فيه إلى تطبيقات القضاء الإداري عن المصلحة, وذلك في مبحثين, حيث نتناول في المبحث الأول تطبيقات القضاء الإداري عن المصلحة في دعوى الإلغاء, وذلك من خلال مطلبين, ففي المطلب الأول سنتناول فيهتطبيقات القضاء الإداري عن المصلحةوقت رفع الدعوى,وفي المطلب الثاني سنتناول فيهتطبيقات القضاء الإداري عن المصلحةوقت رفع الدعوى وأثناء مباشرتها, وفي المبحث الثاني سنتناول فيهتطبيقات القضاء الإداري عن تخلف المصلحةوقت رفع الدعوى, وفي المطلب الأول سنتناول فيه تطبيقات القضاء الإداري عن تخلف المصلحة وقت رفع الدعوى, وفي المطلب الثاني سنتناول فيه تطبيقات القضاء الإداري عن تخلف المصلحة أو عدم استمراريتها وقت رفع الدعوى وأثناء مباشرتها.
وأخيراً أفردنا حيزاً لخاتمة الدراسة حيث سعينا إلى صياغة عدد من النتائج والتوصيات التي خرجنا بها من هذه الدراسة منها:
1- يتعين على المشرع اليمني انشاء قضاء إداري مستقل يختص بالنظر في الدعاوى الإدارية كقضاء مختص بنظر الدعاوى التي يكون أحد أطرافها على الوجه الأدنى الإدارة ( مرفق عام ).
2- تأهيل القضاة العاملين في سلك القضاء, الذين قضوا فترة زمنية لا باس بها في السلك القضائي واستطاعوا اكتساب الخبرة القضائية التي تؤهلهم لممارسة مهنة القضاء في المحاكم الإدارية.
3- الاستعانة بالخبرات القانونية لأعضاء هيئة التدريس المتخصصين في القانون الإداري في الجامعات اليمنية للمساهمة في تأهيل القضاة للعمل في محاكم القضاء الإداري المزمع إنشاؤه – حسب راينا تعتبر المحكمة الإدارية في كلٍ من صنعاء وعدن نواه لقضاء إداري مستقل- لما يتمتعون به من خبرات وتجارب قانونية نظرية وتطبيقية.
4- الأخذ بتجارب الدول التي يقوم النظام القضائي فيها على القضاء الإداري المستقل مثل مصر, الأردن, العراق.. وتطبيقه على الواقع اليمني.
5- نتمنى على المشرع اليمني عند الأخذ بنظام القضاء الإداري المستقل أن يوسع مظلة الحماية القضائية وذلك بمنح المحاكم الإدارية المختصة بمختلف درجاتها نظر جميع المنازعات الإدارية, لتتحقق حماية القضاء الإداري لمصالح مختلف فئات وشرائح المجتمع.
6- يتعين على المشرع اليمني عند الأخذ بنظام القضاء الإداري المستقل أن يكون اجتهاده المتعلق بضرورة توافر شرط المصلحة في رافع الدعوى، وقت رفعها، واستمرار هذا الشرط قائم إلى أن يُفصل في الدعوى، بأن يكتفي بتوافر شرط المصلحة في رافع الدعوى عند رفع الدعوى فقط اقتداءً بما أستقر عليه قضاء مجلس الدولة المصري.
7- نتمنى على المشرع اليمني عند الأخذ بنظام القضاء الإداري المستقل أن يكون اجتهاده المتعلق برد الدعوى أن تدخلت الإدارة, وحققت للطاعن ما يسعى إلى تحقيقه من الدعوى، فيجب أن تمضي المحاكم الإدارية قدماً بنظر الدعوى والفصل فيها بالرغم من زوال مصلحة رافعها إعمالاً لمبدأ المشروعية وسيادة القانون.
8- نتمنى على المشرع اليمني عند الأخذ بنظام القضاء الإداري المستقل أن يمنح المحاكم الإدارية مساحة أكبر من التساهل في مصلحة الهيئات بأن تتوسع في قبول طعونها بالإلغاء ولا سيما الهيئات الخاصة كالنقابات مما يحقق الحماية القضائية الوافية لمصالحها.
*أستاذ بكلية الحقوق جامعة عـدن.




تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 01:31 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/109389.htm