كيف تدخل المرأة إلى الجامع ؟ المساجد بيوت الله فيها يعبد وفيها يذكر أسمه وهي خير البقاع على وجه الأرض، نسبها الله إليه وشرفها بإضافتها له فليست لأحد سواه قال تعالى: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً) (الجـن:18) وزواره فيها عمارها قال تعالى: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ، رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ) (النور:36-37). قال البغوي: تعظم فلا يذكر فيها الخنا من الأقوال وتطييبها من الأدناس والأنجاس ولا ترفع فيها الأصوات. وقال جل وعلا يمتدح عمّارها: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) (التوبة:18). فرسخ في النفوس تعظيم هذه البيوت لنسبتها الشريفة لله سبحانه، فمن يتوجه إليها يتوجه بنفس خاشعة وقلب خاضع لربه إذ هو يقدم على بيته. وهذه نظرة من الداخل وصور حية لبعض المشاهد التي يكثر تكرارها في المساجد، نذكرها مع توضيح بعض الأحكام المتعلقة ببيوت الله وصلاة الجماعة للحاجة لزرع تربية إيمانية صحيحة مبنية على الاتباع لهدي المصطفى صلى الله عليه وسلم. · البعض تدخل المسجد ومعها أطفالها تحرص على خلع حذائها لكي لا يتسخ فرش المسجد فما بال أحذية الأبناء لا تخلع، يدخلون وفي يد هذا إصبع حلوى والآخر علبة عصير، وتمسك البنت بأخيها الصغير تجفف دموعه بمناديل الورق حتى تنهي الأم صلاتها، ثم يخرجون ومغلف الحلوى على الأرض وبقايا المناديل تملأ المكان ولا أحد يلتفت منهم ليزيل شيئاً من هذا الأذى. · وأخريات يدخلن جماعة فيتنحين في أحد الجوانب يكملن حديثهن حتى إذا أقيمت الصلاة قامت إحداهن للصلاة وبقيت الأخريات مكانهن. · تدخل هذه متحرية للخير فتبادر بالصلاة ثم تتأخر فتجلس وتقام الصلاة وهي في مجلسها لا تدخل مع الجماعة. · تكبر للصلاة وغطاء وجهها أو نقابها في مكانه لم تنزعه، وتكمل صلاتها والمكان مصلى نساء ولا يوجد به رجل واحد لعلها لم تتجمل، ولا تريد أن ترى بلا زينة. · تقف في الصف ورائحة عطرها قد ملأت المكان وتستغرب كيف مرت هذه بين جموع الرجال خارج باب المسجد أو كيف ستخرج بعد انقضاء الصلاة. · تقام الصلاة وتصطف صفوف المصليات وتلك على حالها في الصف تصلي منفردة عنهن فتراهن قائمات وهي راكعة ثم هن ساجدات وهي رافعة. · تقام الصلاة وتصطف الصفوف وهذه متأخرة لا تدخل في الصف لأنه أول صفوف النساء، وأخرى مبتعدة عن الصف وترد أي يد تقربها، وتنظر فإذا الصف كثيرة فرجه كثير خلله. وحديثنا هنا عن مساجد تقام فيها الصلوات الخمس جماعة واحدة ذات إمام راتب كمسجد الحي. - نظافة المسجد رواه أبو داود. وفي هذا ترغيب في تنظيف المساجد مما يحصل فيها من القمامات القليلة فإنها تكتب في أجور العباد عند من لا يظلم مثقال ذرة وورد أيضاً الحث على تطييب المساجد ونظافتها في قول عائشة رضي الله عنها: "أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور وأن تنظف وتطيب رواه أحمد وأبو داود والترمذي. الدور المقصود منها المحال التي فيها الدور، فكانوا يسمون المحل التي اجتمعت فيها القبيلة داراً وعلى هذا يجب أن نربي في أنفسنا وأبنائنا الاهتمام بنظافة المساجد وصيانتها من كل ما يؤذي المصلين والملائكة حتى الرائحة الكريهة فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الناس. - المرأة والمسجد رواه البخاري. بل وكن يحضرن معه صلى الله عليه وسلم حتى صلاة الفجر في المسجد قالت عائشة رضي الله عنها "إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي الصبح فينصرف النساء متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس البخاري. - آداب خروج النساء للمساجد رواه مسلم. وإنما أمرن بذلك لئلا يفتن الرجال بطيبهن ويصرفوا أنظارهم إليهن، ويلحق بالطيب ما كان في معناه كحسن الملبس وإظهار الحلي فإنها إن تطيبت ولبست ثياب زينة حرم عليها ذلك ووجب منعها من الخروج قال صلى الله عليه وسلم : "أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهدن معنا العشاء الأخيرة رواه مسلم. وإذا كان هذا شأن الخروج للمسجد فخروجها لغيره من باب أولى أن تراعي فيه الحيطة والابتعاد عن مواطن الفتنة. ولا يحل المسجد لحائض أن تمكث فيه لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا..) (النساء: 43) قال أبن عباس رضي الله عنه: "إلا أنه خفف عن الحائض لأنها لا يجوز لها أن تمكث في المسجد ويجوز أن تمر وكان صلى الله عليه وسلم يأمر بإخراج النساء لصلاة العيد ليشهدن الخير وتعتزل الحيض المصلى. - تحية المسجد تحية المسجد يسن لمن دخلت المسجد أن تبدأ بركعتين تحية للمسجد قال صلى الله عليه وسلم : "إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس". قال الشيخ أبن باز رحمه الله: التحية للمسجد سنة لا تقضى وتسقط عن المسلم إذا دخل وهم يصلون وتكفيه الفريضة. وقال رحمه الله: لأن المقصود أن لا يجلس المسلم في المسجد حتى يصلي ما تيسر من الصلاة فإذا وجد ما يقوم مقام التحية كفى ذلك كالفريضة وصلاة الراتبة وصلاة الكسوف.." |